التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:19:27 غرينتش


تاريخ الإضافة : 19.03.2009 12:18:08

أحمد ولد وافي في حوار مع الأخبار حول الأزمة السياسية ودور الوسيط الليبي

الأستاذ أحمد ولد الوافي (تصوير وكالة الأخبار)

الأستاذ أحمد ولد الوافي (تصوير وكالة الأخبار)

ثوري وحدوي، عروبي الوجهة والهوية، في إيهاب إقطاعي إرواستقراطي، درس في المشرق العربي أيام أزدهار المد الثوري وغليان الروح القومية، تخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في القاهرة التي خرج منها طريدا 1970مع مجموعة من زملائه بسبب جسارته في الإعراب عن أفكاره ومعتقداته السياسية التي لم تكن تروق العزيز في قاهرة المعز الفاطمي.
رجع أحمد ولد الوافي إلى بلاده، بعد أن قاسم المقاومة العربية الفلسطينية في سوريا ولبنان الفعل النضالي ضد الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين. عاد إلى موريتانيا وعمل في شركة اسنيم فترة التوجه للتأميم وكتب في افتتاحية صحيفة الشركة تحت عنوان : "الحلم أصبح حقيقة" وأشرف على جوانب فنية في الشركة، ولكنه أدرك بمرارة لا تزال تستفزه أن البلاد يسيطر عليها الفرنسيون الذين أخذوا كل الأموال التي دفعها العرب وبقوا يسيرون الشركة بل إن مجلس الوزراء كان يسبق دائما بمجلس لمجموعة من الإداريين الفرنسيين كانت توجد في عدة قطاعات من الدولة الموريتانية لتوجيه السياسات العامة للبلاد وهو يعرف هذه المجموعة التي تتشكل من 16 إطارا فرنسيا كانوا فعلا يتولون صناعة القرار السياسي الإستراتيجي للنظام .. وعلى وقع حرب الصحراء تحرك الرجل مؤازرا الجهود والمساعي التي بذلها مدنيون وعسكريون أزاحوا نظام المختار ولد داداه10يوليو 1978 حيث تولى ولد وافي ملف العلاقات الخارجية وقام، كما يقول، بعمل كبير لأنه نجح في تحييد المغرب عن التأثير على الانقلابيين.
يرأس ولد الوافي الذي ولد في النعمة 1942 وتلقى تعليما محظريا في طفولته منذ عدة سنوات منتدى الفكر والحوار الديمقراطي الذي أقام العديد من الندوات الفكرية وأصدر نشرات وكتيبا عن واقع الثقافة والمجتمع في موريتانيا وهو لا يزال يعتقد أن ما هو موجود في موريتانيا ليس دولة وإنما سلطة فقط لم تصل لمراحل الدولة بالمفهوم العصري الناضج.
"الأخبار" ناقشت ضيفها في العديد من وقائع السياسة الآنية، ولكن الاستطراد التاريخي ظل مسيطرا في الحوار، لذلك فإن "الأخبار" تعرض لقرائها اليوم قراءة للحاضر السياسي اليوم برؤية تاريخية تنظر أكثر للحدث من زاوية أشمل دون الانحباس في تداعيات اللحظة الحاضرة.

فإلى نص الحوار:

الأخبار: يوما بعد يوم يتطور الوضع السياسي نحو مزيد من التأزيم كيف تشخص الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد خلال الأشهر الماضية.

