التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:19:26 غرينتش


تاريخ الإضافة : 20.03.2009 16:53:41

جاكيتي الشيخ سك: أرضى عن القصيدة عندما لا ترضي النخبة ولا الجمهور

الشاعر جاكيتي الشيخ سك

الشاعر جاكيتي الشيخ سك

كان مفاجأة النسخة الثانية من مسابقة أمير الشعراء التي وصل مراحلها النهائية، كما كان مفاجأة في التمازج الثقافي بين عرب موريتانيا وأفارقتها، على الأقل في العقود الأخيرة. تمتزج في عروق جاكيتي الشيخ سك، الاسم الذي لاقى نقاد "أمير الشعراء" صعوبة في نطقه، الدماء العربية بالدماء الإفريقية، بالحس الشعري المرهف، بالتجربة الإبداعية المتألقة..

لا يحس ابن مدينة نواكشوط ذو الثلاثين ربيعا بازدواجية في الهوية رغم حداثة علاقة أسرته باللغة العربية، وجدة تجربتها مع الشعر العربي الفصيح وينتظر حتى تنفتح شهية التاريخ لكشف هويته، وهي لا بد منفتحة. وعندها فهو "سليل عروبة إفريقي" كما في بطاقة تعريف الديوان (الوجود المستعار)، القصيدة التي يتحدى جاكيتي من يفتح الديوان ثم لا يقرؤها. يصر على أن "معجم الغربة" في الديوان هو لمعانقة تجربة الإنسان المعاصر في الاغتراب داخل العالم الحديث، دون أن يصادر على القارئ حقه في "تأويل" آخر..

تحيل بشرته السوداء، و"فصحاه" الأنيقة، ومعجمه التراثي الثرُّ إلى قرون من التعايش بين القوميات الإفريقية والثقافة العربية الإسلامية ...
الأخبار التقته وكان لها معه الحوار التالي:

الأخبار: لو سألنا الشاعر جاكيتي الشيخ سك كيف تقدم نفسك للقراء الأخبار؟

أولا أحيي الإخوة الأكارم في وكالة الأخبار المستقلة على جهودهم الطيبة. وأقو للقارئ الكريم على كلمة صديقي أبي بكر ولد المامي "أنا لست إلا مجرد شاعر" رأى في نفسه موهبة شعرية سعى إلى تنميتها وما يزال يواصل على ذات الدرب. أنا شاعر موريتاني عربي إفريقي.

الأخبار: متى كتبت أول نص شعري؟

كانت بدايتي سنة ثمانية وتسعين عندها كتبت أولى محاولاتي الشعرية وقررت الاستمرار كان هناك طبعا من هنأني من أمثال أستاذي محمدن ولد المختار السالم الذي كان يتعهدني بشكل دائم، و هناك من حاول صدي عن الدخول إلى عالم الشعر ربما عن حسن نية، كبعض أفراد أسرتي الذين كانوا غير راغبين دخولي "متاعب عالم الشعر"
وهم الآن متفهمون بل مشجعون.

- ولد 1980 بانواكشوط.
ـ درس في الكتاتيب القرآنية.
ـ باكالوريا في الأدب العربي المعاصر.
ـ شهادة الدروس الجامعية العامة في الترجمة العربية/الإنكليزية.
ـ عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين.
ـ الأمين العام لمنتدى القصيد الموريتاني.
ـ مدرس لغة العربية.
شارك في عدة مهرجانات شعرية وطنية وعربية.
ـ له ديوان شعري منشور تحت عنوان: الوجود المستعار.

جاكيتي الشيخ سك

جاكيتي الشيخ سك

عند وصولي إلى مرحلة الباكلوريا تحولت من الشعبة العلمية إلى الشعبة الأدبية ولا قيت هناك مشجعا آخر هو الأستاذ محمد ولد محفوظ، كان ينصحني كثيرا، ويشجعني على مواصلة طريق الشعر. ثم بدأت في مراسلة بعض وسائل الإعلام والبرامج الثقافية، وأذكر هنا كلمة لا تفارقني قالها الصحفي الموريتاني الشهير السني عبداوه، حين قرأ إحدى رسائلي إلى برنامجه الرائع "بيت الساهرين" قال: "فكر واسع يعد بالكثير". هذه الكلمة أرددها كثيرا وأتذكرها كلما تذكرت بداياتي الشعرية.

الأخبار: من هم الشعراء الذين تقرأ لهم كثيرا، وما ذا عن تجربتك أنت مع الشعر؟

جاكيتي: عموما أنا أقرأ لشعراء كثر ومن أكثر الشعراء الذين قرأت لهم شاعران ينتميان لمدرستين مختلفتين هما: الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب، وشاعر الجماهير نزار قباني، ورغم البون الواضح بين تجربة الشاعرين إلا أنني أجدهما يمثلان تجربة فريدة في الشعر العربي.
كل قراءاتي في الشعر العربي تستبطن البحث عن المشترك بين الشعراء، كما تستبطن البحث عن فرادة كل شاعر.

