التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:05:56 غرينتش


تاريخ الإضافة : 02.03.2009 11:16:10

النص الكامل لوثيقة مصدري الأسماك في موريتانيا

انتقدت وثيقة صادرة عن مكتب مصدري الأسماك الطازجة في موريتانيا السياسة التي تتبعها الحكومة في التعامل مع سياسات الصيد وأضافت الوثيقة:" إن تحرير التجارة والصناعة التي تنتمي بشكل صرف للحريات العامة، الفردية والجماعية والتي يضمنها الدستور والتي يجسدها القانون التجاري، لا يمكن إلغاؤها تخفيفا بمذكرات عمل ورسائل داخلية".
السياسة الأحادية التي تتبعها الجهات المعنية لتسيير القطاع وأضاف:" من حيث الأصل القانوني: يسمح بالتساؤل حول مشروعية هذه الإجراءات أن وزير الصيد لا يتوفر على أي صلاحية قانونية من أجل قوننة، وبالأحرى حظر الأنشطة التجارية، التي قام بها في قطاعه. إن تحرير التجارة والصناعة التي تنتمي بشكل صرف للحريات العامة، الفردية والجماعية والتي يضمنها الدستور والتي يجسدها القانون التجاري، لا يمكن إلغاؤها تخفيفا بمذكرات عمل ورسائل داخلية.
كما أن قانون الصيد، الذي هو مكلف بتطبيقه، لا يمنحه الصلاحية في مجال منع أو تأطير أنشطة تسويق الأسماك التي لا يمكن إقرار مقتضياتها التنظيمية إلا بموجب مرسوم يتخذ على مستوى مجلس الوزراء، وبالقطع بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالصيد، وعند الاقتضاء من طرف الوزراء المعنيين الآخرين، حسب المفاهيم الذاتية للقانون".