أحمد الولد وافي: لا أوافق على أنه توجد أزمة حادة وإنما توجد حالة هي جزء من التطور الطبيعي، وقد تكون ثمة أزمة، ولكنها كانت متوقعة، وليست أكثر حدة من الأزمات التي مرت بنا فهذا البلد انبثق للوجود من أحشاء أزمات وكل أزمة تولدت عنها أزمة أخرى، وهذه واحدة من الأزمات التي وصلنا إليها ويبدو أنها ستصل لأزمات أخرى ولن تكون الأخيرة.
ولكن في اعتقادي أن المجتمع على ضعفه وعلى ظروفه استطاع أن يدير كل هذه الأزمات. الأزمة الأولى كانت أزمة وجود وبالنسبة للجيل الجديد استقلال وبالنسبة لي أنا لا أعتقد أن هناك استقلال، فالاستقلال الذي في ذهني هو ما عبر عنه الشاعر 1958 (الاستقلال أل ماه مفهوم ***معناه أل ماه متباخل) (الاستعمار الداخل ملموم *** فجو الاستقلال الداخل)هذه هي النشأة وهي كما يقول الفقهاء شرط النهاية تصحيح البداية.
وهي نشأة لم تكن صحيحة، فالنشأة الطبيعية أن تكون هناك مقاومة للاستعمار، وأن تنتصر هناك المقاومة بشكل أو بآخر وأن تبدأ مرجعية المقاومة كمرجعية وطنية، وهذا ما حرمنا منه في موريتانيا وانظروا إلى إخواننا العرب في الجزائر والمغرب وتونس كل واحد منهم لديه مقاومة وطنية للاستعمار تكبر أو تصغر وبالتالي نحن افتقدنا المرجعية الوطنية ونشأنا نشأة خاطئة في أحضان المستعمر وبإرادته وبمصطلحاته وبثقافته، وهذا ما وثقته وكتبته.
لا بد أن تنتبهوا إلى أننا كنا نحن كجيل قبلكم نفتح القاموس لكي نعرف هل هي الحكومة بفتح الحاء أم بضمه، وكذا هل هي الجمهورية بضم الجيم أم فتح الجيم.
على سبيل المثال النشيد لا نعرف كلماته لأنه فرض علينا فرضا وهو يتضمن كلاما صوفيا قاسيا رافضا للإبداع ومؤسسا للجمود.
وما أريد أن أصل إليه هو أن نشأة هذا الكيان هي نشأة خاطئة ونحن ابتلعنا هذه النشأة تحت دعايات أن المغرب يطالب بنا والسنغال ومالي تطالب بنا وصوروا لنا أن الحل يكمن في ألا نكون مع أحد الطرفين وهذه هي الصورة الجوهرية لنشأة هذا البلد، والمستعمرون ومن يتعامل معهم خلقوا نوعا من الخوف المستمر خصوصا من الشمال، فنحن إذن، نشأنا في أزمة وانتقلنا أيضا إلى أزمة قاسية جدا في حرب الصحراء التي خلقت شرخا ما بيننا وإخواننا في الشمال وبالتالي فهي حرب أهلية لأنه كان الأخ يقتل أخاه وخرجنا منها بصعوبة بانقلاب عسكري ولما خرجنا من الحرب كانت 1900جندي قد قتلت وكان أشقاؤنا المغاربة يحتلون الأرض بـ35ألف جندي، وٍأبوح لكم بسر وهو أنني كنت من جماعة حاولت التفاعل مع المؤسسة العسكرية للإطاحة بالنظام في ذلك الوقت الذي هو نظام المختار و من الطريف أن البعض كان يعتبره نظاما منتخبا ولكنه منتخب بــ99,99.
ولن ننسى أن العضو في مجلس النواب كان يوقع استقالته على بياض وكان نظام الحزب الواحد وكان هو الصيغة المعتمدة وهو لم يكن من الأنظمة الديمقراطية التي يمكن أن نتأسف عليها، مع أنني أعتبر أنه ساهم مساهمة ما ويجب ألا نحرمه من حقه التاريخي من خلال الاعتراف بإسهاماته وإنجازاته وذلك ما يمكن أن نرجع إليه في مناسبة أخرى.

الأخبار: بما أنكم أحد المعايشين للتاريخ السياسي الموريتاني وتحولاته كيف تقرأ الخريطة التي أفرزتها انتخابات 2007، وأي أطراف الصراع أكثر خطأ الجنرال الذي نفذ انقلابا سماه "ردة فعل" أم الرئيس المخلوع الذي أقال العسكريين استباقا لثورة بيضاء كانت ستنظم من طرف العسكريين والنواب للإطاحة به؟