الأخبار: (أقاطعه) فلمن تكتب القصيدة إذا؟

كنت دائما أتساءل لم لا يكون شعر للجماهير وآخر للنخبة، وعموما أعتقد أن القصيدة التي أنجح في كتابتها هي تلك التي يتفاعل معها الجمهور، وفي نفس الوقت يشتكون من بعض الغوامض فيها. أرضى عن قصيدتي عندما يعترض عليها القارئ المتخصص، وينتقد بعض المباشرة فيها، ويتفاعل معها الجمهور وينتقد "غموضها". فأنا أحاول أن أكتب لكل أنواع الجمهور، وأكتب القصيدة بإرادة داخلية أكثر.

الأخبار: من يقرأ الديوان الأخير يجد فيه ابتداء من العنوان (الوجود المستعار) إلى آخر القصائد (معراج، إسراء...) هاجس الغربة. ما هي القضية التي تحاول تجسيدها في هذا الديوان؟

أعتقد أنه من الصعب أن يتحدث الشاعر عن تجربته. نحن نكتب الشعر ثم نترك للقارئ التعامل معه. لكن مع هذا أنا أعتقد أنني أتقمص، أو أجسد شخصية الإنسان في هذا العصر الذي يحاول "الآخرُ" أن يفرض عليه تصوره له، وأن يفرض على الكون شروطه الخاصة لحياة الإنسان، هذه الشروط التي أثبتت فشلها من خلال الأزمات التي يعشها إنسان اليوم و ليست الأزمة الاقتصادية منا ببعيد فعندما نرى مواطنين من الدولة التي تتسامى عظمة على الآخرين ـ أمريكاـ مشردين الآن في الشوارع بسبب الأزمة المالية التي سحب نظامها الائتماني كل ما يملكون ليتركهم مرميين على قارعة الطريق، هذا يعني أن إنسان هذا العصر مغترب مشرد، وهذه هي الغربة التي أتحدث عنها في قصيدتي، في شعري كله.

الأخبار: (أقاطعه) ليس لهذا علاقة بكونك تنتمي لأسرة غير عربية ومع ذلك أنت شاعر باللغة التي لم ترضعكها أمك؟

لا. أبدا أولا الأسرة التي أنتمي إليها مختلطة التكوين فهي تتكلم اللهجة الحسانية وهي قريبة من العربية كما تتكلم لغتها الإفريقية. طبعا ليست لها علاقة بالشعر العربي الفصيح قبلي. ومع هذا لا أثر لهذا الاغتراب في تجربتي. بل لا يوجد اغتراب أصلا ، فأمي من عرب موريتانيا بل بالتحديد هي بنت مدينة شنقيط التاريخية .

الأخبار: ننتقل إلى محور آخر بشكل سريع. ما هي برأيكم أسباب التشرذم الحاصل في الساحة الثقافية والشعرية على وجه التحديد؟

أعتقد أن النوايا هي سبب هذا التشرذم فلكل فريق من المنضوين تحت هذه اليافطات أفكاره الخاصة، فالكل منضوون تحت لواء اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، وأعتقد أن ما تودون الحديث عنه هو المنتديات الأديبة، كمنتدى القصيد، منتدى الشعراء الشباب، كنا في البداية عندما يكون هناك حدث أو ذكرى نأتي إلى الرابطة ، ونحن نرغب في القيام بنشاط.

لكنني لاحظت أن الرابطة لا ترغب في كثرة الأنشطة، ربما يريدون فقط بقاء الاسم والاسم كرمز، مثل النشيد والعلم الوطنيين، هذا ما لاحظته من اتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين رغم احترامي لكل القائمين عليه، ورغم انتسابي له إلى حد الساعة، لكنني كشاب كنت أريد غير ذلك، كنت أريد أن يكون نشطا لذلك عدما دعاني زميلي الشاعر الدوه ولد بنيوك إلى إنشاء نادي الشعراء الموريتانيين الشباب الذي تحول لاحقا إلى منتدى الشعراء الموريتانيين الشباب لبيت دعوته، ، مكثت فترة في هذا النادي، وكان سبب خروجي هو أن رئيسه كان دائما يعد بانتخاب مكتب تنفيذي فقد كنا في ذلك المنتدى بدون مكتب، كان هناك رئيس فقط، وكنا نحن منتسبين من دون انتساب، فليست لدينا بطاقات.

