التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:05:29 غرينتش


تاريخ الإضافة : 10.02.2009 10:58:36

"الأخبار" تنشر النص الكامل لتقرير : المنديات العامة للتساور

صدرت مساء أمس، في اليوم قبل الأخير من الأيام الوطنية للتشاور، وثيقة وقعت باسم لجنة التقرير العام ، وقد حصلت وكالة أنباء الأخبار المستقلة على نسخة من هذه الوثيقة ، وهذا نصها:
التقرير العام

سعيا إلى إيجاد حل يسمح في إطار مقاربة توافقية، بعودة البلاد إلى وضع دستوري طبيعي، جرت المنتديات العامة للديمقراطية ما بين 27 دجمبر 2008 و 5 يناير 2009 في قصر المؤتمرات بنواكشوط.

وقد ضمت هذه المنتديات العامة ما يقارب ألفا وخمسمائة مشارك، ينتمون إلى مختلف المشارب السياسية والاجتماعية والمهنية لبلادنا: برلمانيون ، منتخبون محليون، ممثلون عن الأحزاب السياسية والمؤسسات العمومية المستقلة، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات النقابية، و أرباب العمل، والقضاة، والمحامين، وغيرهم من أعوان القضاء، والعلماء، وممثلي المهن الحرة، والصحافة الحرة، والجامعيين والشخصيات المستقلة.

وشارك في المنتديات ـ في خطوة غير مسبوقة ـ مندوبون جاءوا من مختلف مناطق البلاد وممثلون عن الموريتانيين المقيمين في الخارج.

وفي خطابه الافتتاحي أوضح الجنرال محمد ولد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للدولة رئيس الدولة، أن هذا اللقاء يشكل بداية منعطف من تاريخ مسارنا الديمقراطي، إذ يعطي الفرصة للشعب من خلال ممثليه الشرعيين في البرلمان والبلديات وفي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، لتدارس وضعيتنا السياسية الراهنة، وتحديد الآليات الضرورية لتنظيم انتخابات رئاسية ديمقراطية شفافة (...) والبحث عن مكامن الضعف في نظامنا الديمقراطي الفتي، وما يعيقه من نواقص، لمواءمته مع وضعنا السياسي والثقافي والاجتماعي.
ومن شأنه كذلك تحديد الفترة الانتقالية وموعد الانتخابات الرئاسية القادمة.

وحرصا على التأكيد في هذا المنحى على التزام المجلس الأعلى للدولة، باحترام القرارات والتوصيات التي ستتفق عليها أغلبية المشاركين في هذه المنتديات المفتوحة أمام كل الفاعلين السياسيين في البلد دون أي تمييز أو إقصاء".

وقد حرص المشاركون، تضامنا مع الشعب الفلسطيني الذي تعرض لعدوان بربري من الجيش الإسرائيلي فجر السابع والعشرين من شهر دجمبر 2008 على الوقوف ترحما على أرواح شهداء غزة، كما رددوا طيلة التظاهرة، شأنهم شأن الشارع الموريتاني التضامن تجاه فلسطين، بما في ذلك المطالبة بقطع العلاقات الديبلوماسية بين موريتانيا ودولة إسرائيل.
تنعقد المنتديات العامة للديمقراطية برعاية اللجنة الوطنية للإشراف برئاسة شخصية وطنية مستقلة، ممثلة في السيد عبد الله ولد الشيخ، وبعضوية ثلاثة أعضاء من الحكومة وستة برلمانيين واثنين من العمد.

وقد انبثقت عن هذه المنتديات سبع ورشات متخصصة هي:

- تنظيم السلطات العمومية ( الورشة1)

- المؤسسات العمومية ( الورشة2)

- تنظيم الانتخابات (ال ورشة3)

- الإشراف على الانتخابات ومراقبتها ( الورشة4)

- الجدول الزمني للانتخابات (الورشة5)

- المجتمع المدني ووسائل الإعلام والانتخابات ( الورشة 6)

- العمد كفاعلين في التنمية ودور المنتخبين المحليين في المسار الديمقراطي والانتخابي ( الورشة7)
وقد تواصلت أشغال الورشات ما بين 27 دجمبر 2008 و 3 يناير 2009 في جو مفعم بالحرية والمسئولية والصراحة والتسامح.

وينبغي الاعتراف بأن الأعمال ساهم في إنجاحها تنظيمها بمستوى عال من الفعالية، رغم اتساع التظاهرة وكثرة عدد المشاركين.

وتوجد محاضر هذه الورشات ملحقة بهذا التقرير حيث تشكل مع توصية الجمعية الوطنية جزءا لا يتجزأ منه.

وبالنظر إلى أهمية المناسبة، ومبدأ حرية التعبير الممنوحة للمشاركين فإن المنتديات العامة للديمقراطية كانت إلى حد ما بمثابة نقاش عام.

وفي هذا الإطار أعرب عدد من المتدخلين عن الرغبة في أن يتسع هذا الحوار الوطني ليشمل جميع الفاعلين السياسيين الوطنيين من منطلق الوئام الوطني والتسامح وروح الصفح، من أجل الوصول بسرعة وفي جو من التوافق إلى خروج من الأزمة، و إلى موريتانيا متصالحة مع ذاتها وقوية وديمقراطية ومزدهرة.