أحمد الولد وافي: أنا في الحقيقة لا تطلبوا مني الخروج على معتقداتي وقناعتي السياسية وسأكون صريحا أنا اعتبر أن المؤسسة العسكرية هي الوسيلة التي اتخذها الشباب الموريتاني واتخذها أهل موريتانيا للتغيير وحتى عندما تطلعنا إلى الديمقراطية لم نأتها بالثورة البرتغالية ولم نأتها بالثورة الشعبية وإنما جئنا بها عن طريق المؤسسة العسكرية، وقطعا ليس من المعقول أن نصل لتجربة ناضجة مكتملة في أول محاولة لا بد أن تحصل انزلا قات وتحصل محاولات التصحيح أولى وثانية وربما ثالثة (ضاحكا) لكن في هذا السياق، نحن الوسيلة التي اخترناها وارتضيناها كشعب بسكوت أو بموافقة هي المؤسسة العسكرية، حاولت محاولتها الأولى تحت ضغوط خارجية لا نستبعدها 1990مع انهيار الاتحاد السوفياتي والتحول نحو العولمة، لكن كانت المؤسسة العسكرية وفي ظلها تم البدء في عمل الديمقراطية المنزلة كما تنزلت الجمهورية التي تكلمنا عليها، وتلك الديمقراطية المنزلة لم تكن نابعة من الإرادة الشعبية العامة ولكن في كل الأحوال استفدنا منها في تلك المرحلة، والآن استفدنا منها في المرحلة هذه، وربما نستفيد منها مستقبلا.
وأنا أعتقد أن دفع المؤسسة العسكرية لأن تكون طرفا في الصراع ضد التوجه الديمقراطي لا أرى أن هذا التصرف صحيح، وهذا ما فعله سيدي وجماعته، لأنهم أرادوا أن يوضحوا مساوئ المؤسسة العسكرية أو كما نقول بالحسانية أرادوا أن "يظهروا الشمس" على العسكريين من خلال قرار الإقالة لدفعهم لـــ"ردة الفعل" ولكن الخاسر في القضية هو الكل، والأهم من ذلك هو خلق عقدة مستمرة، والمهم هو أن نتمكن من تسيير الأزمة حتى لا تفلت من أيدينا جميعا، لأن انفلاتها من الجميع ليس مصلحة لأحد ولن يجد الجميع ما يرضي كل واحد منهم بالمطلق على حدة، ولكن يمكن أن يجد جزء يرضيه وأشياء لا ترضيه، ولكنها ترضي آخر وهنا يجب ألا ننسى أن الديمقراطية هي إدارة الخلاف وليست إدارة الوفاق.
الأخبار: قبل أيام زار العقيد معمر القذافي موريتانيا وأقام طقوسا دينية وأطلق رؤية تاريخية لا تتفق ومعتقدات الكثير من الموريتانيين، وجاء بقوات رأى البعض في وجودها نوعا من انتقاص السيادة.

أحمد الولد وافي: أشكرك على التصحيح لأنك قلت أولا طقوس، والصلاة الجامعة أكثر تعبيرا لأن المسلمين كانوا يتنادون عند حدوث أمر للصلاة أولا فالصلاة الجامعة مصطلح مناسب تماما أكثر من الطقوس.
وبخصوص السؤال، أولا هذه ليست أول زيارة للقذافي الذي زار موريتانيا ثلاث مرات وفي كل مرة كان يأتي بحرسه الخاص وهو رجل تحدى العالم بأسره سواء على خطأ أم على صواب ذلك شيء آخر وزياراته التي تتم أيضا في جميع الأقطار الإفريقية يصاحبها هذا، وزياراته 1972يصاحبه نفس الحرس وزيارته 1981يصاحبه نفس الحرس وأنا لم ألاحظ ما لاحظتم أنتم.
النقطة الثانية الصلاة هي صلاة المسلمين، وبمناسبة المولد النبوي، وهو أقام هذه الصلاة في الساحل الإفريقي ونحن بقينا نطالبه عدة سنوات بإقامة هذه الصلاة في موريتانيا؛ لأننا نعلم قيمة هذه الصلاة المادية والمعنوية لموريتانيا، وطالبنا بها على ذلك الأساس وهو رغب في أن يقيمها ولكنه وجد أنه ما دامت العلاقات الموريتانية الإسرائيلية موجودة فلا يمكنه أن يقيمها ومارس ضغطا من أجل إنهائها ونحن نعتبر زيارته مكافأة لنا على قطع العلاقات وليس سرا أنه قال لن تطأ قدماي نواكشوط ما دام العلم الإسرائيلي يرفرف فيها.
وعلى فكرة، قطع هذه العلاقات هو المهم بالنسبة لنا لأنه لم يستطع أي نظام أو أي حاكم من قبل أن يزعزعها قبل هؤلاء الضباط الحاليين وبالتعاون معه هو لأنه لا يمكن قطعها بدون التعاون مع تلك القوة.
ولا بد أن أشير إلى أنني لا أفهم موقف القوة الوطنية التي عملت كل المستحيل من أجل قطع العلاقات وجعلتها شرطا للتفاهم مع أي نظام وعندما قطعت العلاقات، بعضها لم يحرك ساكنا وبعضها لم يتحرك كثيرا ولم يبد التجاوب المطلوب مع مثل هذا التحول الهام.
ومع ذلك أنا أريد أن أسجل ملاحظة وهم لو سئلوا أفهم أنهم ربما تكون لديهم ملاحظة أخرى.
والنقطة الثالثة أن القذافي جاء ممثلا لما نسميه اليوم المجتمع الدولي فهو لم يأت مبعوثا ليبيا كما قيل جاء مبعوثا ليبيا لموريتانيا وجاء زائرا ليبيا ولكنه جاء مبعوثا للمجتمع الدولي والمجتمع الدولي هو أحد الشروط الأساسية للعبة السياسية للجانب الآخر ثم يأتي ويقول رأيه تقول لا أنا أقبلك لابد أن نتساءل لماذا هم قبلوه فالرأي رأيهم هم "أي المجتمع الدولي " وليس رأيه هو السياسي فقط " أي القذافي".