وبعد إلحاح ارتأيت أن أنسحب، وأن أترك كل تلك اليافطات. وكان معي مجموعة من الشعراء الشباب ارتأينا أن لا نترك الساحة وأن نبدأ بتأسيس تنظيم جديد وهذا ما فعلناه حين أسسنا منتدى القصيد الموريتاني، كان معي في التأسيس، مجموعة من الزملاء الشعراء منهم النبهاني ولد المحبوبي، محمد الأمين ولد الشيخ أحمد (هيبه) ومحمد المامي ولد محمد حامد (الرئيس) وأبو بكر ولد المامي، والخديم ولد زياد قبل أن ينضم إلينا محمد ولد إدومو.

في العام الأول كما شاهد الجميع كانت له أنشطة دائمة حتى أن بعض الذين يسوسون الساحة الثقافية كانوا يخافون أيامها من هذا المنتدى وكانوا يعتقون أنه سيسحب البساط من تحتهم. وأنا أعتقد أنه ليس في هذه الساحة من يريد أن يسحب البساط من تحت آخرين، هناك فقط من يريد أن يعمل ومن يريد أن يتكئ على اسم أو على رمزية معينة.

أعتقد أن الساحة بحاجة إلى العمل أكثر من أي شيء آخر، ربما توقف المنتدى الآن عن الأنشطة ،ويعود ذلك إلى مغادرة أغلب الطاقم المؤسس للدراسة في الخارج وبقيت أنا والشاعر أبو بكر فقط. والشاعر الخديم ولد زياد وبالتالي المنتدى إن شاء الله سيبدأ أنشطته بنفس المنوال الذي كان عليه في السنة الماضية.

الأخبار: أنتم كشعراء في موريتانيا، الواضح أنكم مع حالة التشرذم تعيشون مضايقة من نوع آخر، فمن يغرد خارج سرب الرسميين يحرم إعلامهم ومن يغرد في سرب الرسميين لا يريده الجمهور، كيف توائم كشاعر بين رغبة الجمهور فيما تكتب وبين رغبتك في أن لا تحرم من وسائل الدولة التي هي حق لك؟

جاكيتي: أعتقد أن مشاركتي الرسمية الأخيرة تجيب على هذا السؤال، فأنا لم أشارك بقصيدة كما أرادها هؤلاء. شاركت بنص يعرفه الجميع، نص عن موريتانيا، يدل هذا على أنك لكي تستحق الظهور في وسائل الإعلام أو غيرها لا يكفي أن تكون قريبا من الرسميين لكي تظهر في وسائل الإعلام بل عليك أنت أن تكون مقنعا، لأن الرسميين يبحثون عمن يقفون على أكتافهم.

الأخبار: طيب على هذا كيف تنظر إلى مستقبل الحراك الثقافي والشعري في البلد؟

جاكيتي: أعتقد أن الثقافة كصناعة قِيَمية تحتاج إلى من يقف لها ،أي المبدعين الصادقين ومن يقف معها أي الذين يدعمونها مع إعطاء الحرية التامة للمبدعين ، و هذا ما تحتاجه الساحة الثقافية الوطنية ، أنا أعتقد أنه منذ أعوام قليلة وبالتحديد عندما انبثق جيل الألفية الشعري الشبابي أصبح للشعر من يعطونه كامل طاقاتهم وأوقاتهم لأنهم مؤمنون بما ينتجون، ولأنهم يغارون لهذا الوطن و يستغربون كيف لا يتبوأ مكانته التي يستحقها ، ليس في الشعر فحسب بل في كل ما ينتجه الإنسان للإنسانية.

الأخبار: أخيرا، ما هو تقييمك لمشاركة الموريتانيين في النسخة الثانية من "أمير الشعراء" وهل تعتقد أنهم أنصفوا؟

جاكيتي: لقد تُوج من بينهم أمير, ولكنهم ظلموا في النتائج التي كانت تعطى لهم، مع اقتناعي بأنها مسابقة لها ما لها وعليها ما عليها فأنا أترك للذين تابعوها سواء من موريتانيا أو غيرها الرد على هذا السؤال، فكيف لمن يطرى عليه و يوصف بأنه مفاجأة المسابقة ، و يقال له: و أخيرا جاءت قصيدة من موريتانيا تزهو فخرا, ويقال له: لديك سلاسة شعرية عجيبة أهنئك عليها، أن يحصل على أردأ نتيجة في حلقته، ولكن العزاء كان في شعورنا بأننا أدينا الرسالة ،وتتويج واحد منا أطلق للسانه العنان ردا على تلك اللجنة و التي أحترمها على كل حال.
الأخبار: شكرا جزيلا.
جاكيتي: شكرا لكم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!