وهذا هو النص الكامل للوثيقة التي أصدرها المكتب بهذا الخصوص

مكتب مصدري السمك : مذكرة حول وضعية شعبة تصدير السمك الطازج

المضمون:
خلال الثلاثي من السنة المنقضية، اتخذت سلطات وزارة الصيد والاقتصاد البحري قرارات تمنع وعلى التوالي تصدير كوربين، تاسركال، بوري، طاوجا مثلجا أو مملحا (القرار رقم 0142 بتاريخ 28/09/ 08) ثم قرار منع تصدير تشوف، مارو ومرجان (القرار رقم 0247 بتاريخ 25/ 10/ 08) والتي تمثل في حد ذاتها أساس نشاط شعبة تصدير السمك الطازج، المثلج المملح/ أو المجفف.
وقد خشي الوزير أن ترافق هذه الإجراءات تصريحات غير متوافقة، عن طريق الصحافة خلال تمريرها أمام البرلمان أثناء مناقشته لميزانية 2009 وخلال زيارة العمل الأخيرة التي قام بها إلى نواذيبو ومؤخرا بحيث لم نستطع بشكل ضمني، أثناء المقابلة التي تفضل فخامة السيد رئيس المجلس الأعلى للدولة رئيس الدولة بتخصيصها لقادة مركزية أرباب العمل.
وقد كانت الغاية من هذه التصريحات هي شرح القرارات للرأي العام الذي فوجئ بشكل جماعي بالمدى المكشوف لارتجاليته، والعفوية والطلاقة التي بموجبها المصادقة عليا، فأخذت طابع حملة حقيقية للتعتيم، مقللة منهجيا من شأن المساهمات في الاقتصاد التي توفرها شعبة تصدير الأسماك الطازجة وملحقين الضرر بشكل مفتوح بالعاملين فيه.
إن الإجراءات التي نجد أنفسنا مضطرين للقيام بها بشكل سريع وعاجل لدى قطاعنا، حتى يتسنى له التقدير وبكل موضوعية، الأثر السلبي الأكيد لهذه الإجراءات على مقدرات القطاع وأثرها الرجعي على مساهماته في الاقتصاد الوطني والأضرار الخطيرة التي قد تنجر عنها بالنسبة للفاعلين الخواص العاملين في الشعبة، فضلا عن عدم فعاليتها مقارنة مع الأهداف المحددة، إنما بقيت وللأسف الشديد بدون جدوائية.
وفي الوقت الحالي، فإن النقاش يدور، بمبادرة من الوزير، ليس فقط في الساحة العمومية، من خلال وسائل الإعلام، وإنما أمام أعلى هيئات وسلطات الدولة، بنية بديهية، المساس من مصداقيتنا في أعين المراقبين غير الواعين، وأمام السلطات العمومية وفتح المجال أمام العقوبة الشعبية، وقد حضرنا كما لو كنا نشالين، فأصبحنا بمثابة حجر عثرة أمام رغبة فاعلي الخير الذين سيسلمون سمك السوق الجيد للمستهلك، من أجل إشباع شغفهم اللامحدود بالربحية بشكل يوجهون ضدنا الرأي العام والأسرية التي تعتبر ساذجة في نظر البرلمانيين.
إننا نحس اليوم بالواجب المعنوي والأخلاقي أن نتوجه من جانبنا أيضا، إلى السلطات وللرأي العام من أجل إظهار الحقيقة والحقيقة قبل كل شيء
ومن بعد ذلك التأكيد على استعدادنا الكامل للحوار الإيجابي والتعبير في آخر المطاف عن حسن نيتنا واستعدادنا المطلق للبحث مع القطاع عن الحلول المناسبة للمشاكل التي يؤكد أنه يريد حلها، حفاظا على مصالحنا المشروعة وعلى مصالح القطاع من خلال الحفاظ فضلا عن ذلك على مساهماته الصافية في الاقتصاد الوطني.
وعليه فإننا متمسكون أكثر من غيرنا بالتسيير السليم لهذا القطاع الذي استثمرنا فيه، والذي يعتبر تطهيره أفضل ضمانة لحياة شركائنا ولديمومة نشاطنا الاقتصادي الوحيد.
وليست من أهداف هذه المذكرة سوى تقديم مساهمة متواضعة أردناها أن تكون هادئة، مزيلة للحماسة وبناءة.

محتوى القرارات:
مذكرة العمل وقم 0142 بتاريخ 28/ 09/ 08 تتناول وبشكل بسيط وصرف منع تصدير كزربين وبوري، وتاسركال، ويطبقالحظر على السمك الطازج والمثلج، كاملا، بدون رأس وبدون أحشاء، وكذا السمك المملح والمجفف.
أما مذكرة العمل الثانية التي تحمل رقم 0247 بتاريخ 25/10/08 فتنص على أن تصدير الرخويات (الأخطبوط ، الكمبري، الحبارى) يصبح ابتداء من الآن ممنوعا انطلاقا من تراب الجمهورية الإسلامية الموريتانية. ويطال هذا الحظر المتعلق بهذه الأصناف المنتوج الطازج والمثلج، أما منتوج السفن الخاضعة لنظام الرخصة وتلك التي تمر عبر الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك فقد ظل مستبعدا من هذا الإجراء.

ومذكرة العمل الثالثة رقم 00163 بتاريخ 02/11/08 مددت لائحة الأصناف التي يعتبر تصديرها ممنوعا بإضافة سمك المرجان، تشوف ومارو. أما منتوج السفن الخاضعة لنظام الرخصة وتلك التي تمر عبر الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك فقد أعفيت أيضا من هذا الأجراء.