الأستاذ أحمد ولد الوافي في ندوة لمنتدى الفكر والحوار حول التحول الديمقراطي في اليسار ومحمد يحظيه ولد أبريد الليل في الوسط ومدير نشر جريدة النهار على اليمين(تصوير وكالة الأخبار)

الأستاذ أحمد ولد الوافي في ندوة لمنتدى الفكر والحوار حول التحول الديمقراطي في اليسار ومحمد يحظيه ولد أبريد الليل في الوسط ومدير نشر جريدة النهار على اليمين(تصوير وكالة الأخبار)

الأخبار: ألا تعتبر أن هذه الزيارة مهما حققت من دعم سخي لموريتانيا فإنها في رأي البعض ربما أضرت بعلاقات موريتانيا ببعض الدول مثل المغرب وأنظمة الخليج خصوصا في ظل الانقسام العربي الحالي بين معسكري الممانعة والمعتدلين؟

أحمد الولد وافي: أعتقد أن العرب دائما كانوا منقسمين لمعسكرين، ثمة صراع تاريخي تغذيه أسباب عديدة، ونظرا لأنه أيضا كما يقول القرآن: "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " الصراع والخلاف غير مزعج لهذه الدرجة لأنه كثيرا ما يعقبه وفاق.
ثانيا أنا لم أسمع أن دول الخليج اعترضت أو علقت على الزيارة والقذافي جاء بأول هدية لموريتانيا 1972حيث ساعد على اعتراف العديد من الدول العربية بموريتانيا تمهيدا لدخولها الجامعة العربية كما أن زيارته 1981ساهمت في إيقاف حرب الصحراء وأنا كنت شاهدا على ذلك لأنه أوقف دعمه للبوليساريو والهدية الثالثة هي التي واكبت هذه الزيارة من خلال إنهاء وجود السفارة الإسرائيلية في نواكشوط وبرأيي هذا هو السياق التاريخي الدقيق لزيارة القذافي لموريتانيا وتلك هي قراءتي للحدث.
وبالتالي نحن نجد في ليبيا شقيقا صحراويا قريبا منا ولا تثير مواقفه إلى جانبنا أي حساسيات وإخواننا العرب في المشرق وقفوا معنا وإخواننا في المغرب والجزائر يمنعهم الصراع فيما بينهم من الوقوف معنا إذا وقف معك المغرب تغضب الجزائر وإذا وقفت معك الجزائر تغضب المغرب والوحيد القادر على الوقوف معنا سلبا أو إيجابا هو ليبيا لأن الجذر الحضاري الصحراوي يجمعنا بهم أكثر من غيرهم قد يكون هذا في بعض الأحيان سلبي وفي بعض الأحيان يكون إيجابيا في هذا الإطار أنا أضع زيارة القذافي لموريتانيا وطبعا أشيد بها أنا للاعتبارات التالية:
لأن القذافي ساعد موريتانيا على تجاوز تركة ثقيلة : علاقات قذرة مع كيان الدولة الصهيونية التي أقامتها ودعمتها الأنظمة العميلة السابقة لعدم قدرتها على المقاومة واستسلامها لجبروت قوى القهر العالمي .. وكذا انهيار اقتصادي بسبب تفشي الفساد والأزمة العالمية ومقاومة بقايا حثالة الأنظمة السابقة المرتبطة بالاستعمار وثقافته ومصالحه.
في هذا الجو وتحت مظلة أزمة مفتعلة سياسيا وتحت شعار المحافظة على الديمقراطية الليبرالية في البلاد جاءت الزيارة الثالثة لمد حبل النجاة مرة أخرى لموريتانيا للخروج من هذه الأزمات وهو تجسد بشكل أكبر في:
أولا : التخلص من العلاقات المشينة مع الدولة الصهيونية وهي لطخت وجه موريتانيا في العالمين العربي والإسلامي.
ثانيا: دعم النظام الوطني الذي يصارع من أجل البقاء تحت ضربات ومؤامرات قوى التجبر والقهر العالمية.
فكانت هذه الزيارة مرة أخرى فتحا مبينا للقائد ولإخوانه في المؤسسة العسكرية الوطنية في موريتانيا لإنقاذ هذا الجزء من الوطن العربي المنسي في أحشاء الصحراء الكبرى حيث لا ماء ولا مرعى، وأصبح الجميع يتطلع لآفاق مستقبل واعد من أجل بناء نظام سياسي وأمني يحقق الاستقرار ويوفر الفرص للنمو واستغلال الثروات التي تزخر بها البلاد.

