التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:10:54 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.02.2009 09:51:31

الحسين ولد مدو يكتب للأخبار: زمن الجنرالات

انقلاب السادس من اغسطس: الواقع والافاق

الحسين ولد مدو

الحسين ولد مدو

نفد صبرالرئيس ، ما عاد يحتمل متطلبات التعايش الصعب مع نظام برأسين ، ماعادت تعجبه حكومات الظل ، ولا اراد الاستمرار في الخضوع لدكتاتورية الطاعة بحجة الوفاء للوفاء ، ، نفد صبره من التصويب نحو محيطه السياسي والاجتماعي ،ما عاد الرئيس يتحمل سجنه الكبير ،
تطلب تغيير الوضع الملح من منظوره اعتماد شيء من التنكر المفيد للتغير، وفجاة القي ولد الشيخ عبد الله فجر السادس أغسطس بآخر ورقة ضمنها إقالة قيادات أركان الجيش والدرك والحرس والأمن ،
بثت الإذاعة الوطنية مرسوم الإقالة كل دقائق وباللغات الوطنية في ما أوحي بأن القرار الشرعي يبدو من وجهة نظر موقعيه غير مقنع يتطلب التكرار، أو غير متوقع يتطلب الإعادة ، اوهو بحاجة لنصوص تطبيقية فورية لم تتأكد بعد إمكانية الحاقها به ،
طلب الي وسيلة الاعلام الجماهيرية ـ بهذا المفهوم ـ الاضطلاع بدور جديد اضافة لمهامها التقليدية يتمثل في ان تكمل بتكرراها مرسوم الاقالة نقائص القدرة علي الفعل ، وان تعوض بحكم خصائصها وقدرة مستمعيها علي التخيل مصاعب تطبيق القرار في الواقع .
كان الرئيس علي وقاره والتزامه الديني يمارس قمارا سياسيا تختلط فيه لعبة الحظ بالسعي لالتماس أحسن المخارج علي المستوي الفردي لا الوطني ـ علي الاقل ـ عبرحسن التخلص من العسكريين او من الرئاسة .
تمثل جوهر الصراع بتجلياته العديدة في حقيقة وجود رئيس يريد ممارسة صلاحياته بوفاء اكثر للنصوص واخلاص اقل للأصدقاء ، لم يمتلك ولد الشيخ عبد الله لحظة القيام بذلك الاليات الفعلية الكفيلة بتنفيذ القرارت التي تدخل ضمن صلاحياته الخالصة ، فأفضت تجربة محاولة التحرر من ربقة الوفاء للأصدقاء الي انتكاسة للتجربة الديمقراطية الناشئة وانفتاح البلاد علي آفاق غير مضمونة ولا مأمونة ، وتمت ببساطة عملية تغيير وجهة سير الرئيس الي القصر نحو الجنرال وتحوير وجهة المسار الديمقراطي الي الحكم العسكري.
وهكذا حصل الانقلاب علي أول رئيس موريتاني تحمله الانتخابات الي القصر من خارج القصر ، ومبدئيا لايوجد انقلاب سيئ واخر جيد ، الانقلاب هو نوع من الردة بالمفهوم السياسي ، والانقلابات خروج علي طبيعة الاشياء وتحكيم للغة القوة وتحريف لقواعد اللعب النظيف ، ببساطة الجيش في السياسة يخيفني وأخاف عليه .
