التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:06:28 غرينتش


تاريخ الإضافة : 12.06.2009 22:32:13

فرسان مرحلة التغيير الحق...

اسلك ولد ابهاه

اسلك ولد ابهاه

شهدت موريتانيا خلال الحقبة المنصرمة من حياتها السياسية فترة استثنائية ، وعاشت بحق وضعا سياسيا متفردا بكل المقاييس والإعتبارات ، وبغض النظر عن الموقف من التقييمات المتباينة والآراء المختلفة حول تلك الحقبة فان أيا كان لا يمكن أن يكابر في أنها – بالفعل- كانت فترة استثنائية شهدت تطورات وارهاصات لم تعرفها البلاد طيلة حياتها
الحديثة من لدن الاستقلال وحتي يومنا هذ.
فمنذو أن اقتاد الكولونيل ولد السالك ورفاقه الرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد داداه خارج القصر الرئاسي صبيحة العاشر من يوليو سنة 1978م مرورا بانقلاب 12/12 وانقلاب الثالث من اغسطس ، وغيرهما فان البلاد لم تشهد البتة اصطفافا واضحا وجليا وقويا لطبقة سياسية معتبرة ضد المجموعة الحاكمة في القصر الرئاسي ، كما عرفته غداة السادس من أغسطس العام الماضي. لم يكن الاصطفاف لطيف سياسي واحد ولا لمجموعة بذاتها بل كان الكل في الخندق والغوي ... اسلاميين وقوميين و يساريين .. نقابات وجمعيات ومواقع ... زعامات قبلية وقيادات تقليدية في الداخل كما الخارج....
وإذا ماكان الجنرال محمد ولد عبد العزيز أخيرا رضخ للأمر الواقع وجلس إلي ذات الطاولة مع "المفسدين" فإن الأمر لم يات من فراغ ولم يك وليد الصدفة أو الاعتباط ، كما لم يك حبا في سواد عيون أولئك "المفسدين" ...
لقد سطر أبناء وبناة هذ البلد سطورا من ذهب في سجل الخلود والبقاء ، وغدا من كان بالامس وزيرا أو سفيرا يستقبل بصدره الحجر وبوجهه مسيل الدموع ... يري رفيقه في "السجن" وزميله "خارج ألوظيفة" ، لا يأبه بكل ذلك بل ويراه هينا سهلا في سبيل هذ الوطن العزيز ، وحقا للأجيال القادمة أن تعرف أن لها آباء وأمهات "آمنوا وعملوا " ، وضحوا من أجل هذ الوطن في ملحمة اسطورية عذبة لا يكاد المرء يصدقها وسط هذ الزمن الرديئ أهله ، ووسط هذ الركام ممن انحنوا عن العاصفة وتواروا خلف الكلمات الغائمة ينتظرون بفارغ الصبر يوم الحصاد ليقولوا للناس لقد كنا في الميدان ... وكنا دوما ضد الانقلاب!!!.
وحق كذلك علي شباب هذ البلد ممن أقعدته الظروف وحالت دواعي السفر والغربة بينه وبين أن يكون في الوغي ممتشقا سيفه "يستنشق" عبير مسيلات الدموع ويستقبل هراوات شرطة الجنرال التي لم تفرق يوما بين وزير أوسفير أورئيس جمعية وطنية أورئيس حزب و"شيخ مار من الشارع" لا علم له بكل ما يدور ويجري .. حق علي مثل هؤلاء الشباب من أمثالي أن يدلوا بدلوهم ، فيقولوا للناس : شيئا مما قد كانا..
فمن أين ياتري نبدأ .... ومن تراه يكون الأول؟.
(1)
سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله ... رجل من زمن آخر أم رجل زمان آخر...؟.
لعله من شبه المتفق عليه أن الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله بإقراره اليوم لتشيكله الحكومه المقدمة من طرف الفرقاء السياسيين وتوقيعه لاستقالته الطوعية من منصبه كسابع رئيس للجمهورية الإسلامية الموريتانية ، قد أسدل الستار علي فصل من أهم فصول حياته السياسية وأكثرها إثارة ، بل قل إن الأهمية والإثارة تتعديان حياة الرجل لتطالا حياة موريتانيا كلها، بيد أن تلك الإستقالة بدت كما لو كانت تحصيل حاصل أو تقرير مقرر ، فالرجل خارج القصر منذو ما يقارب السنة ، بل وحينما كان في القصر كان ثمة "دخان كثيف" حول من يدير البلاد ومن هو الساكن الفعلي للقصر الرمادي!