التبريرات المقدمة:
إن خلاصة المبررات المقدمة بالاعتماد على هذه القرارات تشير إلى أن هذه الأصناف مخصصة أساسا للاستهلاك الداخلي، من أجل تحسين الأمن الغذائي للمواطنين.
إن هذه النوايا التي هي بدون شك نبيلة للغاية، وظاهريا محايدة مقارنة مع مختلف أجواء القطاع، إنما دحضتها الإعفاءات الممنوحة لمنتوجات السفن العاملة بموجب عقود صيد على أساس نظام الرخص الحرة أو عبر المرور بالشركة الموريتانية لتسويق الأسماك. وقد يبدو من المعقول، في كل حالات الذكاء بأن لا تطبق على السفن الأجنبية مقتضيات تم إملاؤها لاعتبارات ذات طابع داخلي.
وعندما يتم تجريم أي قرارات أو لم يتم التصديق عليها من طرف المصالح العمومية الأخرى المكلفة بمتابعة عمليات التصدير، فإنها ما تلبث أن تطفو إلى السطح مطالب أصحاب المهنة. وقد أصدر القطاع المذكرة الداخلية رقم 006 بتاريخ 03/ 02 2009 التي منحت للفاعلين إمكانية الحصول على نسب من التصدير، محددة ومحدودة في الومن تحت طائلة تقديم ملفات تكون بشكل خاص ركاما ورقيا وذات طابع بحثي.
والرخصة التي أصدرت للشركة الأولى التي طلبتها بينت، حتى وإن كانت عابرة وقابلة للفسخ، فإن الآخرين لم يكلفوا أنفسهم عناء المجيء ولو إلى البوابة.

تحليل الإجراءات: الملاحظات التمهيدية من حيث الشكل
من المؤسف دائما أن يتم استنتاج بأن قائد قطاع الوصاية يحبذ أن ينصب نفسه مدعيا متحمسا، مفتتا الاتهامات المضادة للقطاع الذي هو مكلف بترقيته وكذات الفاعلين الاقتصاديين، بدلا من أن يكون محاميا عنه أمام الحكومة وتوظيف طاقاته ومؤهلاته لحل المشاكل الحقيقية التي تواجهه أحرى إضافة مشاكل أخرى جديدة، من أجل إغراقه أكثر في أزمة عميقة يتخبط فيها القطاع منذ سنوات طويلة.
وحيث تم تقديم هذه التوضيحات، فإن ثمة إجراءات بهذه الأهمية لا يمكن اتخاذها بشكل ارتجالي، دون القيام بدراسة مسبقة لمشاركتهم، وبدون تحضير دقيق وتقييم فرص النجاح وبدون مقارنة التأثيرات المحسومة للمستفيدين الرئيسيين والعواقب السلبية التي قد تتسبب فيها للفاعلين الآخرين وعلى مجموع القطاع.
وإذا كان الهدف المعلن هو تنظيم شعبة دائمة لتزود السوق المحلي وترقية استهلاك السمك داخل البلاد، فهل لم يكن من المناسب تقييم خبرات "سبام" التي أسستها الدولة بمساعدة من التعاون الدانماركي الذي مول بناء المصنع ووفر مرآبا رائعا من الشاحنات الثلاجة وحافظات الحرارة وصهاريج الماء وكذا التجهيوات والعتاد الذي لم تتبق منه سوى النفايا.
وبقبول تجريب المبادرة في انواكشوط في مرحلة أولى، قبل في مرحلة أولى قبل أن تمتد إلى الولايات حسب البرنامج الذي ما زال قيد الإعداد وإقامة مسمكات في العواصم الجهوية، فهل لم يكن من الحكمة البدء في الاطلاع على مصير الأرصدة العمومية التي تم ضخها بشكل مكثف من طرف الحكومة الانتقالية في عملية مشابهة قبل أن تفكر في حظر التصدير.؟
وليس من السطحي إطلاقا أن يتم التشاور مع أصحاب المهنة بنية الاستفادة من تجاربهم، والتحقق من انشغالاتها والاطلاع على ما وصلت إليه وتقدير عواقب الإجراءات المزمعة، وإشراكهم في التصور وأن تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق انتسابها الواعي والمشجع للإجراءات المزمعة، من خلال إعطائها في كل الحالات الزمن الكافي لتحضير نفسها بدلا من وضعها أمام الأمر الواقع بحيث لم تكن مشاركتها اللاحقة قد تم تقديرها بشكل كافي.
وهي مصادفة مدلول"التسيير التشاوري للمسمكات" الذي ألح عليه وبشكل حثيث بموجب مدونة السلوك من أجل صيد مسؤول متطابق مع ندوة كانكون، الذي يعتبر المجلس الاستشاري الوطني واللجان الاستشارية المحلية الإطار المؤسساتي المناسب لها.