يجهد المؤرخون أنفسهم في استبيان التمايز بين الانقلابات في مسارها وصيرورتها ويشفعنا التاريخ قليلا بانقلابات اسلمت الي وضعية احسن ، وتلك عتبة تقييم لاحق لا تفيد شيئا في نفي التسليم القائل بان كل الانقلابات سيئة من الناحية المبدئية .
اثر انتهاء بعد التشويق الذي لم يدم ازيد من نصف ساعة ،بدات عملية تسويق الانقلاب من طرف القادة الجدد، ولان الضربة كانت مربكة وغير متوقعة ، جاءت عملية التسويق مسطحة وبسيطة ، واعلن التلفزيون استيلاء الجيش علي السلطة بعد اقالة ضباط سامين في اشارة لدرجة التخبط و الاستعجالية التي تطال صناعة المسوغات وعدم توفر برهة الزمن الكافية لصناعة الانقلاب اعلاميا بعدما تمت صناعته عمليا.
أضيفت لا حقا للمبررات الاولية توابل اقتصادية وسياسية جزئية غير مقنعة مثل أزمة الطينطان والاستبداد :وحملت ازمة الطينطان طابعا سياسيا مع أن تعاطي الرئيس معها لم يكن تقصيريا وتعامل الجنرال معها لن يكون مثاليا ، كما تم اتهام الرئيس السابق بالاستبداد الذي يمكن أن يصدق علي كل رئيس موريتاني ـ في المجيء أو الممارسة ـ باستثناء ولد الشيخ عبد الله ، ومن هذا الاستبداد الموهوم سيتم اقتراح التعديلات الدستورية اللاحقة حتي يبدو الطرح منسجما مع المبررات اللاحقة للبرلمانيين المساندين للانقلاب .
استقر المقام اخيرا في رحلة البحث عن المبررات من قبل النظام علي مصطلح انحراف المؤسسات الدستورية .
استقبل القائد الجديد الجماهيرالمؤيدة امام القصر علي طريقة الانقلاب الطائعي و كان التصريح الاول الذي القاه رئيس المجلس الاعلي للدولة مقتضبا يعلن فيه السعي لتوزيع العدالة ومحاربة الفساد ، قبل ان يتدرج في خطاب لاحق الي تقديم شبه برنامج تحدث فيه عن ما يشبه برنامجا طموحا لحكومة تحظي بتأييد واسع في وضع سياسي مستقر وشبه إجماعي!
و أوحي بأن الرجل الانتقالي يريد المقام وبأن المراحل الانتقالية التي تشكل أقواسا استثنائية ضمن المسار العام لم تكن هي المطروحة في الطبعة الجديدة .
وانطلقت باقي جوقة المبادرين دون كبير خروج عن المالوف في هذه المواقف مبادرة بالتاييد ومطالبة بالتابيد ، مع استثناءات مفارقة من وجهة نظري بحساب اصحابها وصفاتهم من قبيل جمعية اساتذة القانون الدستوري بجامعة انواكشوط التي تسارع لاصدار بيان باسمها يؤيد الانقلاب وزعيم المعارضة الوطنية الذي يسمي الانقلاب تصحيحا

