التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:19:33 غرينتش


تاريخ الإضافة : 31.03.2009 12:35:32

يرب ولد أحمد صالح في حوار مع الأخبار حول الرؤية القانونية لــ"ملف الإرث الإنساني"

المحامي يرب ولد أحمد صالح في حوار مع الأخبار

المحامي يرب ولد أحمد صالح في حوار مع الأخبار

تثير التسوية التي اعتمدتها السلطات العسكرية حاليا لملف الإرث الإنساني جدلا كبيرا ذو جوانب متعددة فهو من ناحية يثير نقاشا حقوقيا ساخنا لا يسلم من تراشق الأطراف المتعددة بتهم تسييسه كما أن العديد من الجوانب القانونية التي يطرحها تتطلب رؤية قانونية واضحة وليس فقط المعالجة الحقوقية المطلبية التي تغطي لغتها واجهة الملف هذه الأيام.
الأخبار حملت أسئلتها للمحامي والحقوقي يرب ولد أحمد صالح الذي يملك رؤية للمعالجة الملف قدمها في الفترات الماضية من خلال صياغة قوانين حددت الشروط الفنية والحقوقية الضروري توافرها لطي الصفحة المؤلمة بصورة عادلة كما أنه أيضا من الذين أنجزوا من خلال بعض اللجان الحقوقية التي اشتغلت زمنا طويلا في الملف تصورا واضحا عن حقيقية ما جرى في "سنوات العسف" المظلمة.

الأخبار إلتقته فكان الحوار التالي:

الأخبار: كيف تنظر إلى التسوية الجارية والحلول المقدمة حاليا للملف الإنساني؟.

يرب ولد أحمد صالح : أولا أعترف لكم بأنني لا أعرف ماهية التدقيق في تلك الحلول التي وضعت إلا أنه يتعين علي أن أبين لكم أن هناك بين الأوضاع الآن ما يسمي بالإرث الإنساني هو عبارة عن تراكمات و أحداث وقعت منذ سنة1986 واعتقل بعض الناس بتهم تتعلق بآرائهم أو مساعيهم وحكم عليهم أحكام كانت فيها قسوة نسبية إلا أن تلك النسبية ازدادت شدة تحت ظروف السجن مما أدي مع الأسف الشديد إلي موت البعض منهم تحت تأثير المرض والجوع هذا فيما يخص أحداث 1986 أما فيما يخص أحداث 87 فجرت المحاكمة لبعض من حاولوا الانقلاب وقتل بعض منهم واعتقل البعض الآخر في ظروف أشد مما كانت تعرفه جماعة 86 وهو ما أدي إلي موت بعض منهم تحت الاعتقال وفي نفس الظروف أعتقد أن البعض تلقي معاملة فيها نوع من القسوة من طرف أفراد في الجيش، وذلك خارج المحاكمات وتم إصدار عقوبات في حق البعض خارج القضاء إلا أن الأمر استفحل وازداد قسوة سنة 1989 علي خلفية الأحداث بين موريتانيا والسنغال هجر البعض خارج موريتانيا أو اضطر للهروب من العسكريين والمدنيين وحينها وقعت شبه حرب أهلية داخل البلد 1990 اشتد التمرد لأنه تم اعتقال مجموعات كبيرة أساسا من العسكريين ومع الأسف الشديد قتلوا تحت التعذيب وقتلوا في ظروف غامضة ولم تقم حتى مراسم لدفنهم طبقا لما هو معروف شرعا وهذه هي سلسلة التجاوزات المتعلقة بالعسكريين هناك تجاوزات وقعت من مدنيين كثيرين لا أعرف مدي تفاصيلها.

الأخبار: ما مدى قانونية العفو الذي أصدره البرلمان الموريتاني لصالح الضالعين في جرائم 1989-1990-1991 وأين هو من الاعتراف والاعتذار الذي قدمه العسكريون حاليا.