من حيث الأصل القانوني: يسمح بالتساؤل حول مشروعية هذه الإجراءات أن وزير الصيد لا يتوفر على أي صلاحية قانونية من أجل قوننة، وبالأحرى حظر الأنشطة التجارية، التي قام بها في قطاعه. إن تحرير التجارة والصناعة التي تنتمي بشكل صرف للحريات العامة، الفردية والجماعية والتي يضمنها الدستور والتي يجسدها القانون التجاري، لا يمكن إلغاؤها تخفيفا بمذكرات عمل ورسائل داخلية.
كما أن قانون الصيد، الذي هو مكلف بتطبيقه، لا يمنحه الصلاحية في مجال منع أو تأطير أنشطة تسويق الأسماك التي لا يمكن إقرار مقتضياتها التنظيمية إلا بموجب مرسوم يتخذ على مستوى مجلس الوزراء، وبالقطع بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالصيد، وعند الاقتضاء من طرف الوزراء المعنيين الآخرين، حسب المفاهيم الذاتية للقانون.
ونعتقد بأننا ندرك، فضلا عن ذلك بأن مذكرة العمل ليست سندا نظاميا يتم فرضه على أطراف ثالثة، بل وإنما هي مجرد سند إداري بسيط ذا طابع داخلي على مستوى القطاع الذي أصدره. كما أن من الواجب، وحري بها كما هو شأن الرسالة الداخلية التي ليست سوى إشعار بسيط بمعلومات دون أن يكون لها طابع نظامي.
ومن المعلوم، فإن موريتانيا قد دخلت منذ أزيد من عشرين سنة في مسلسل تحرير وفك ارتباط الدولة بالقطاعات الإنتاجية يهدف إلى إقامة اقتصاد السوق وبلورة دور القطاع الخاص باعتباره محركا للنمو ومقلصا للفقر وعاملا للتنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد تم إلغاء بطاقة التصدير أوالإيراد ، ونظم الرخص المسبقة للتصدير أو الإيراد، التي أصدرت آنذاك من طرف وزارة التجارة وليس من طرف وزارة الصيد، فهل من المهم التذكير بأنه تم التخلي عنها ؟ لقد تخلت الدولة طواعية عن تلقين الأنشطة المنافسة لمصلحة اقتصاد السوق.
إن الرغبة في إعادة إقامة نظام اقتصاد موجه جديد بواسطة مذكرات العمل والرسائل الداخلية في قطاع منافس بهذا المستوى إنما قد يكون مناسبا لحقب تاريخية ولى زمنها.