                               في طريق البحث عن الشرعية

خارج زغاريد المؤيدين وتراتيل المساندين تملك النظام الجديد شعور رهيب بنقائص الشرعية في ظل غياب الشرعية التقليدية والشرعية الدستورية وتم التركيز علي البحث بتسارع عن شرعية الانجاز لدفع الجماهير الي تجاوز سؤال الاحقية نحو التساؤل عن المكاسب الحالية وإلى القفز من إشكال الشرعية نحوقضية المشروعية ، وفي هذا الصدد باشر المجلس الاعلي خطوات سريعة تميزت أساسا باعتماد محاور متعددة عكست حصيلة الأشهر الستة الاولي من الحكم العسكري
ويمكن استقراء هذه الفترة الزمنية من تشخيص واقع النظام القائم قبل تقديم استشراف لافقه وفق رؤية تحاول التاسيس لقراءة موضوعية للوقائع والدعوة في لتكريس حل توافقي بين فرقاء الساحة .
1 :قام النظام الجديد في اطار الوعي بنقائص الشرعية والسعي لتجاوزها بجملة اجراء ا ت وتدابير متنوعة كما طبعت طريقة تعاطيه وادارته للشان صبغة خاصة ومن بين تلك الاجراءات والسمات :
ـ اعتماد تجارب اتصالية اصيلة قائمة علي التواصل مع المهمشين من سكان انواكشوط والاحياء القصديرية الذين كانت فرحتهم عارمة بوجود الماسك بزمام الدولة وسط أشيائهم الصغيرة المتواضعة ،متعهدا بإنهاء مأساتهم في "التخطيط" ولو بدون كبير تخطيط ، كانت رمزية الفعل تحاول إكساء الرجل بعدا جماهيريا جديدا على تصرفات الرؤساء السابقين وتسعي لاكساب التجربة زخما شعبيا هاما تتهدده مخاطر الشعبوية ، ومن هذا المنظور تواصلت الزيارات العديدة وباشر النظام العسكري بعض الاجراءِات الاجتماعية محدودة التأثير مهمة الاثر .
ـ التركيز علي البعد الاجتماعي عبر تخفيض أسعار بعض المواد : الوقود ، الخبز الغاز مستفيدا من انخفاض اسعار النفط عالميا . والاهتمام بتفعيل البعد الاجتماعي في حياة المواطنين مثل تفعيل المستشفيات واقتناء بعض المعدات الفورية بفضل اقتطاعات يعوزها التناسق من ميزانيات بعض المؤسسات واعادة توجيهها للقطاعات الاجتماعية الاكثر حيوية .
ـ الاهتمام بالاستجابة الفورية للمتطلبات الظرفية :أدى حرص رئيس المجلس الاعلي علي محاربة الواقعية الزائدة لدي ولد الشيخ عبد الله الي الظهور بمظهر باعث الامل الذي يوزع الوعود الوردية في الاجتماعات ويتخذ القرارات الفورية في الزيارات في ما يؤسس لنوع من التعاطي المطبوع بكثير من الحسم وقليل من التخطيط ، يحقق حاجة ظرفية لكنه يهدد بحصول تسيير ارتجالي كارثي تعسفي لا يأخذ بالاعتبار الابعاد الكاملة لأي ملف .
ـ رفع شعار محاربة الفساد : أقدم النظام العسكري في سابقة من نوعها علي رفع شعار محاربة الفساد وهو الشعارالجديد الهام حال تطبيقه بالنسبة لأي عملية تنموية ، وعلي الرغم من جرأة رفع الشعار وغياب الطبعة الانتخابية في حمله ، فان ملف محاربة الفساد يبقي إشكالا مفرط الحساسية تجاه لوثة السياسة الانتقامية ، ويطرح دوما على السلطات العسكرية سؤالا كبيرا حول الصدقية في الاستمرار والمصداقية في الانتقاء .
ـ الجرأة في التعاطي مع الملف الفلسطيني سواء عبر استدعاء السفير الموريتاني أو تجميد العلاقات مع الكيان الاسرائيلي في قمة غزة بالدوحة ، في ما مثل ، بغض النظر عن السياق وطبيعة الفاعل والدافع ، استجابة هامة وغير مكتملة لتطلعات الشعب الموريتاني في هذه القضية .
2 : خارج إشكال الشرعية ارتهن النظام العسكري القائم لجملة معوقات حقيقة طبعت أداءه طيلة الأشهر الستة المنصرمة ، وسلخت عنه صفة الجدة في عديد الامور وجعلته موغلا في التقليدية والرجعية بالبعض الاخر ومنها :