فهل هي الصدف والمقادير رمت بالرجل يوما من غير حول منه ولا قوة ليكون رئيسا للبلاد ، ثم رمت به يوما آخر لئلا يكون رئيسا لها، وأخير قدرت له أن يستقيل من منصب لم يك يشغله ؟ أم أن في الامر الي جانب القضاء والقدر – بالطبع – تديبرا من الرجل ومواقف وبصمات واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار كما يري آخرون ؟ .
أخال أن انصاف الرجل وانصاف الحقيقة – كذلك – يتطلب قليل عودة الي الوراء وإعادة قراءة الامور بثبات وتأن ولوقليل ، خصوصا بعد أن هدأ " الصراخ " وتناثر في الافق كم لا باس به من المعلومات والحقائق التي لم تكن متاحة ومشاعة من قبل.
قبل التنصيب....
كانت المرة الأولي التي أسمع فيها ذكرا للسيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في شهر نفمبر من العام 2005 حينما حدثني أحد السياسيين الموريتانيين المقيمين يومها في مدينة دبي بأن العسكر بصدد "توريد جنازة سياسية" – والعبارة له – ليصنعوا منه ديكورا يديرون من خلاله البلاد والعباد، والحقيقة أن الرجل افاض في الحديث عن الدور المطلوب من تلك " الجنازة " اكثر من حديثه عنها هي نفسها ، ورويدا رويدا انتشر الخبر وعم بصيغ مختلفة وطرق شتي ، وغدا الكل – تقريبا – واثقا مما ستكون عليه الأمور بعد تنصيب ولد الشيخ عبد الله – إن هو أنجح في الإنتخابات- ، ولولا معرفتي واحترامي لماضي رئيس مجلس الشيوخ الحالي السيد امباري لقلت بإن ما كان يرسم يومها لما سيكون عليه دور الرجل هو ذاته الذي أداه السيد أمباري في فترته التي خلف فيها الجنرال ولد عبد العزيز ، توديع وأستقبال وتهنئة وتعزية ... وقصاري الأمر أوراق إعتماد.....
بيد أن تتبعي لمواقف وآراء ولد الشيخ عبد الله خلال أزيد من عام أوحت لي أن الرجال كان منذو البداية كما لو كان راغبا في الخروج من المربع المرسوم له وقطع الحبل المطوق لعنقه حتي ولو أدي ذلك لخنقه لحين بل وحتي لجرح رقبته ...
فهل ألأمر كما خيل الي أم أن مقتضيات السياسة وتدبير الشأن العام تقتضي من القائمين علي أمر الرجل و " المسيرين له " إظهاره كما لو كان الممسك بزمام الأمور والجالس خلف دفة القيادة – لا جانبها- ؟؟.
دعونا نتأمل مجموعة من مواقف الرجل ومحطاته البارزة مع الجنرالات بذهن خلي من كل حكم مسبق أو رأي متحيز....