يرب ولد أحمد صالح : ما يجري الآن لا أعرف ما ذا يعالج هل يعالج ما يسمي بالإرث الإنساني أو هل يعالج مجرد أحداث 90 و 91 التي لم تخضع للقضاء حتى اليوم، ما فهمته هو أنه يعالج فقط مسألة العسكريين الذين قتلوا تحت التعذيب سنة 90/91 أو البعض الأكثر من هؤلاء تضارب الأعداد بشأنهم، البعض يتحدث عن 300 وريث من القتلى إبان اهتمامنا بالملف أو إسناد الملف إلينا، لكن الأرقام تتفاوت حيث إن بعض المنظمات تري أن العدد يتجاوز 500 واللائحة الرسمية أو شبه الرسمية تجعله في حدود 200 إلي 250، التسوية لست علي إلمام بتفاصيل ما تضمنته، إلا أن ما سمعته عنها يشمل فقط أحداث 90 و 91 الملفات مختلفة إلا أن أشنعها ( أقلها تبريرا) هو ملف 90 و91 الذي علي ما يبدو تمت بداية معالجته علي الأقل من ناحية التعويض للأيتام والأرامل ودعوني أقول لكم أن النظام السابق -أي نظام ولد الطايع- فكر حتى في إيجاد تسوية لكن تقدم بعض النواب والبرلمانين حينها بمسودة وكان لي الشرف بأن أعددتها مع بعض النواب المستقلين وتهدف إلى منح دية مغلظة وإجراء متابعات إدارية وتأديبية للجناة إلا أنه مع الأسف هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح.

هذا القانون موجود أولا في القانون الوضعي ويجب أن نتعامل معه كقانون، وهو كان موضوع للحيلولة دون إثارة المسألة من طرف المحامين أمام القضاء وهو قانون أجهض تماما المساعي المبذولة لإيجاد حل داخلي مما حدي بمنظمات حقوق الإنسان والراغبين في تسييس الملف تسييسا وجيها في بعض الأحيان إلي طرح القضية أمام القانون الدولي، هذا القانون يظل نسبيا لأن المسائل التي تتعلق بما يسمي بجرائم ضد الإنسانية لا يمكن عفوها ولا تناسيها والقانون جعل موريتانيا في وضع لا تحسد عليه علي المستوي الدولي لأن من تقدم بالمقترح يقابله من يحل المسألة في الداخل، ومن بين الحيثيات التي برروا بها مقترحهم أن الأمر بالعفو سينفلت من يد الموريتانيين ويبقوا غير متحكمين في إيجاد حلول.

من الناحية القانونية الداخلية هو ماض في الحول التي ذكرت لكم سلفا وهو أنه أي هذه الجرائم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية لأنه تعذيب وقتل بالتعذيب، البعض ذهب إلي أنه محاولة لنفي فئة معينة (على أساس عنصري)، وهذا يعني أنه إذا كان في هذا النوع من الجرائم فيكون من المتعذر تماما عفوه وإن تم العفو عليه في الداخل فعفوه في الخارج غير ممكن، هذا بالنسبة للجانب الجنائي من المسألة، أما بالنسبة للجانب المدني من المسالة أي المطالبة بالتعويض وجبر الضرر هذا الجانب لا يعفي ولا يمكن عفوه أبدا لأنه متعلق بحقوق الغير.

الأخبار: هل توجد معلومات موثقة عن عدد الجناة وعدد الضحايا؟.

يرب ولد أحمد صالح : لقد أعدت لائحة في سنة 1993 لما طرح الملف آنذاك، هذه اللائحة كانت لائحة متكاملة حيث أنك تجد فيها اسم الضحية ورقم دليله العسكري أو المهني والثكنة التي كان يعمل بها ومن كان يتولى الإشراف علي تلك الثكنة ومن أشرف علي الأقل في نظر ذوي الضحايا علي قتلهم أو من كان يقود الثكنة أيامها، هذه اللائحة هي لائحة تقريبية يجب أن تصحح وتمحص ويعتني بها حتى يتأكد هل يوجد أغلاط في أسماء الضباط، هل الجنود والضحايا الذين وجدت أسماؤهم قتلوا كلهم أم هرب بعضهم وصنف في أنه مقتول، وتعرف الحقيقة من هذا كله، لكن الحقيقة إجمالا معروفة ويكاد يكون الجناة معروفون، أريد أن أنبهكم إلي أنه لما تقدمنا بشكوى حينها ضد قواد المؤسسات العسكرية التي كان قادتها هم المشرفون علي هذه المؤسسات العسكرية وقد لا يكونون بالضرورة هم من أقدم علي هذا إلا أنهم بحكم القانون هم المسئولون عن ما يجري في ثكناتهم ومؤسساتهم العسكرية وبالتالي انحصر الأمر علي أربعة ضباط حينها لكن هذا الحصر كان علي أساس مقاييس ومعايير قانونية عسكرية معروفة وهي أن ما يجري في الثكنة من تجاوزات قانونية المسئول عنه هو القائد وقد يكون القائد من باشره وقد يكون هو من سكت فقط عن الجرم أو قد يكون كان قائدا صوريا في الثكنة أو المؤسسة العسكرية والقائد الفعلي مسئول آخر غيره.