ـ سيطرة البعد السياسي المتقادم في التعاطي مع الطيف السياسي : استقى النظام العسكري تعاطيه مع الخصوم السياسيين من منطلق الانقلابات السابقة التي كانت الجماهير تلتحق فيها تلقائيا بالمنتصر المتغلب ، يسقط الرأس وينسجم المرؤوس ، وكان علي المعارضين للانقلابات السابقة حينها الحسم بين خيارات ثلاثة الصمت والسجن والهجرة ، و لم يأخذ الحاكم الجديد بالاعتبار مستجدات الوضع الذي يطبعه سياق وطني تميزه الصحوة الديمقراطية ومناخ دولي يعارض الانقلابات وتمايز التجربة الجديدة في طبيعتها وتجذرها الديمقراطي ، كما لم يراع حقيقة أن الانقلاب لم يكن عسكريا خالصا يكتفي فيه المدنيون بالتفرج الممتع علي صراع الكوريدا العسكرية في انتظار ظهور المنتصر وخروج المهزوم ، بل تمت مواكبة صناعته وتسويقه من قبل نواب مدنيين قبل أن يجهز عليه العسكريون .
وترتيبا علي هذا المنطق الاحادي لم يقدم النظام أي إشارات انفتاح الي الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية ولم يعتبرها شريكا أصلا واعتمد سياسات التخوين والتهوين حيالها وحيال كل المبادرات المقدمة باعتبارها تجيب علي أسئلة غير مطروحة ومتجاوزة .
ـ سيطرة سياسة النفس القصير : طبعت سياسة النفس القصير العديد من الخطوات التي اقدم عليها لنظام مثل تنظيم المنتديات العامة للديمقراطية دون تهيئة ظروف النجاح لها ، اذ كان نجاحها مربوطا بالقدرة علي استقطاب المناوئين بينما اكتفت المنتديات بتأمين استقبال المساندين ، و طبعت سياسة النفس القصير هذه التعاطي مع الموقف الخارجي ،فبعد استنفاد اوراق المقايضة المتوفرة لدي النظام وهي المحصورة في : تقديم الحرية بالتقسيط لولد الشيخ عبد الله ، تنظيم المنتديات العامة ، التعجيل بتنظيم الانتخابات ، وبعد عدم تلمس الاستجابة المطلوبة فوريا اندفع القادة الجدد في قطع المسار مع احساس باليأس من تغير الموقفين باعلان الترشح غيرالرسمي للجنرال في ما مثل انهاء مبتسرا للمفاوضات وإعدادا لتسيير المسار بالإرادة المنفردة وتجذيرا للامر الواقع وانتقالا من برهة انتظار مرونة التعاطي لرهبة ترقب ردات الفعل .
ـ تراجع غير مسبوق في الحرية بمؤسسات الاعلام العمومية وهو التراجع الذي لا تبرره حتي استثنائية الظرف بخلاف مرحلة ولد الشيخ عبد الله التي تميزت بانفتاح مشهود في المؤسسات العمومية ،كما ان الزبونية السياسية ـ التي كنا نأخذها على ولدالشيخ عبد الله خصوصا في لحظات اللعب الاخير عبر اللجوء الي وسائل بدائية مكشوفة في مقايضة المؤسسات العمومية بالولاء ، تعود بجلاء وبقليل من الحياء في النظام الجديد وبات بالامكان استشراف نتائج الاجراءات الخصوصية لمجلس الوزراء بمجرد التسمر امام تلفزة موريتانيا ، فالمعينون المقبلون بالمناصب العليا هم الضيوف او المبادرون الذين تنقلهم وسائل الاعلام العمومية في حالة اعتزاز بتلبس اعلامي يبرهنون خلالها علي انهم الاكثر تملقا واستعدادا للانسلاخ من ذواتهم وللاساءة للرئيس الاسبق ولقيم المجتمع والمهنة، والأقل قدرة علي تقديم المفيد .
ـ استسهال العقوبات الخارجية :يعول النظام العسكري كثيرا علي حسم عامل التجذر الزمني في المراهنة علي استجابة الأطراف الدولية ، وعلي الرغم من توقف العديد من النشاطات حتي قبل مباشرة العقوبات ـ فقد ربط البنك الدولي أحزمته وحزم صندوق النقد الدولي امتعته وجمدت مشاريع عديدة نشاطاتها بالبلاد،ـ رغم كل ذلك و مع احتمال توقع المزيد، تولد وهم كبير لدى النظام مفاده أن موريتانيا كانتون صغير يمكن أن يعيش سعيدا بموارده وعوائده الذاتية .