والدول العربية مواقفها واضحة، قطر لها موقفها، والسعودية والمغرب لهم موقفهم الإيجابي من هذه الزيارة، والدول العربية مواقفها كما أعلم أنا ليس فيها ما هو سلبي على الإطلاق، الموقف السلبي الحقيقي من الأوضاع في موريتانيا بالنسبة لي أنا هو الموقف الأمريكي والإسرائيلي أساسا ومن يقف في ذلك الاتجاه هو يقف معهم أراد أم لم يرد.
الأخبار: يقول الكثيرون من العارفين بالشأن الدبلوماسي إن مصطلح التجميد لا دلالة له في العلاقات الدولية.. كيف تنظر لموضوع تجميد العلاقات مع إسرائيل؟
أحمد ولد الوافي: فيما يخص الموضوع عليكم أن تعلموا أن تخصصي الأكاديمي هو العلاقات الدولية، وبالتالي فأنا أعلم ما معنى مصطلح التجميد وما معنى قطع العلاقات و ما حصل في موضوع العلاقات مع إسرائيل حقيقة وحكما يرضينا تماما إذا كان آلمنا جميعا إقامة العلاقات مع إسرائيل فإن طرد سفير إسرائيل من نواكشوط كشخص غير مرغوب فيه هذه أقوى من قطع العلاقات مع إسرائيل ولا يساويها شيء وقد أزالت الآثار السيئة التي خلفتها إقامة هذه العلاقات.

الأخبار: ينتاب الموريتانيين قلق على مصير المسار الديمقراطي..هل يمكن لموريتانيا أن ترمم ما لحق بهذا المسار في المستقبل من خلال 6يونيو القادم حتى يعود للديمقراطية الموريتانية ألقها وقناعة الشارع بها أو يضفي عليها مصداقية أكبر بالنسبة للخارج بعدما لحق بها جراء الانقلاب؟

أحمد ولد الوافي: لا تطلب مني أن أرهن تفكيري أو مستقبل البلاد لهذه النظرة التي تتحدث عنها، وأنا لا أراهن على رضى المجتمع الدولي إذا كان المجتمع الدولي راض علينا فنحن بخير وإذا كان غاضبا إلخ.. لا.. لا.. أنا أرى العكس وأتذكر هنا كلمة الرئيس "الشيخ توري" في أواخر الخمسينيات، اتصل به سفير بلاده في الأمم المتحدة وقال سيحصل تصويت على مشروع كذا.. فقال له انظر في أي اتجاه سيصوت الفرنسيون ثم صوت ضدهم.

وأنا بالنسبة لمسألة المجتمع الدولي لا تعنيني من حيث الرضى أو الرفض، أما الديمقراطية على الصعيد الداخلي فهي مثل نشأة الجمهورية وما واكبها، وهذه آلام النشأة لابد منها وهي جزء من ثمن الديمقراطية الذي يجب أن ندفعه والديمقراطية نحن استفدنا منها بدون شك وهي في صالحنا.