تقييم تأثير الإجراءات مقارنة بالأهداف المحددة
دون التشكيك في أساسه الجيد على المدى المتوسط والبعيد، فإنه يجب معرفة أن ترقية استهلاك السمك على مستوى السوق المحلي ليس مسألة دقيقة ويجب إدراك ذلك، فهي محددة بعراقيل فنية صارمة (انعدام سلسلة تبريد، نقل واستقبال وحفظ وفقا لشروط النظافة والسلامة) واقتصادية (كلفة مرتفعة للمصاريف بسبب مصاعب النقل على إقليم ضخم مغطى بشكل ضعيف بطرق مواصلات، قدرة شرائية محدودة للمستهلك، خاصة داخل البلاد، منافسة كبيرة للحوم الحمراء الكثيرة والقابلة للتسويق الجيد) وسوسيولوجية (عادات السكان الغذائية)
أو لم نضع العربة قبل العجل، عبر إصدار إجراءات إرادية، وفرض، لقوله هكذا، استهلاك السمك في داخل البلاد قبل توفير أبسط الظروف التي تعتبر ضرورية لترقيته...؟
والوسيلة المثلى لتشجيع السكان على استهلاك السمك وتغيير عاداتهم الغذائية تدريجيا التي تعتبر جد متأصلة في تراثهم الاجتماعي والثقافي، أليست على النقيض من ذلك، توفير قدرة شرائية تسمح لهم بشرائها وفقا لظروف السوق؟
وفضلا عن ذلك، كيف يمكن زيادة القدرة الشرائية للمستهلكين بطريقة أخرى غير خلق فرص عمل مدرة للأجر تحركها في القطاعات الواعدة والتي يوجد على رأسها الصيد الصناعي؟
ولماذا تم وضع الاستهلاك الداخلي في منافسة التصدير في حين أنها محاور متكاملة، تطال بشكل أساسي أصناف مختلفة، والسوق الداخلي يستهلك ما بين 60% و 70% من إنتاج هذا القطاع التحتي، كون التمثيل الأفضل يتجلى في عرض وبشكل خاص في كل حلقة من السوق المنتجات التي تراعي مطالبه وتتماشى مع قدرته الشرائية؟
وتصوروا أن منتجي واحات آدرار ومنمو الحوضين أو مزارعي النهر حرموا من نقل بضائعهم نحو الأسواق الأكثر رواجا في انواكشوط وانواذيبو بحجة إعطاء الأولوية لتزويد الأسواق المحلية..؟ إن الأمر لن يعدو سوى عدم تثمين للإنتاج، ودون ضمانة للنتائج وعدم توفر القدرة الشرائية المطلوبة لدى المواطنين المعنيين، حتى وإن توفرت المنتجات. والمنتجون الذين يعاقبون بهذا الشكل والذين لن يكونوا مشجعين سيجدون أنفسهم مجبرين على الاستثمار في أنشطة تعتبر أقل مردودية وأقل إثارة للإهتمام.
وإن قمنا بعملية تمثيل بالكاد كاريكاتوري سنكون مدفوعين للتفكير بأن شعبة تصدير السمك الطازج والصيد التقليدي في مجمله، معرضة اليوم أكثر من ذي قبل لهذا الخطر الداهم، إذا لم يرفع ذلك الحظر وبدون تأخير. وفضلا عن ذلك فإننا نعرف بأن الفاعلين الذين لا مناص منهم في القطاع التحتي ليسوا فقط الصيادين بل ويمكن أن ينضاف إليهم بشكل خاص المستثمرون الذين يمولونهم مسبقا بأرصدة شبه ضائعة.
ويمكن للقوة التعهد بشكل سليم ببرنامج عمل يندرج في الفترة بغية تشجيع وبدرجة واسعة، استهلاك السمك داخل البلاد كما يمكنها إعانة الأسعار بهدف دعم القدرة الشرائية للمستهلك، خاصة الطبقات قليلة الدخل.
وسيكون بديهيا بطبيعة الحال أن تتحمل الدولة المصاريف اعتمادا على إرادتها السياسية وبأسبقية مع الإبقاء على تماشيها مع توجيهاتها الاستراتيجية، وأن تتفادى إعادة ارتكاب أخطاء الماضي والعواقب السيئة لتنمية عقلية ساعدوننا.