وقد حرص بعض المشاركين على التذكير في تناولهم لتاريخ البلاد قديما وحديثا، بالمشاكل والفرص المتاحة الآن، في إطار التوجه الحتمي للبلاد نحو المزيد من الديمقراطية.

وهكذا استطاع الكل أن يقدموا أو يستمعوا لعروض حول التطور السياسي للبلد، والأزمة المؤسسية التي قادت إلى حركة 6 أغسطس 2008 وتأثيراتها الحالية على المقترحات التي يفترض أن ترسخ الديمقراطية في بلادنا بشكل نهائي.

وقد ذكر المشاركون ـ وأحيانا الأحزاب السياسية ـ بالأهمية الاستراتيجية لبعض القيم الوطنية الحساسة، أو المطالب الاجتماعية كالإسلام ودوره المركزي في المجتمع والديمقراطية والوحدة الوطنية، والقضاء على الرق عبر التطبيق الفعلي للقانون الذي يجرم هذه الممارسة، وعودة اللاجئين واندماجهم بشكل جيد، ومراعاة مشكلة العائدين من السنغال، وتسوية أوضاع العسكريين المفصولين من الجيش، وتسوية الإرث الإنساني نهائيا، وترسيم وتطوير جميع اللغات الوطنية، ومراجعة مسطرة برامج وسائل الإعلام الرسمية، والتقاسم المنصف للسلطة والموارد الوطنية وإصلاح الحالة المدنية.

وقد ركز عدد من الخطباء على ضرورة الحكم الرشيد والرقابة من طرف المواطن ، وإضفاء الأخلاق على الحياة العامة وخاصة من خلال محاربة الفساد والرشوة واحترام قواعد الشفافية.
وقد تمت المطالبة بإلحاح بالعدالة الاجتماعية عبر رفض التهميش والدعوة إلى تساوي الفرص ومحاربة الفقر والجهل.

وقد كان مركز المرأة ومكانتها في المجتمع موضوع أكثر من تدخل، حيث كانت هذه المواضيع تحظى عادة بالتأييد.

وقد دافع المشاركون بل وأقنعوا الحضور في إطار منهجية تشاركية وسلمية بالمكسب المتمثل في تخصيص حصة 20% من المناصب الانتخابية للنساء، بانتظار أن ترفع هذه الحصة إلى 35% عام 2015 وفقا لأهداف الألفية للتنمية.

ونوقش تجديد الطبقة السياسية وبعبارة أخرى، تشجيع مشاركة الشباب في اتخاذ القرارات وفي المناصب الانتخابية.

وقد كان لمختلف وجهات النظر أصداؤها المتفرقة إن لم تكن متباينة حيث سمحت للمتدخلين بإثارة مسائل تعتبر على جانب من الأهمية أو العودة إليها للتركيز على مكامن التقدم أو التأخر ، أو تناغم أو عدم تناغم السياسات المتبعة في هذا المجال مع إبداء الآراء التي يعتقدون أن من شأنها رسوخ البلاد في الاستقرار والديمقراطية والتنمية المستديمة.

وتأييدا لهذه المداخلات تقدم عدد من المشاركين بمذكرات مكتوبة وغنية جدا.
وتم إبداء مختلف وجهات النظر بالترابط مع المواضيع المعروضة للنقاش وهي :

الدستور والمؤسسات والانتخابات

أولا: الدستور

تناول المشاركون التاريخ السياسي للبلاد ، مبرزين أهم مراحل التطور الدستوري وطنيا.
وعلى وجه الخصوص وبعد استعراض المعطيات الأساسية للقانون الدستوري، وأحيانا نظرياته الأكثر تطورا ( النظام البرلماني، النظام الرئاسي، دولة القانون، الشريعة والديمقراطية) قام المشاركون بتحليل نقدي لدستور 20 يوليو 1991 وتقييمه في ضوء الأزمة التي عرفتها البلاد مؤخرا مما قاد إلى تدخل القوات المسلحة وقوات الأمن في إطار حركة 6 أغسطس 2008 من منطلق الخروج من الأزمة.

وفي هذا الاتجاه تم إبراز ثلاث وجهات نظر: حيث اقترح الاتجاه الأول، ويشكل الأكثرية، تعديلا جزئيا للدستور في ثلاث نقاط على الأقل هي انتخاب رئيس الجمهورية وتنحيته، توازن السلطات بين رئيس الجمهورية والبرلمان وتحديد نظام دستوري للقوات المسلحة.

واقترح آخرون توازن السلطات بين رئيس الجمهورية والوزير الأول وإقرار إلزام رئيس الجمهورية بتعيين الوزير الأول من الأغلبية البرلمانية وإرساء مبدأ حجب الثقة عند إعلانات السياسة العامة للحكومة.

ووفق نفس المنظور، اقترح عدد من المتدخلين إعادة إصلاح أو إلغاء أو دمج المؤسسات الدستورية الأخرى (مجلس الشيوخ، المجلس الإسلامي الأعلى، المجلس الدستوري) بصيغ مختلفة.
أما التيار الثاني والذي تكرر مرارا، فيرى أن الدستور الحالي لا يختلف كثيرا عن دساتير بلدان أخرى، هو دستور جيد بذاته أو دستور لا توجد ضرورة ملحة لتعديله، وخصوصا في الظرفية السياسية الصعبة الراهنة، ويرجعون المشاكل السياسية الحالية إلى الممارسات أكثر منها لنقص في ترتيبات القانون الأساسي.