الاستحقاقات القادمة وما إذا كانت ستعيد الصورة كما هي لا أعرف بالضبط ولست واثقا من ذلك مع أنه يعود إلينا جميعا ولكن الذي أراه أنها ستخلق وضعا جديدا غير الذي نحن فيه الآن، ولا أتوقع أن المسائل الصراعية ستحل هكذا بجرة قلم، ولكن الصراع سيتحول إلى لبوس آخر وربما تتغير آلياته وهو صراع عميق ترعاه أطراف قوية غيرنا نحن، على سبيل المثال الولايات المتحدة تريد قضية الإرهاب وقضية إسرائيل، واسبانيا تريد قضية الهجرة وتريد قضية السمك، وفرنسا تريد قضية الحديد وقضية السيادة، هذه هي المصالح الحقيقية بالنسبة لنا، الجانب العربي عاطفيا يحبوننا، إما جريا وراء العاطفة الدينية أو القومية لا أكثر من ذلك.

ونحن جزء من أمة تناضل بأشكال متعددة، تقاوم فكريا وثقافيا وتقاوم بشريا وماديا، ويجب أن نظل في المقاومة لماذا تريدون أن تنقطع مقاومة الجيل الجديد؟ عليه أن يتسلح بثقافة المقاومة ورسالتها، ذلك ما أريد للشباب أن يقوم به.


الأخبار: كيف تنظر لأجندة محاربة الفساد الجارية حاليا.. وما تعليقك؟
أحمد الولد وافي: عموما أعتبر أن محاربة الفساد هي كما تقولون أنتم إحدى محركات البحث حتى يستفاد منها وربما أيضا يأتي محرك آخر تتم الاستفادة منه أعتقد ذلك.

الأخبار: كيف تنظر إلى فكرة تجديد الطبقة السياسية التي طرحت مؤخرا؟
أحمد ولد الوافي: أنا في الحقيقة أعتقد أن تجديد الطبقة السياسية مسألة تلقائية لا تفرض كبرنامج، والمجتمع يفرز هو بذاته الطبقات القيادية بتلقائية دون تحكم، والعنصر الأساسي هنا هو الدور الذي ينبغي أن يقوم به الشباب، وأنا أعتبر أن هؤلاء العسكريين هم من الجيل الثالث من العسكريين والمؤسسة العسكرية مرت منذ نشأتها بثلاثة أجيال، الجيل الأول الذي نشأ في كنف المستعمر، والجيل الثاني هو الذي عرفناه خلال فترة الثمانينيات، والجيل الثالث هو هذا الجيل، وهو الذي يعبر أكثر عنا، لأنه نابع من أعماقنا، وهو بداية تجديد في رأيي، ورغم محاولات التغيير المتواصلة داخليا في موريتانيا (الانقلابات) حيث صعدت أجيال من الضباط الشباب إلى الواجهة؛ لأن المؤسسة العسكرية كانت الوسيلة الوحيدة التي اختارها الشباب القومي للتغيير والصراع مع المستعمر، إلا أن المؤسسة العسكرية لم تستطع تصحيح الوضع نهائيا إلا بعد أن سيطر الجيل الثالث من الشباب عليها (محمد ولد عبد العزيز ورفاقه) وسيكون ثمة تجديد تفرزه الحركة الاجتماعية بتلقائية وليس بالضرورة كونه يأتي من جهة واحدة وإنما يأتي من الروافد التي تغذي الحركة الاجتماعية.

الأخبار : يقال إن المغرب وفرنسا يختبئان خلف الموقف الليبي مارأيك في هذا الرأي؟
أحمد الولد وافي: أولا أنا لا أسميها وساطة، أسميها تحركا، والذي فهمته من الليبيين الذين بالمناسبة سألتهم من يقف معكم في هذا التحرك قالوا معنا فرنسا قلت لهم أي فرنسا ساركوزي أم الآخرين؟ قالوا ساركوزي والقطريين، قلت لهم ومن يقف وراء الموقف القطري قالوا لا جواب، وفهمت من هذا أن العملية عملية منسقة والقضية قضية إخراج، ربما الطريقة التي جاءت بها وكأنه الرهان على أن القذافي أخطأ وكذا.. هذا بالنسبة لي غير دقيق والرهان على موقف فرنسا، الذي أظنه أن فرنسا تقف إلي جانب القذافي للعديد من الاعتبارات.

الأخبار: شكرا جزيلا.
أحمد الولد وافي: شكرا لكم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!