فيما يخص المساهمات الصافية في الاقتصاد الوطني
دعم ميزان المدفوعات:
ونترك للوزير مسؤولية تصريحاته عندما أكد أنه تلقى من محافظ البنك المركزي تطمينات بأن منع تصدير السمك الطازج، المملح أو المجفف، سوف لن تكون له أية عواقب على ميزان المدفوعات.
وبالنسبة لنا فإن الأصدق هي الأعداد الخامة التي تفيد بأن الشعبة كانت قد استرجعت خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة المنفرطة ما يعادل حوالي 15 مليون يورو.
قد يبدو هذا المبلغ مخيبا للأمل وزهيدا، في نظر التكنوقراطيين الذين اعتادوا العمل على أرقام مجردة، بيد أنه يكفي التذكير دون الغوص في بعيدا بأنه يمثل ما يقارب 20% من النصيب المالي المدفوع من طرف الاتحاد الأوروبي لاستخراج نصف مليون طن للسنة، أي عشر مرات أكثر من مجموع الصيد التقليدي وأقل قليلا من 8% من مجموع المساهمات الصافية للتحويلات التي وفرها كل القطاع.
ومهما يكن فإن المتابعة الإحصائية ومراقبة استرجاع العملات الصعبة، إنما يعنيان السلطات المالية وليس القطاع.
المساهمات في المداخيل الميزانياتية:
كما هو الحال بالنسبة للعالم، فقد سمعنا بأن منع تصدير السمك الطازج، المملح والمجفف، سيكون له أثر سالب (صفر) على المداخيل الميزانياتية. وسيكون من الأجدر، في المقام الأول، القول بأن الحقوق والرسوم المتعلقة بالتصدير تتم تصفيتها من طرف مكاتب الجمارك، عند نقطة الخروج من الإقليم الجمركي ويتم دفعها مسبقا على شكل مدفوعات، وتخليصها بواسطة خصم التصاريح شيئا فشيئا طبقا للشحنات.
وتصفية وقبض الحقوق الجمركية إنما ينتجان في كل الحالات عن صلاحيات إدارة الجمارك التي لا يحق للوزارة أن تحل محلها. وتتوفر لدينا وثائق تبرئة ذمة تبين تلك المبالغ المستلمة.
كما يسدد الفاعلون أيضا للخزينة العامة مداخيل ضريبية وشبه ضريبية يسهل التحقق من مبالغها لدى مفتشيات الضرائب وقبضات الخزينة، المسئولة عن تحصيلها (حقوق نفاذ، ضريبة غير مباشرة..).
المساهمة في الشغل:
تبرهن تحقيقات الإطار الدورية التي تنظمها "ايمروب" وإحصاء الشغل في القطاع، المقام بهما من طرف المصالح الخاصة بوزارة الصيد والاقتصاد البحري في 2006 على أن الصيد التقليدي يوظف ما يقارب 30.000 شخص، أي ما يعادل 80% من القوة العاملة في القطاع (36.000) ونصيب شعبة السمك الطازج في هذا العمل تقدر بحوالي 30% وهو ما يمثل على الأقل 9.000 منصب شغل مسدد الأجر، من شأنها ضمان دخل ثابت لعدد مماثل من الأسر الموريتانية.
الآثار الراجعة على الاقتصاديات المحلية:
إن الاقتصاديات المحلية، سواء على مستوى نواكشوط وانواذيبو وعلى مستوى القرى الساحلية التي تشكل مواقع إنزال، تستفيد من تأثيرات جوهرية رجعية مرتبطة بأنشطة الشعبة. وقد سجل مزودو عوامل الإنتاج (ماء، ثلج، كهرباء، هاتف، محروقات) والإمدادات (شركات جوية، وسائل نقل، تعبئة، محلات مؤجرة على مستوى أسواق السمك هنا وهناك والمعنيون بالصيانة والعبور والمطارات...) والأسواق المحلية (اقتناء مواد مختلفة، الكتلة المدفوعة الأجر التي يتم ضخها في استهلاك المنازل) وبدون شك، نقص ربح معتبر بسبب اتباع هذه الإجراءات.