وبين وجهتي النظر المذكورتين يوجد تيار ثالث يعتقد ، على العكس، بضرورة اعتماد دستور جديد يأخذ في الحسبان السمات الاجتماعية والسياسية أكثر من ذي قبل، وخاصة فيما يتعلق بالوحدة والهوية وتقاسم السلطة السياسية، بشكل منصف بين مختلف القوميات.
ويصعب إبراز اتجاه النقاشات حول مسألة الإصلاح الدستوري هذه، لكون آراء المتدخلين كانت متعددة وقابلة للتأويل.

وفي هذا الإطار ، يمكن القول إن الرأيين الأولين يبرزان بوضوح، غير أنه يجب أن لا نستخلص أن نصوصنا الدستورية لا تحظى بالاستحسان المطلق: فحتى أنصار الرأي الثاني يعترفون بضرورة إثراء أو إكمال هذه النصوص في بعض جوانبها، وإن كان ذلك باللجوء إلى القانون العضوي، أو بالإمكانات الأخرى التي يفسحها قانون أو تنظيم الجمعيات.
وفي نفس السياق وردت عدة اقتراحات تهدف إلى تحديد شروط تنظيم وسير المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني، والخيانة العظمى، والدورات الاستثنائية (المواد 34، 53، 92 و93 من الدستور).
ولأجل الإحاطة بالموضوع نلاحظ أنه في إطار المناقشات المتعلقة بالدستور أجمع المتدخلون على أهمية تأطير المواطن عبر تربية مدنية جيدة، وعقلنة نظام الأحزاب السياسية، ودعم دور وسيط الجمهورية ووجود دولة قوية تحترم في ذات الوقت الحقوق والحريات.

ثانيا: المؤسسات

أ) الجيش

ضمن النقاش الدائر في إطار أو خارج موضوع تعديلات الدستور، أشار العديد من المتدخلين إلى أهمية القوات المسلحة في كنف الدولة العصرية.

وأبرزوا أهمية الجيش وخصوصيته مقارنة بباقي أسلاك الدولة، ونبل مهامه التي تطبعها روح التضحية وقوته بوصفه مؤسسة نظامية، ودوره كدرع يحمي ضد الأخطار الداخلية والخارجية، وخاصة حياده اتجاه النزاعات المحتملة التي قد تقسم الطبقة السياسية أو الأمة.
وفي هذا السياق ركز المشاركون على أهمية الدور الذي لعبته القوات المسلحة الوطنية طيلة تاريخ البلاد، وخاصة عند حدوث انسداد مؤسسي ، ولدى حديثهم عن الأزمة السياسية الأخيرة، طالبوا بإعطاء وضع دستوري للقوات المسلحة وقوات الأمن.
وفي هذا السياق، ودون التشكيك في أهمية القوات المسلحة الوطنية، أو في الاحترام الذي تستحقه، فإن هناك اتجاها قويا يطالب بإصلاح وعصرنة المؤسسة العسكرية، لتصبح مؤسسة وطنية وجمهورية تناط بها مهمة الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية، مؤكدين على ضرورة إبقائها بمنأى عن اللعبة السياسية والصراعات السياسية.
وبعيدا عن الاختلاف المنهي، فإن أنصار وجهتي النظر أعلاه يتلاقون بدون شك حول ضرورة اعتماد أدوات قانونية من شأنها تطبيق القواعد الدستورية التي تنظم الدفاع الوطني لتضمن بذلك رؤية أفضل للمؤسسة العسكرية ضمن الدولة، وتوضيح علاقاتها مع السلطة السياسية في ظل الديمقراطية.

كما أن عصرنة الجيش وتعزيز قدراته وكذا سن الخدمة العسكرية الإجبارية كانت كلها موضوع إجماع.
ب) الأحزاب السياسية

اشتكى العديد من المتدخلين من العدد المفرط للأحزاب السياسية، وطالبو باتخاذ إجراءات محفزة للتجمع في تشكيلات فعالة.

وفي هذا المنحى، ركزوا على شخصنة هذه الأحزاب وعدم وجود غالبيتها، حيث يتعذر عليها تعبئة الناخبين أو تحديد خط سياسي متميز، وتأسفوا للعجز الحاصل في الاتصال والديمقراطية والتشاور داخل هذه المؤسسات.

وإذا كانت هذه الرؤية المتشائمة لم تحصل على موافقة الجميع، وخاصة فيما يتعلق بالحل المقترح الذي اعتبر في آن واحد متشددا وصعب التنفيذ، فإن المشاركين اتفقوا بوجه عام على ضرورة مراجعة وتحسين النظام القانوني للأحزاب السياسية، ودعم قدراتها المؤسسية وإيجاد آلية مناسبة لتمويلها بشكل منصف، ومحاربة الترحال السياسي الذي يلحق الضرر بإرادة الناخب، ويضعف الأحزاب السياسية.

وفي الخلاصة, يتعين تشجيع ظهور أحزاب سياسية متماسكة وذات قاعدة ديمقراطية من أجل حماية الوحدة الوطنية، وقادرة على أداء مهامها الدستورية التي تتمثل في"التكوين والتعبير عن الإرادة السياسية".

ومن هذا المنطلق، وفى ضوء الحلول المعمول بها في القانون المقارن، يقترح المشاركون قيام آليات قانونية لمنع "الترحال السياسي" أثناء مدة الانتداب.