                              شركاء متشاكسون..في انتظار الخارج

في ظل توزع المشهد الموريتاني بين معارضة تستعجل العقوبات وموالاة تستسهلها يرتهن وطن بامتياز ، فوت المتخاصمون أي فرصة للتلاقي أو لكسر الحاجز النفسي ، بقيت الجبهة عند حدود التباكي في النقطة الاولي واغتر المجلس بنشوة السير المنفرد وملأ الفضاء العمومي للنقاش إشكالات ثانوية يهتم أصحابها بتسجيل النقاط والمطاردات في النوادي والموائد الدولية .
ومع ذلك كانت كل المواقف الدولية واضحة علي تفاوت في تعاطيها في إدانة الانقلاب وفي دعوة الموريتانيين لحل توافقي يكفل العودة السريعة للحياة الدستورية ، وألقى الموقف الدولي دائما بالكرة في سلة الموريتانيين الذين قد يمكن اتفاقهم من تجنيبهم مكامن الخطر ، وتجاهل الموريتانيون أن الحل موريتاني بامتياز ، وباتوا يعولون لحسم المعركة على الأخر ، بينما يبدو الآخر محكوما بانفصامية مؤسفة تمليها مبدئيتة الأولية وبراغماتيته الفعلية ، ومن هذا المنطلق لن يقبل الفرنسيون ـ وهم الأوصياء ومن ورائهم الأوربيون ـ مكافأة جنرال أطاح بتجربة ديمقراطية ناشئة ولا يريدون كذلك التعويل علي جواد خاسر حتي ولو كانت خسارته لم تتم باعتماد قواعد اللعب النظيف ، وهكذا بات الاوربيون والافارقة ينتظرون الاتفاق بين الموريتانيين وظل الموريتانيون ينتظرون التدخل الاوروبي والافريقي الحاسم لصالح أحد الاطراف ، ووفق عملية تأجيل اتخاذ القرار ستترك موريتانيا لقدرها ولمواجهة العقوبات او الاستبداد وسيتذكر فرقاء الساحة أن أي قرار سيتخذ ضد فصيل سينال منه كل طرف نصيب، لأنه لن يقتصر في إجراءاته أو انعكاساته على عقوبات فردية بحق أعضاء المجلس الاعلي والحكومة .

قليل  من الوقت ...وخياران

مضت ستة أشهر على انقلاب الاسادس من اغسطس وامام السلطات القائمة قليل من الوقت و خياران حاسمان :
ـ الخيارالاول الذي لا يأمله أي مواطن مخلص يتمثل في تسيير المسار وفق الارادة المنفردة للنظام القائم وتكريس البعد الاقصائي دون إعمال للتشاور المحلي أو إصغاء للطيف الخارجي والاقدام علي تنظيم انتخابات بأرانب سباق لا تحمل الجدية المطلوبة ولا تكفل مشاركة الناخبين الموريتانيين والمنتخبين الجادين ، وفي هذارالخيار قد ينظم المجلس الاعلي الانتخابات وسيفوز بها وحتي لو كانت شفافة فلن تحمل أية مصداقية لا داخليا ولا خارجيا ، ولن تكفل مطلقا مسارا آمنا ولا بلدا مستقرا بل ستضمن فوز نظام يتم فيه التأسيس لمسار خطير محكوم بالترقب وتحكم نهاياته طبيعة تعاطيه و الفرقاء في الساحة الداخلية والخارجية ومستوي تململ الجبهة الاجتماعية .
أما الخيار الثاني: والمأمول فيتمثل في مباشرة حوار مسؤول يفضي الي حل توافقي تقدم فيه الأطراف المشاركة تنازلات مؤلمة تراعي حقيقة الظرف الحاسم ويتم فيه تجاوز العتبة الأولي التي كان شعارها الشرعية والمشروعية ، إذ لا خلاف أصلا حول الموضوع إنما الخلاف قائم حول الوضعية القائمة وآليات تجاوزها بطريقة مسؤولة تفرض تقديم التنازلات والتسلح بالحس الوطني المرهف .
إن هذه التنازلات المؤلمة تستمد وجاهتها - في منظورنا - من حقيقة الوضع الخطير الذي ينتظر موريتانيا ومن الإقرار بأن تعويل الجبهة علي التدخل الخارجي الحاسم لم يكن وجيها، وان اللحظة التي تأتي فيها قوة خارجية تعيد الرئيس الي السلطة أو تزيح الرئيس الواصل الي السلطة بانقلاب على الاقل مستبعدة استنادا إلى الوقائع المماثلة والسياق الدولي والوطني .
كما تؤسس هذه التنازلات مشروعيتها من كون تنظيم النظام القائم وفوزه السهل بانتخابات لا تشارك فيها أغلبية الموريتانيين لن يشكل مطلقا حلا للشرعية ولا ضمانا للاستمرارية وأن المراهنة على التجذر الزمني لالتحاق باقي المناوئين مناورة تنقصها الواقعية.
إن الطرفين مطالبان بتجاوز العتبة الاولي وتقديم تنازلات مؤلمة خدمة للوطن وتجنبا للاسوء. .


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!