الأخبار: من الناحية القانونية هل يمكن العفو عن مجهول بدون محاكمة.

يرب ولد أحمد صالح : من الناحية القانونية والشرعية جائز ومقبول ويمكن أن يعفي عن شخص مجهول، لكن هل هو ممكن من الناحية السياسية ومن الناحية العاطفية لأن ما يبحث ليس مجرد الحول القضائية والقانونية وإنما المنشود هو تسوية تؤدي إلي نوع من الانسجام بين الموريتانيين تؤدي إلي نسيان الماضي وتجاوزه، قال بعضهم إنه لكي نطوي الصفحة يجب أن نقرأ ما هو مضمون تلك الصفحة حتى تطوي، هذا سؤال يطرحه البعض لكن من الناحية القانونية والشرعية يمكن أن يعفي ويصفح حتى عن من لا يعرف، لكن الإشكالية قانونية وليست فقهية ولكن حتى هذا العفو لا يملك الطرف المدني أي ذوي الضحايا العفو إلا عن حقه وهو الحق في التعويض أما ما يسمي بالمتابعات الجزائية فلا يمكن العفو عنها لأنهم ليسوا أصحابها مع أنها كما أسلفنا تمت علي الأقل علي المستوي الداخلي العفو عنها بموجب القانون وهو القانون الذي نتحدث عنه والذي هو أثر نسبي في وجه المنظومة الدولية ما دام الأمر يتعلق في بعض الأحيان بجرائم ضد البشرية.
الأخبار: تمت المعالجة الحالية في ظروف يطبعها الاستعجال وانعكاسات أزمة الشرعية السياسية والتجاذب والصراع ما بين الأطراف السياسية المختلفة كيف تتم معالجة الملف بعيدا عن مساعي التسييس من جميع الأطراف المنظمات الحقوقية من جهة والسلطة من جهة أخرى.

يرب ولد أحمد صالح : أعتقد أن العلاج القانوني واضح جلي لا لبس فيه وهو ضرورة التعويض لكل الضحايا سواء كانوا مدنيين أو عسكريين وضرورة التذكير بقانون العفو هذا بأنه القانون الشامل وأريدت المصلحة العامة لأن هذا لإرث كما يقولون سببه القتل.

الآن أعتقد أن الملف -وهذا رأي شخصي وليس قانوني- كان الحري به أن ينال قسطا أكبر من التروي والإجماع الوطني لإيجاد حل له حتى تطمئن القلوب بأن المبحوث عنه هو تجاوز الماضي لا غير ذلك حسب ما قرأت وما رأيت أن الكثير من المنظمات الحقوقية وذوي الضحايا لم يطمئنوا علي هذه الأوضاع.
الأخبار: هل من كلمة أخيرة:
يرب ولد احمد صالح : أرجو أن لا تتكرر هذه التجربة في تاريخنا مرة أخرى وأن لا ننسي أيضا أن هناك جرائم اقترفت في حق الآخرين، الإرث الإنساني يجب أن لا يحصر في هذا الملف وهذا حري بان أنبه عليه في البداية للتعريف بالإرث الإنساني، فالتعذيب نال جميع الموريتانيين في السنغال كما هو معروف والموريتانيون نالوا حظا من الاستبداد في الضفة وغير الضفة، وبالتالي يجب أن تكون هذه المعلومات هي الأشمل في تعريف الإرث الإنساني وهذا هو ما أرجوه وأتمناه.

الأخبار شكرا جزيلا


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!