وتم كذلك تناول موضوع منع الترشحات المستقلة بإسهاب حيث كان مثيرا للجدل.

وقد عارض العديد من الخطباء هذه الظاهرة بشدة، معتبرين أنها تشكل مصدرا للانسداد المؤسسي الملاحظ.

وعلى العكس من ذلك دافع آخرون عن التمسك بمبدأ الحريات السياسية.

ج- المجتمع المدني

وطلب المشاركون،الذين انتقدوا تكاثر المنظمات غير الحكومية وضعف بل غياب تأثيرها ميدانيا وقلة وسائلها وافتقارها للاحتراف، بإعطاء عناية خاصة لهؤلاء الشركاء المؤسسيين في مجالات التمويل والتكوين، وغيرهما من أنواع الدعم الضروري.

وفى هذا الإطار،أكدوا ضرورة التسيير الشفاف للإعانات العمومية.

وأجمع المشاركون في المنتديات العامة للديمقراطية على المطالبة بمراجعة الإطار القانوني المنظم للمجتمع المدني وتنظيم العلاقات بين الإدارة والفاعلين غير الحكوميين، عبر الاعتراف أكثر فأكثر بدور المجتمع المدني في مسار التنمية المستديمة.

كما اقترحوا إحصاء المنظمات غير الحكومية ومشاركتها الفعلية في مراقبة الانتخابات وفى مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

د- وسائل الإعلام

أبدى المشاركون في المنتديات العامة للديمقراطية تعلقهم باحتراف ومهنية الصحافة حيث تجب مراعاتهما لدى تعيين مديري مؤسسات الإعلام العمومية، وحثوا على ضرورة حماية وتكوين العاملين في هذا الحقل وتقديم المساعدة اللازمة للصحافة الحرة.
وتأسفوا لكون التوصيات العديدة التي صيغت بمناسبة انعقاد الندوات والورشات حول الصحافة لم يبدأ تنفيذها.
وفيما يتعلق بالنظام القانوني الراهن، أعربوا عن الأسف للطابع القمعي لقانون الصحافة الذي يجب تعديله، وأوصى المشاركون باعتماد قانون حول حرية السمعيات البصرية والصحف الإلكترونية، ويأملون أن يكون بمقدور الهيئة العليا للصحافة والسمعيات البصرية ممارسة صلاحياتها وخصوصا في مجال تنظيم القطاع.

وأخيرا، طالبوا بحرية نفاذ الصحافة إلى مصادر الأخبار، وبانفتاح المؤسسات الصحفية العمومية على التعددية، كما يتطلعون إلى معاملة الصحافة العمومية والحرة على قدم المساواة، وإلى مشاركة الصحافة في مراقبة الانتخابات.
وطالبوا بتشجيع المؤسسة الصحفية ونشر الصحف لامركزيا وتخفيض تكاليف طبع الصحف.

ه- العمد والفاعلون المحليون الآخرون

فيما يتعلق باللامركزية، أوصى المشاركون بوضع برامج إنمائية على المستوى المحلى واللامركزية عبر النقل الفعلي للاختصاصات في مجالات التسيير والوسائل والصلاحيات العقارية.
وعبروا عن الرغبة في استحداث قطاع وزاري مكلف باللامركزية والتنمية المحلية وتخفيف الوصاية بالتزامن مع إشراك العمد في اتخاذ القرارات من طرف الدولة ودراسة وتنفيذ تقطيع انتخابي جديد أكثر إنصافا وتكوين العمد في مجالات التسيير وإعداد الموازنات ودعم قدراتهم في مجال الحالة المدنية وخاصة في الوسط الريفي. وطالبوا بوجه خاص بمراجعة تنظيم بلديات نواكشوط لضمان الاستقلالية الإدارية والمالية لكل منها.

وبخصوص النظام الانتخابي البلدي، اقترح المشاركون العودة إلى نظام الأغلبية وإلى الانتخاب التلقائي لرئيس اللائحة الحائزة على الأغلبية، عمدة.

اقترحوا منح وزن أكبر للعمد في نظام دعم المترشح للانتخابات الرئاسية وطالبوا بإيجاد حل لمشكلة السكان الذين لا ينتمون لإحدى البلديات.

واقترح المشاركون توزيعا عادلا للصندوق الجهوي للتنمية بين مختلف البلديات وزيادة عدد العمد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ثالثا: الانتخابات

أ- تنظيم الانتخابات

طالب المشاركون في المنتديات العامة للديمقراطية بأن تتخذ منذ البداية كافة التدابير اعتمادا على التجارب السابقة من أجل إعداد قائمة انتخابية شاملة وذات جدوائية.
كما أوصوا باتخاذ الإجراءات الملائمة لضمان مشاركة المواطنين المقيمين في الخارج في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث يتعلق الأمر بحق ثابت للمعنيين وبواجب للمجموعة الوطنية اتجاههم.
ولهذا الغرض، فقد أقروا مبدأ مراجعة استثنائية لقوائم الناخبين للانتخابات القادمة.


غير أن هذه المراجعة الاستثنائية يجب أن تراعى الناخبين الذين لم يسجلوا عام 2006 ( لاجئون عادوا مؤخرا، رعايا يقيمون في الخارج، شباب بلغوا سن الانتخاب، سكان المناطق ذات الهجرة الموسمية العالية). واقترحوا كذلك خفض السن الانتخابية إلى 16 أو 17 سنة.