1- لئلا أتناقض مع نفسي ومع ما أكتب سأسلم بما كنت قد كتبته في مقال سابق نشره موقع الأخبار بتاريخ 21/5/2008م من أن الرجل لو ترشح يومها – وأقول يومها – لبلدية لمدن لما فاز بها – حسب رأيي – و لولا الإصطفاف القوي المكين للمؤسستين العسكرية والمالية خلف الرجل لما كان له نصف ولا ثلث أو ربع ما كان له في الشوطين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية التي فاز بها رئيسا للبلاد، لكن ذلك كله لم يمنع الرجل – علي ما يبدو – من أن يخطو خطوته الأولي خارج المربع وهو لا يزال في بطن – لا حضن – الجنرالات ، وبحسب السيد مسعود ولد بالخير في مقابلة له مع صحيفة المجد ومع موقع أخبار أنفو بتاريخ 18/04/2009م فإن السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله هو من بادر بلقائه والتفاوض معه، ودعوته للانضمام اليه ومؤازرته في الشوط الثاني من الإنتخابات ، بل ويضيف السيد مسعود بأن المرة الأولي التي قابل فيها الجنرال ولد عبد العزيز كانت بعد تنصيب السيد ولد الشيخ عبدالله وتوليه الحكم في التاسع عشر من ابريل 2007م، فهل كان الرجل يومها يعلم أنه حتما ذاهب في طريق غير طريق الجنرالات وأن عليه ان يعد العدة "قبل دخول الوقت " وأن التعويل في مثل تلك الحالات لن يكون الا علي مسعود ومن في حكمه ك:منصور ومولو ممن ظل دوما يسعي لضمهم لصفه وكسبهم الي جانبه ، أم أن الأمر كان مجرد بحث – بلا معني – عن سند انتخابي ومدد شعبي لا غير؟ .
2- لم يكمل ولد الشيخ عبد الله عامه الأول حتي جاهر بأنه راغب في تشكيل حكومة علي هواه ، وهكذ أصدر تعليماته بإقالة وزيره ألأول الزين – الذي ستتكشف لاحقا بعض خيوط علاقته بالجنرالات – وذلك بعد أن كان قد نجح في إذابة شعبيته وحماسه وجذوته كما يذوب الملح في الماء، ورغم توسلات وتحذيرات الجنرالات فإن الرجل مضي في طريقه غير ءابه بالأشواك معلنا حكومته التي ضمت رموزا من ما يعرف بالمعارضة التقليدية ، ليجد الجنرالات – فجأة – انفسهم وجها لوجه مع ذات الوجوه التي استعصت يوما علي ولد الطائع بكل خيله وخيلائه، وعجزت سجونه ومناصبه وأمواله عن ترويضها وضمها ل" الحظيرة" ( لاحظ مثلا أن الجنرال عزيز كان يقوم بجولات مكوكية بين الاشخاص مظنة التأثير علي ولد الشيخ عبد الله بعد أن أيقن بانه لم يعد منهم وذلك لثنيه عن تلك القرارات ... وهكذ زار مثلا رئيس الجمعية الوطنية في منزليه بتفيرات ونواكشط وكان الخليل ولد الطيب شاهدا علي بعض من تلك اللقاءات والحوارات والعهدة في هذه المعلومة علي السيد مسعود ولد بالخير في مقابلة له مع الأخبار انفو 14/8/2009)، فهل بلغت " قوة الشخصية" والقدرة علي اتخاذ القرار بالرجل الحد الذي جعله ينسي قواعد اللعبة ويتجاهل الجنرالات بكل هذه السرعة متحيزا للمعارضة التي لا تمتلك حتي ثلث مقاعد البرلمان ، أم أنه – مرة أخري – الإعداد المبكر للمواجهة والايمان بما يمكن أن يصنعه أصحاب المبادئ في معركة يتوقع لها أن تكون شرسة صعبة لا يصمد بها إلا من جاوزت مبادئه " القنطرة" ؟.
3- حينما بلغ صراع الرجل مع الجنرال طريقا مسدودا بادر في خطوة – إنتحارية – يعرف قبل غيره عواقبها ومآلاتها التي يمكن أن تؤدي إليها بإقالة الجنرالات الذين كانو يومها – والأمر اليوم لم يعد سرا- والغين حتي فوق شحوم آذانهم في السياسة، فكان أن نفذ الجنرال رغبته العارمة في الاستيلاء علي السلطة وأعلن انقلابه علي الشرعية، فاضحي سيدي بين طرفة عين وأخري سجينا بعد أن كان رئيسا ، بيد أن فرصة ذهبية لاحت في الأفق ليعود السجين – كما كان – ريئسا، وبدا أن بين المنزلتين مجرد مسافة توقيع علي ورقة بالعدول عن إقالة الجنرالات - والعهدة في هذه المعلومة علي الجنرال نفسه في مقابلة له مع قناة الجزيرة بتاريخ 8/8/2008م صرح فيها بانه طلب من سيدي الرجوع عن إقالته مقابل التراجع عن الإنقلاب وعودة الأمور الي مجاريها ومناقشة الأمور كلها)، غير أن العجب أن ألرجل مضي فيما كان هو يعتقد أنه مصلحة البلاد ممتنعا عن العودة عن قراره حتي ولوكان ثمن ذلك السجن بعد القصر وجزء لا باس به من حياته ومستقبله السياسي ( أخبار نواكشوط 15/11/2008م ).
