التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:21:40 غرينتش


تاريخ الإضافة : 13.01.2008 11:29:36

عندما يكون الوطن كما يحدث

احمد ولد احمد الهادي

احمد ولد احمد الهادي

هكذا يقبض الثمن لا شيئ يرجى سوى قبض الثمن عندما تذوب الضمائر،وليس هناك مايدعو للكتابة ،لكني سأكتب لأن عليهم أن يفهمواأن هناك الكثيرين وهم في تزايد مخيف بدئوا يكفرون بالسياسة وصناديق الاقتراع إن حديثهم مر ،ولأنهم أصدقائي أفضل وصفهم بالمحبطين دوما-ومن جديد- ولانه وطني اعتبره عاثر الحظ ،سأكتب لان مايحدث لا يطاق .
بتعبير آخر أهذا هو كل ماكنا نحلم به؟ ونحن امة الثلاثة ملايين وخمسة لغات وعدة ألوان وانتماءات إلى الجنوب و الشمال ،قد خدعنا العالم دون خجل ،بعد عام ونيف من الحملات الانتخابية وساعات من البث الحي وبعد عشرات الندوات ومئات المقالات التي لن تصل قارئها المنشود ،اكتشفنا أن موريتانيا العظيمة التي زرع حبها في وجدان كل وطني تعلم في قاعات من طين ، ليست سوى مكان فحسب ، واليها تنمي نخب تعتنق الفساد أسلوب عيش ووسيلة لتحقيق الأحلام وتدمير الخصوم وإذلال الشرفاء ،فمن له سلطة في جهاز الدولة أو مصاهرة لأحد "الكبار" يستطيع أن يستحوذ على مزرعة بضفة النهر ،دون عناء ،أو يصدر قرارا بتعيين نجل وجيه قبلي في منصب مهم ثم ينشر اسمه "المألوف" متبوعا بحاصل على شهادة عليا في الاقتصاد .

أنا عدت حديثا من عاصمة يملئها الإحباط والسخط على ماهو قائم إنهم يطلقون الشتائم في أحاديثهم بطريقة بذيئة حسرة على مصير بلد بدا لي في صورة باهتة وأنا على علو ألف متر ارقبهم من بعيد وهم يبتعدون ويتوارون في الظلام أودعهم في مقامهم الكر بلائي حيث البيئة القاسية والحرارة الشديدة ونقص الماء والكهرباء .
في الواقع،أزمات كهذه غير غريبة علينا لتطابقها المدهش مع الماضي:خيبة أمل واسعة وعدم تصديق لسياسات الحكومة تضاف إليها الشكوك المتزايدة في الشركات الأجنبية الفاعلة بقوة في هذه الوضعية، والاستعداد الحقيقي للنزول إلى "الشوارع" ، والعداء الشديد للنظام خاصة من أنصار المعارضة واستخدامهم جميع الأوراق: كمستهلكين وفاعلين نقابيين وحتى كتاب صحفيين ومتعصبين جهويين غوغاء، الجديد هو اننا بدأنا نفقد عذرية أمننا التلقائية تدريجيا في مواجهة تيار العنف الديني الذي ربما يستغله اكثر من طرف داخلي معلنا انه هنا، ولم تعد تلك التقاليد المسالمة حجة الآن.موريتانيا في حالة مزرية لم يبقى لدينا سوى انتظار القادم المجهول وحتى المرعب نحن آخذون في التعود والنسيان بجدارة .
.
لما اذن لا نتنبأ بهذا القادم بطريقة عقلانية ربما تكون اخر فرصة للتنظير لنذكر المسؤولين انهم على خطا وان بلدهم يواجه تحديات تهز كيانه ووجوده ، والايادي البيضاء مازالت ممدودة ونحن بحاجة اليها .
من صميم القادم أن لا شيء قد يتحسن كثيرا في بلادنا كما نتصور فنموذج "النمور" قد انقرض تماماكما تنبأ له اقتصاديون غربيون وتم قتله بأدوات العولمة لم يعد بالإمكان في عصرنا هذا أي في عالم القرن الواحد والعشرين والرأسمالية العالمية المتوحشة أن تظهر نماذج جديدة كماليزيا أو سنغافورة ، لأنه ببساطة لم يعد في وقت العالم مايسمح لدول من نوع موريتانيا حتى تشيد المستشفيات والطرق والصرف الصحي وتقضي على الملا ريا ، انه أمر مستحيل أن تصمد دول من تركة العسكر مثقلة بالتنوع العرقي المشبع بالتمييز العنصري والفقر والأزمات المخدرة ورجال يعدمون الكفاءة يصرون على تحويلها إلى دول عائلية بوسائلهم المعروفة ،لن يتوقف العالم حتى نحرر العبيد، ونعبد الأرصفة، مالذي سنتوقعه من بلد له موارد مالية محدودة ،موقع جغرافي ليس بتلك الأهمية ، ونسبة أمية تفوق نصف السكان أن تقدم حكومته لشعبها من خدمات أو تنمية في ظل عجز سياسات اصلاح التعليم ومخرجاته وهي الاهم؟ إننا نحلم كثيرا . كيف بإمكاننا أن نصمد في وجه أسعار الطاقة ومضاربات البرص العالمية حيث تمارس الأمم الغنية ترفها ؟ونحن من يستورد السكر ومعجون الأسنان والباراسيتامول . إن مستقبل الدول الفقيرة خاصة دول الصحراء الإفريقية في العشرين سنة القادمة طبقا لما توصلت إليه بعض الدراسات يكاد يكون مرعبا حيث سيفعل الاحتباس الحراري فعله في السكان المحليين ستختفي المساحات الخضراء الشاسعة التي يعيشون منها وينتشر الجفاف ستكثر الفيضانات المدمرة ، ويشتد التنافس على السلطة السياسية في اجواء ديمقراطيات احياء الصفيح .
ولأنه بوسائل كالتي نمتلك ،وبمسلكيات اجتماعية تطبعها الانانية وعبادة رأس المال، ستظل خيرات هذا البلد إما تحت الأرض أو تحت رحمة الشركات متعدد الجنسيات بدون رقيب ،أي رقيب؟ وهم من يحدد الاحتياطات النفطية والمنجمية وحصتنا منها ونصيبهم فيها ويتمادون في الاستهزاء بتحديدهم الوقت المناسب لعمليات "التفتيش" العقيمة من طرف الدولة وفي الغالب يقدمون الوسائل الخاصة بذلك . المشكلة ليست حكومة الزين ولا في رئاسة هذا السبعيني" الطيب " فهم يدركون أكثر بكثير من هذه التفاصيل.



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!