ونظرا لضرورة توافق بيانات الحالة المدنية وقوائم الناخبين، فقد أوصى المشاركون بتزويد من لا يتوفرون على مستندات الحالة المدنية بهذه الأخيرة، وفي هذا الإطار تتعين المباشرة في لامركزية مصالح الحالة المدنية وإعادة صياغة النصوص المنظمة لأعوان الحالة المدنية.

وتناول المشاركون كذلك موضوع أهلية الانتخاب.

وحول هذه النقطة تم عرض ثلاث وجهات نظر:

- الأولى ترى أن أهلية الانتخاب يجب أن تكون حرة لبعض الأسلاك ( القضاة، العسكريون).
- أما الثانية فإنها تؤيد إخضاع القضاة والعسكريين لنظام عدم الأهلية النسبية طبقا للنصوص المعمول بها.

- بينما تؤيد وجهة النظر الثالثة نظام عدم الأهلية المطلقة لجميع هذه الفئات (القضاة، العسكريين).
ولابد من الاعتراف بأن هذه المسألة كانت موضوع جدل قوي : وإذا كانت فرضية أهلية الانتخاب دون قيد لم تصمد أمام النقاش فإن أنصار النظريتين الأخريتين قد دافعوا بعناد عن وجهات نظرهم.

وفي هذا الإطار، فان أنصار عدم الأهلية النسبية وهم يتذرعون بالتشابه مع القضاة وبحجة مستخلصة من مدونة الانتخابات يرون أنه لا مبرر لرفض أهلية الانتخاب للعسكريين، وهو ما يعترف به الدستور لجميع المواطنين ويورده القانون العضوي صراحة لصالحهم.
ومن جانبهم يرى أنصار فرضية عدم الأهلية المطلقة أن ترشح أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن في الظرف الراهن من شأنه أن يكرس اختيار الأنظمة العسكرية التي تعاقبت على السلطة منذ ثلاثة عقود، وأن من شأن منع مثل هذا الترشح وحده أن يقنع المواطن بإمكانية تنظيم انتخابات حرة وديمقراطية بعيدا عن تأثير المؤسسة العسكرية.

وحول هذه النقطة عموما، يمكن القول بأن الحجج القانونية للبعض تتعارض مع الحجج السياسية للآخرين.... وأمام هذه الوضعية، ربما نلاحظ رجحان فرضية عدم الأهلية النسبية وإستنادها للقانون.

ومن ناحية أخرى تناول بعض الخطباء شروطا أخرى لأهلية الانتخاب ( كفالة، قواعد دعم أكثر تعقيدا، تحديد عدد المرشحين، شروط الإقامة على أرض الوطن، عمر المترشحين، حسن السلوك).
وفي هذا الإطار، تم التركيز على غياب سوابق في مجال الرشوة وسوء التسيير واختلاس المال العام مثبتة قضائيا.

وقد فضل البعض سير الحملة الانتخابية التي اقترحوا تمديدها إلى ثلاثة أسابيع بالنسبة للرئاسيات خلال عطلة المدارس وخارج فترة سقوط الأمطار، كما يجب تحديد سقف لنفقات الحملة وكذلك منع التمويلات الخارجية أو إخضاعها على الأقل للتصريح مسبقا.

وحث المشاركون على ضرورة إجراء حملة انتخابية هادئة ومسؤولة مع حرص الإدارة العمومية على التقيد بالأمن العام أثناء فترة الانتخابات وحماية المترشحين والناخبين من أي نوع من أنواع العنف، كما يجب الحرص على المحافظة على مواقيت الصلاة.

وتم التأكيد على مبدأ البطاقة الوحيدة على أن تعد بما يكفل تسهيل وضمان حسن اختيار الناخب وخصوصا التخلي عن النظام الراهن ( حرف "ب" العربي) الذي يضلل أكثر من ناخب على أن يتم تحسين رؤية شعارات وصور المترشحين.

كما يجب تنظيم مكاتب التصويت ومواقعها وتوزيعها جغرافيا وفي هذا الإطار، ركز المتكلمون على ضرورة تخفيض عدد الناخبين في المكتب الواحد بحيث لا يتجاوز 300 في المكاتب الريفية و600 في المكاتب الحضرية مع ضرورة القيام بحملة تحسيس واسعة النطاق للناخبين.

وبوجه عام، يجب التقيد الصارم بحياد الإدارة العمومية.
كما يجب في جميع الأحوال عدم وضع أموال الدولة تحت تصرف أحد المرشحين لاستخدامها.
ولهذا الغرض، يجب التوقيع على مدونة سلوك من طرف جميع المترشحين الذين يتعين أن يقبلوا المشاركة في مناظرات عمومية وجها لوجه.

وفيما يتعلق بإعلان النتائج والنزاعات، أوصى المشاركون بتمديد أجل الاعتراض والحرص على تطبيق النظم المعمول بها بصرامة.

ب) الجدول الزمني للانتخابات

يرتبط جدول تنظيم الانتخابات إلى حد كبير بمدة الفترة الانتقالية. وفي هذا المجال ، ركز المشاركون على ضرورة إعطاء الوقت الكافي للمجلس الأعلى للدولة من أجل تسوية المشاكل وسير الفترة الانتقالية بشكل جيد. ويرى بعض المشاركين أن من الضروري أن تكون مدة الفترة الانتقالية 3 سنوات كحد أقصى للاستفادة منها لتسوية المشاكل الكبرى كالوحدة الوطنية والإرث الإنساني والرق وعودة اللاجئين ...الخ.