فهل يعقل يا تري أن يكون إيمان الرجل بوطنه وحرصه علي بلده كما يقول ( أخبار نواكشط 15/11/2008م) وإقتناعه بقراره الذي أتخذ وصل به لدرجه التضحية في سبيل ذلك بالكرسي والرئاسة بل والحرية ، أم أن الرجل كان يعرف أن الجنرال يخادعه ، وأن الأمر أمر قد أبرم بليل ، وأنه إن لم يكن ذاهبا اليوم فغدا ، وخير له أن يكون ذلك بيده لا بيد غيره؟.
4- بقدر ما مثلت مبادرة العقيد القذافي بارقة أمل لبعض الوقت لدي العديد من الموريتانيين بقدر ما مثلت – كذلك – إختبارا صعبا وإمتحانا واضحا لقدرة الرئيس ولد الشيخ عبد الله علي اتخاذ القرار ، وبقدر ما أعطت جوابا واضحا حول شخصية الرجل ونوع تفكيرة ومن يكون من الرجال، وكجزء من تلك المبادرة غادر الرجل نواكشوط مع وقد مكون من طاقمه والمرقربين منه علي متن طائرة ليبية حطت مباشرة في مدينة سرت الليبية التي كان "يعسكر" بها القذافي يومها، وبحسب أحد أعضاء الوفد المرافق للرجل ممن قابلته يومها علي أمل نشر مقال عن الموضوع لم يكتب له أن يري النور – بحسبه فان نقطة الإرتكاز في مبادرة العقيد كانت الضغط المفرط علي ولد الشيخ عبدالله ليستقيل من منصبه علي حجة أن عزيزا شرح للعقيد مبررات الانقلاب وهي بالنسبة له "مقنعة" ، وحينما يئس العقيد من الضغط وأيقن أنه ينفخ في هواء جرب الجزرة فاغدق الوعود للرجل والتزم له بمنصب في منظمة دولية وراتب مجز بل وطائرة خاصة لكن الرجل لم يزد أن عاد لوفده محمر الوجه غضبا من تلك المباردة التي بانت كلاها من هزالها وتبين أنها لم تكن سوي "خرجة من خرجات العقيد ".
إن السياق العادي للامور يجعلنا نتفهم موقف الرجل علي إعتبار أنه راج وطامع في أن يعود رئيسا لبلده ، ورئاسة دولة بكل تأكيد خير وأجدي من تلك المغريات " غير المتأكد منها" ، لكن ما يجعل إشارات التعجب والإستفهام والحيرة تتكاثر حول هذه النقطة حينما نري ونيمع عن مدي استعداد الرجل المفرط للتنازل عن تلك الرئاسة فرحا مبتسما " إذا ما كان ذلك هو ثمن إتفاق الفرقاء الموريتانين، وعودة جريان ماء الود بينهم وفك الحصار عن بلدهم ، وسلوا إن شئتم عن ذلك واد ولعمامرة وسعيد جنيت وبقية أعضاء الوفد الدولي ممن قابل الرجل في إطار الوساطة السينغالية ( موقع تقدمي 18/5/2009، 21/5/2009، 24/5/2009 ).
فهل يعقل أن يضحي الرجل بالمطالبة بمنصبه كرئيس للبلاد مقابل وفاق الفرقاء ، وهل يعقل حقا أن ذالك الوفاق أهم لد يه من طائرة ومنصب ومغريات مادية مختلفة ؟ أم هو خوف الرجل من أن يصير بلده الي ماصارت اليه بلدان إفريقية عدة رفض ساستها التنازل عن مناصبهم حين إقتضت الحاجة ذلك، بل سعوا لتأليب الجيوش ولإستعانة بكل من هب ودب لاستعادة ملكهم المسلوب وكراسيهم المغتصبة فكانت الحروب الأهلية الطاحنة والدماء المتدفقة، ففضل سلم ووئام بلده علي كرسيه ؟ أم أن في الأمر سرا آخر لا ندركه ولا نعرفه ؟.