موقع موريتانيا في السوق الدولي:
إن إلغاء ، حتى وإن كان مؤقتا، عمليات التصدير، سيدفع زبناءنا التقليديين إلى الإلتفات نحو مصادر تزويد أخرى، بغية الوفاء بالتزاماتهم إزاء زبنائهم الخاصين وضمان انتظام وسيولة عمليات التسليم التي تعتبر حاسمة في عملية الحفاظ على مواقعهم في سوق السمك الطازج، الذي يعتبر مجنحا بشكل خاص. وخسارة الأسهم في السوق التي ستتولد، ستتسبب في خسارة معتبرة لموقع موريتانيا في السوق الدولي، الذي سوف لن يكون من السهل استرداده، خاصة في بوتقة ضيقة خاضعة لمنافسة شرسة، في ظرف يتميز بأزمة مالية حادة.

من حيث ترقية الاستثمار:
لن يقبل بعد أي مستثمر خاص، ومهما كانت درجة تعقله، أن يتحمل أضرارا مالية في شعبة تنعدم فيها قابلية التطبيق ويكون فيها المناخ المؤسساتي مرتبط بمدة صلاحية رخصة ممنوحة، برغبة مطلقة من الإدارة ولمدد محددة للغاية. وأهم توقعات المستثمرين تتعلق بدون شك بأمن واستقرار الإطار القانوني والمؤسساتي المطلوب منهم العمل فيه، وكثافة وكلية قدرة السلطات بل والمفرطة أحيانا التي تود الإدارات انتحالها تارة على حساب القانون والإدارة نظرا للأشياء التي يخشون منها بشكل أكبر.
ومن هنا وانطلاقا من ذلك فإنه يخشى في أي وقت من مذهب فك الارتباط التدريجي للفاعلين الذين ما زالوا موجودين في هذه الشعبة، أما مجيء مستثمرين جدد فيبدو لنا من البديهي أنه بات من المستحيل، على الأقل أولئك الذين لم يشجعوا في وضعية مشابهة ونتصور النتائج الكارثية التي ستنجر بعد ذلك، بالنسبة لتنمية تراكم مؤهلات مناقضة، ومساهماته في تكوين الدخل الفردي الخام مثلا حيث سجل تراجعا بنسبة 1.72 نقطة لسنة 2007. وأرقام سنة 2008 ما زالت لم تنشر بعد، إلا أننا ننتظر حسب كل التصورات، بأنها ستشكل تراجعا وركودا محسوسا.
والتحدي الحقيقي الذي ندعو وزارة الصيد والاقتصاد البحري للاستثمار فيه وبشكل واسع هو تجاوز وإخماد هذه الأزمة بدلا من تأجيجها والعمل على تشجيع ترقية قطاعها الذي يحق للبلد أن يعلق عليه آمالا كبيرة عبر تحسين صورته في أعين المستثمرين العموميين و/ أو الخواص الوطنيين و / أو الأجانب، دون مضاعفة الإزعاج والإجراءات المعقدة والعراقيل أمام العاملين فيه.
الخلاصة:
وبمثابة خلاصة فإن الإجراءات الأخيرة لوزارة الصيد والاقتصاد البحري لا تبدو لنا مناسبة ولا ملائمة ولا واقعية في الظرفية الحالية.
إن ضعف مستوى استهلاك السمك في موريتانيا لا يعود فقط إلى عدم كفاية، حقيقة أو تخمينا، عرض المنتجات على الرفوف وإنما هو عائد لتداخل عدد من الأسباب سوف لن تقدم لها عملية منع أو تقليص التصدير الحلول الشافية.
لقد تم اختيار الوقت بشكل سيء للتنازل للإغواء السهل لاتخاذ ومن موقع سلطة إجراءات غير منتظرة وارتجالية من شأنها تعكير ظروف الاستغلال أساسا، مع خطر توليد آثار عكسية مقارنة مع الأهداف المتوخاة التي قد يحققها القطاع بشكل أفضل في ظرف الركود الحالي.
كما أن أصحاب المهنة أيضا، يطلبون يطلبون بشكل ضمني تدخل السلطات العليا للدولة للقيام في أقرب الآجال الممكنة، بإلغائها فقط وبكل بساطة، خدمة بطبيعة الحال للشعبة القطاع والبلد.
كما أن أصحاب المهنة يظلون فيما يعنيهم على استعداد وتحت تصرف القطاع والسلطات العمومية بغية دراسة الحلول المناسبة لتأمين وانتظام تمويل السوق المحلي بالسمك الطازج، إذا كانت تلك هي أهداف قرارات وزارة الصيد والاقتصاد البحري، دون أن تضع في حالة خطر وجود شعبة مهيكلة وواعدة.

انواكشوط بتاريخ 18/02/2009
مكتب مصدري السمك الطازج



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!