وعلى هذا الأساس دعا أصحاب هذه الاقتراحات إلى ترشح شخصية محددة للانتخابات الرئاسية المرتقبة.
وبالمقابل، اقترح خطباء آخرون فترة انتقالية أقصر لا تتجاوز 6 أشهر .

وفيما يتعلق بمسار الانتخابات، فإن المشاركين في غالبيتهم يرون أن الانتخابات الرئاسية هي وحدها الضرورية وإن كان آخرون يؤيدون تنظيم انتخابات تشريعية وبلدية .

وتوجد ثلاث وجهات نظر متميزة بشأن موعد الانتخابات:

- أولاها وتحظى بالأغلبية، تقترح تنظيم الانتخابات في أجل أقصاه 30 يوليو 2009.
- وتفضل وجهة النظر الثانية تنظيم هذه الانتخابات في مدة تتراوح بين 10 و14 شهر.
- بينما يحبذ أنصار الفترة الانتقالية الجيدة فترة أطول حسب ما ورد أعلاه.

وفي إطار اقتراح الأغلبية اقترح المشاركون على سبيل الاسترشاد جدولا زمنيا يصادف في الدور الأول يوم السبت 30 مايو 2009 على أن يكون الدور الثاني السبت 13 يونيو 2009.
ج) الإشراف ومراقبة مسار الانتخابات
حث المشاركون في المنتديات العامة للديمقراطية على الاستفادة من تجربة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عبر تزويد الهيئة التي سيعهد إليها بضمان شفافية وحسن سير العملية الانتخابية بسلطات ووسائل معتبرة من شأنها أن تضمن لها في ذات الوقت الاستقلالية والفعالية وكذلك الديمومة.

واقترحوا في هذا الصدد إسناد الإشراف على مجموعة جوانب العملية الانتخابية إلى هذه الهيئة، بما في ذلك مركزة وإعلان النتائج. وسيتم اختيار أعضاء الهيئة على أساس معايير موضوعية.
وحول هذه النقطة سيعهد إلى وزارة الداخلية كما هو الحال في الانتخابات الماضية، بتنظيم الاقتراع بالتشاور مع هيئة الإشراف على الانتخابات، وسيجرى اعتماد نظام للتعاون بين هذه الهيئة ومصالح الإدارة من أجل متابعة الانتخابات. ومن جهة أخرى، اقترح المشاركون إنشاء مرصد وطني للانتخابات يكون بمثابة بنية مستقلة ودائمة.
وفي هذا الإطار، يفضل المشاركون مسارا يخضع فيه الاقتراع للمراقبة الدولية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لجنة التقرير العام : نواكشوط 5 يناير 2009

صدرت مساء أمس، في اليوم قبل الأخير من الأيام الوطنية للتشاور، وثيقة وقعت باسم لجنة التقرير العام ، وقد حصلت وكالة أنباء الأخبار المستقلة على نسخة من هذه الوثيقة ، وهذا نصها:
التقرير العام

سعيا إلى إيجاد حل يسمح في إطار مقاربة توافقية، بعودة البلاد إلى وضع دستوري طبيعي، جرت المنتديات العامة للديمقراطية ما بين 27 دجمبر 2008 و 5 يناير 2009 في قصر المؤتمرات بنواكشوط.

وقد ضمت هذه المنتديات العامة ما يقارب ألفا وخمسمائة مشارك، ينتمون إلى مختلف المشارب السياسية والاجتماعية والمهنية لبلادنا: برلمانيون ، منتخبون محليون، ممثلون عن الأحزاب السياسية والمؤسسات العمومية المستقلة، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات النقابية، و أرباب العمل، والقضاة، والمحامين، وغيرهم من أعوان القضاء، والعلماء، وممثلي المهن الحرة، والصحافة الحرة، والجامعيين والشخصيات المستقلة.

وشارك في المنتديات ـ في خطوة غير مسبوقة ـ مندوبون جاءوا من مختلف مناطق البلاد وممثلون عن الموريتانيين المقيمين في الخارج.

وفي خطابه الافتتاحي أوضح الجنرال محمد ولد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للدولة رئيس الدولة، أن هذا اللقاء يشكل بداية منعطف من تاريخ مسارنا الديمقراطي، إذ يعطي الفرصة للشعب من خلال ممثليه الشرعيين في البرلمان والبلديات وفي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، لتدارس وضعيتنا السياسية الراهنة، وتحديد الآليات الضرورية لتنظيم انتخابات رئاسية ديمقراطية شفافة (...) والبحث عن مكامن الضعف في نظامنا الديمقراطي الفتي، وما يعيقه من نواقص، لمواءمته مع وضعنا السياسي والثقافي والاجتماعي.
ومن شأنه كذلك تحديد الفترة الانتقالية وموعد الانتخابات الرئاسية القادمة.

وحرصا على التأكيد في هذا المنحى على التزام المجلس الأعلى للدولة، باحترام القرارات والتوصيات التي ستتفق عليها أغلبية المشاركين في هذه المنتديات المفتوحة أمام كل الفاعلين السياسيين في البلد دون أي تمييز أو إقصاء".