5 – كنت لبعض الوقت أخال تصرفات الرجل إتجاه الجنرالات مشوبة بنوع عناد أو محاولة بحث عن الذات وإثبات القدرة علي إتخاذ قرارات ، لكنني مع الوقت تخيلت الأمر نوع تفكير لدي الرجل وطريقة حياة غير مرتبط برداة الفعل أو الأحدات الطارئة ( خذ مثلا طلب السيد مسعود ولد بالخير منه – وهو أحد اصدقائه والمقربين منه ومحل ثقته- القاء خطاب إلي الامة قبل المغادرة لشرم الشيخ ، وطلبه منه عدم إقالة الجنرالات ، وطلبه منه عدم إدراج فقرة في خطابه للامة يلوح فيها بحل البرلما ، فهي أمور كلها سمعها الرجل وأصغي اليها واحترمها – لكنه عمل بغيرها – والعهدة في كل ذلك – مرة أخري – علي السيد ولد بالخير في مقابلة له مع وكالة أنباء الأخبار منشورة بتاريخ : 18/04/2009م ، ثم إن الرجل وهو خارج السلطة خلال الأشهر العشرة الأخيرة إستطاع أن يجعل من نفسه رمزا وكيانامستقلا – حتي عن الجبهة التي هي ظله وساعده الأيمن – فاتخذ بنفسه قرار الإستقرار في "لمدن" ومراقبة الأمور منها وإدارتها بالطريقة التي يراها وتسمح بها الظروف التي فرضها انقلاب الثالث من أغسطس، وموضع آخر يضع لبنة في هذ الصرح ويضيف سؤالا آخر لجملة الأسئلة التي تحيط الموضوع ،فقد حدثني أحد أعضاء وفد زيارة ليبيا آنفة الذكر أن القذافي وهو يودع ولد الشيخ عبد الله أمسك بيده بعد أن يأس منه – وقال : علي كل حال أنا ساكون ضيفا عليكم خلال أيام ... وسأؤم الناس في الصلاة الجامعة التي منعتني تأديتها لديكم العام الماضي!! وحينما سأل صاحبي السيد سيدي لم منعت القذافي إقامة تلك الصلاة في موريتانيا؟ تبسم ضاحكا من قوله وقال: أهل موريتانيا أهل فقه وعلم ولم أشأ أن أغرب عليهم بصلاة لا عهد لهم بها، كما أن منهم أهل وسواس وهم كثر فلم أشأ أن أشغلهم بموضوع كهذ!، فهل هو وضوح رؤية وإستقلال قرار لهذ الحد أم أنها صدف وقرارات عابرة لا تنتظم في حيز أو إطار واحد يجمعها وتتخذ منه قاسما مشتركا؟؟.