وقد حرص المشاركون، تضامنا مع الشعب الفلسطيني الذي تعرض لعدوان بربري من الجيش الإسرائيلي فجر السابع والعشرين من شهر دجمبر 2008 على الوقوف ترحما على أرواح شهداء غزة، كما رددوا طيلة التظاهرة، شأنهم شأن الشارع الموريتاني التضامن تجاه فلسطين، بما في ذلك المطالبة بقطع العلاقات الديبلوماسية بين موريتانيا ودولة إسرائيل.
تنعقد المنتديات العامة للديمقراطية برعاية اللجنة الوطنية للإشراف برئاسة شخصية وطنية مستقلة، ممثلة في السيد عبد الله ولد الشيخ، وبعضوية ثلاثة أعضاء من الحكومة وستة برلمانيين واثنين من العمد.

وقد انبثقت عن هذه المنتديات سبع ورشات متخصصة هي:

- تنظيم السلطات العمومية ( الورشة1)

- المؤسسات العمومية ( الورشة2)

- تنظيم الانتخابات (ال ورشة3)

- الإشراف على الانتخابات ومراقبتها ( الورشة4)

- الجدول الزمني للانتخابات (الورشة5)

- المجتمع المدني ووسائل الإعلام والانتخابات ( الورشة 6)

- العمد كفاعلين في التنمية ودور المنتخبين المحليين في المسار الديمقراطي والانتخابي ( الورشة7)
وقد تواصلت أشغال الورشات ما بين 27 دجمبر 2008 و 3 يناير 2009 في جو مفعم بالحرية والمسئولية والصراحة والتسامح.

وينبغي الاعتراف بأن الأعمال ساهم في إنجاحها تنظيمها بمستوى عال من الفعالية، رغم اتساع التظاهرة وكثرة عدد المشاركين.

وتوجد محاضر هذه الورشات ملحقة بهذا التقرير حيث تشكل مع توصية الجمعية الوطنية جزءا لا يتجزأ منه.

وبالنظر إلى أهمية المناسبة، ومبدأ حرية التعبير الممنوحة للمشاركين فإن المنتديات العامة للديمقراطية كانت إلى حد ما بمثابة نقاش عام.

وفي هذا الإطار أعرب عدد من المتدخلين عن الرغبة في أن يتسع هذا الحوار الوطني ليشمل جميع الفاعلين السياسيين الوطنيين من منطلق الوئام الوطني والتسامح وروح الصفح، من أجل الوصول بسرعة وفي جو من التوافق إلى خروج من الأزمة، و إلى موريتانيا متصالحة مع ذاتها وقوية وديمقراطية ومزدهرة.

وقد حرص بعض المشاركين على التذكير في تناولهم لتاريخ البلاد قديما وحديثا، بالمشاكل والفرص المتاحة الآن، في إطار التوجه الحتمي للبلاد نحو المزيد من الديمقراطية.

وهكذا استطاع الكل أن يقدموا أو يستمعوا لعروض حول التطور السياسي للبلد، والأزمة المؤسسية التي قادت إلى حركة 6 أغسطس 2008 وتأثيراتها الحالية على المقترحات التي يفترض أن ترسخ الديمقراطية في بلادنا بشكل نهائي.

وقد ذكر المشاركون ـ وأحيانا الأحزاب السياسية ـ بالأهمية الاستراتيجية لبعض القيم الوطنية الحساسة، أو المطالب الاجتماعية كالإسلام ودوره المركزي في المجتمع والديمقراطية والوحدة الوطنية، والقضاء على الرق عبر التطبيق الفعلي للقانون الذي يجرم هذه الممارسة، وعودة اللاجئين واندماجهم بشكل جيد، ومراعاة مشكلة العائدين من السنغال، وتسوية أوضاع العسكريين المفصولين من الجيش، وتسوية الإرث الإنساني نهائيا، وترسيم وتطوير جميع اللغات الوطنية، ومراجعة مسطرة برامج وسائل الإعلام الرسمية، والتقاسم المنصف للسلطة والموارد الوطنية وإصلاح الحالة المدنية.

وقد ركز عدد من الخطباء على ضرورة الحكم الرشيد والرقابة من طرف المواطن ، وإضفاء الأخلاق على الحياة العامة وخاصة من خلال محاربة الفساد والرشوة واحترام قواعد الشفافية.
وقد تمت المطالبة بإلحاح بالعدالة الاجتماعية عبر رفض التهميش والدعوة إلى تساوي الفرص ومحاربة الفقر والجهل.

وقد كان مركز المرأة ومكانتها في المجتمع موضوع أكثر من تدخل، حيث كانت هذه المواضيع تحظى عادة بالتأييد.

وقد دافع المشاركون بل وأقنعوا الحضور في إطار منهجية تشاركية وسلمية بالمكسب المتمثل في تخصيص حصة 20% من المناصب الانتخابية للنساء، بانتظار أن ترفع هذه الحصة إلى 35% عام 2015 وفقا لأهداف الألفية للتنمية.

ونوقش تجديد الطبقة السياسية وبعبارة أخرى، تشجيع مشاركة الشباب في اتخاذ القرارات وفي المناصب الانتخابية.

وقد كان لمختلف وجهات النظر أصداؤها المتفرقة إن لم تكن متباينة حيث سمحت للمتدخلين بإثارة مسائل تعتبر على جانب من الأهمية أو العودة إليها للتركيز على مكامن التقدم أو التأخر ، أو تناغم أو عدم تناغم السياسات المتبعة في هذا المجال مع إبداء الآراء التي يعتقدون أن من شأنها رسوخ البلاد في الاستقرار والديمقراطية والتنمية المستديمة.

وتأييدا لهذه المداخلات تقدم عدد من المشاركين بمذكرات مكتوبة وغنية جدا.
وتم إبداء مختلف وجهات النظر بالترابط مع المواضيع المعروضة للنقاش وهي :

الدستور والمؤسسات والانتخابات

أولا: الدستور

تناول المشاركون التاريخ السياسي للبلاد ، مبرزين أهم مراحل التطور الدستوري وطنيا.
وعلى وجه الخصوص وبعد استعراض المعطيات الأساسية للقانون الدستوري، وأحيانا نظرياته الأكثر تطورا ( النظام البرلماني، النظام الرئاسي، دولة القانون، الشريعة والديمقراطية) قام المشاركون بتحليل نقدي لدستور 20 يوليو 1991 وتقييمه في ضوء الأزمة التي عرفتها البلاد مؤخرا مما قاد إلى تدخل القوات المسلحة وقوات الأمن في إطار حركة 6 أغسطس 2008 من منطلق الخروج من الأزمة.

وفي هذا الاتجاه تم إبراز ثلاث وجهات نظر: حيث اقترح الاتجاه الأول، ويشكل الأكثرية، تعديلا جزئيا للدستور في ثلاث نقاط على الأقل هي انتخاب رئيس الجمهورية وتنحيته، توازن السلطات بين رئيس الجمهورية والبرلمان وتحديد نظام دستوري للقوات المسلحة.

واقترح آخرون توازن السلطات بين رئيس الجمهورية والوزير الأول وإقرار إلزام رئيس الجمهورية بتعيين الوزير الأول من الأغلبية البرلمانية وإرساء مبدأ حجب الثقة عند إعلانات السياسة العامة للحكومة.

ووفق نفس المنظور، اقترح عدد من المتدخلين إعادة إصلاح أو إلغاء أو دمج المؤسسات الدستورية الأخرى (مجلس الشيوخ، المجلس الإسلامي الأعلى، المجلس الدستوري) بصيغ مختلفة.
أما التيار الثاني والذي تكرر مرارا، فيرى أن الدستور الحالي لا يختلف كثيرا عن دساتير بلدان أخرى، هو دستور جيد بذاته أو دستور لا توجد ضرورة ملحة لتعديله، وخصوصا في الظرفية السياسية الصعبة الراهنة، ويرجعون المشاكل السياسية الحالية إلى الممارسات أكثر منها لنقص في ترتيبات القانون الأساسي.

وبين وجهتي النظر المذكورتين يوجد تيار ثالث يعتقد ، على العكس، بضرورة اعتماد دستور جديد يأخذ في الحسبان السمات الاجتماعية والسياسية أكثر من ذي قبل، وخاصة فيما يتعلق بالوحدة والهوية وتقاسم السلطة السياسية، بشكل منصف بين مختلف القوميات.
ويصعب إبراز اتجاه النقاشات حول مسألة الإصلاح الدستوري هذه، لكون آراء المتدخلين كانت متعددة وقابلة للتأويل.

وفي هذا الإطار ، يمكن القول إن الرأيين الأولين يبرزان بوضوح، غير أنه يجب أن لا نستخلص أن نصوصنا الدستورية لا تحظى بالاستحسان المطلق: فحتى أنصار الرأي الثاني يعترفون بضرورة إثراء أو إكمال هذه النصوص في بعض جوانبها، وإن كان ذلك باللجوء إلى القانون العضوي، أو بالإمكانات الأخرى التي يفسحها قانون أو تنظيم الجمعيات.
وفي نفس السياق وردت عدة اقتراحات تهدف إلى تحديد شروط تنظيم وسير المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني، والخيانة العظمى، والدورات الاستثنائية (المواد 34، 53، 92 و93 من الدستور).
ولأجل الإحاطة بالموضوع نلاحظ أنه في إطار المناقشات المتعلقة بالدستور أجمع المتدخلون على أهمية تأطير المواطن عبر تربية مدنية جيدة، وعقلنة نظام الأحزاب السياسية، ودعم دور وسيط الجمهورية ووجود دولة قوية تحترم في ذات الوقت الحقوق والحريات.

ثانيا: المؤسسات

أ) الجيش

ضمن النقاش الدائر في إطار أو خارج موضوع تعديلات الدستور، أشار العديد من المتدخلين إلى أهمية القوات المسلحة في كنف الدولة العصرية.

وأبرزوا أهمية الجيش وخصوصيته مقارنة بباقي أسلاك الدولة، ونبل مهامه التي تطبعها روح التضحية وقوته بوصفه مؤسسة نظامية، ودوره كدرع يحمي ضد الأخطار الداخلية والخارجية، وخاصة حياده اتجاه النزاعات المحتملة التي قد تقسم الطبقة السياسية أو الأمة.
وفي هذا السياق ركز المشاركون على أهمية الدور الذي لعبته القوات المسلحة الوطنية طيلة تاريخ البلاد، وخاصة عند حدوث انسداد مؤسسي ، ولدى حديثهم عن الأزمة السياسية الأخيرة، طالبوا بإعطاء وضع دستوري للقوات المسلحة وقوات الأمن.
وفي هذا السياق، ودون التشكيك في أهمية القوات ا


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!