6- حينما جاهر الرجل بمخالفة الجنرالات رافضا العودة عن قرار الاقالة ، وبالتالي العودة لكرسي الرئاسة ، كان يعرف أكثر من أي آخر أن ملفاته س"تنبش" وقرارته س"تبحث" وأن من سيجلس علي الكرسي من بعده هم الد أعدائه، لكن الغريب أن الرجل بدي واثقا من نفسه حيال الموضوع "أكثر من اللازم " ، وحينما أعلن الجنرال عزيز علي الملئ وعبر قناة الجزيرة (8/8/2008) أن بحوزتهم أدلة دامغة ووثائق مسطرة بخط يمين الرجل تثبت تورطه في محاولة رشوة البرلمانيين المخلصين وتمنعهم من ذلك ) لم يبق شك لدي أي موريتاني أن تلك هي نهاية ولد الشيخ عبد الله السياسية كما كانت نهايته العملية من قبل لكن الأيام والليالي مرت وتوالت ولم تري تلك الوثائق النور، ولم يعد أحد من أصحاب الجنرال يطرق الموضوع أو يتحدث عنه كما لوكان بودهم أن ينسوا أن قد قالوا يوما ، بل وحتي محكمة العدل السامية التي تشكلت لذات الغرض لا تزال تراوح مكانها ولم يري الناس منها سوي صورة العارضة الخضراء وهي تلف خصر رئيسها الشاب " المتوثب" يوم تنصيبه، فهل يجعلناهذ بالفعل نؤمن أو نصغي لما قاله الرئيس عن نفسه في مقابلة له مع WWW.ANI.MR بتاريخ 25/11/2008م من أنه يتحدي من ياتي بدليل ولو واه يثبت تورطه في أي أوقية فساد صرفا أو قبضا طيلة الخمسة عشر شهرا التي أمضاها في السطلة وأنه مرتاح البال والضمير لأنه أدي واجبه كاحسن ما يكون وكأكمل ما يمكن أن يؤديه – إنتهي الاستشهاد- أم أن الأمر لا يعدو كونه انشغال الجنرالات ومن معهم عن اظهار تلك الوثائق والحقائق ؟ وسوف يخرجونها للملأئ قريبا ... ولكن متي ؟
ورغم أن المناسبة ليست مناسبة حديث عن ما انجز الرجل وما أخفق فيه طيلة فترة حكمه فانني استسمح القارئ الكريم في نقل فقرة قصيرة من مقابلة اجرتها وكالة انباء الأخبار مع السيد اقرين ولد محمد فال مساء السبت الموافق 19/4/2008م ( أي شهرين وأياماقبل الأنقلاب) وهي:
" لقد وصلت الحريات العامة في بلدنا حدا غير مسبوق ، فلأول مرة تمر عليه سنة كاملة دون أي سجين رأي ولو واحد ، والجميع يعلم أن رئيس الجمهورية يزاول مهامه الدستورية بشكل طبيعي، يسمع في المحافل الدولية صوت بلادنا ، ويطرح رؤاها ومواقفها ويبلغها ، يزور البلدان الشقيقة والصديقة ، كما يزوره رؤساء هذه الدول ، ينسج شبكة من العلاقات مع دول العالم لصالح البلد، ويوجه الحكومة والشعب وفقا لبرنامجه ورؤاه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.( وقد كنت حرفيا في النقل وأترك التعليق لغيري!)
7- موع آخر من بين هذه المواضيع شد انتباهي ووقفت عنده مليا وهو موضوع التسجيلات التي نشرها موقع تقدمي لحوار مطول بين الرجل ومجموعة من الضباط زارته في معتقله أياما بعد الانقلاب ، وإذا ما كانت بعض نظريات الإجتماع تعلمنا أن الإنسان في بعض الحالات تنتابه موجة قوة وصمود أمام الخصم فإنه في حالات كثيرة ينحاز للضعف والجانب الهين خصوصا إذا ما كان سيف "العلنية" غير مسلط عليه وكذلك إذا ما انعدم التكافؤ بين الطرفين ، وهل أكثر انعداما للتكافئ من حالتنا هذه ... شيخ مدني مفرد أعزل طاعن في السن معتقل أمام مجموعة من الضباط الشباب المسلحين الممسكين بتلابيب مسقبله بين أيديهم، بيد أن الرجل رغم كل هذ – وهو لا يعلم ان حديثه مسجل وسيري طريقه قريبا الي النشر علي الملئ- بدا صلبا متماسلكا عالي الصوت كأنما يحدث رفقاء له في صالون منزله الخاص، وحينما الح الضباط لم يكن رده سوي كلمات بسيطه أنه معتقل .... أتعرفون أنها ذات الكلمات التي رددها يوما الرئيس المختار ولد داداه علي مجموعة الضباط التي جاءته وهو في معتقله بقلعة ولادة تريد منه الاتصال باصدقائه من زعماء الخليج ليفيضوا عليهم ببعض الدعم فلم يزد أن قال " انه معتقل " (مذكرات المختار ولد داداه – النسخة العربية ص:27).
فهل هو فقدان الامل دفع الرجل لهذه الشجاعة الخارقة ، والصوت العالي أم أنها – مرة أخري – الثقة في النفس والقدرة علي المواجهة ، حتي ولو أختل التكافؤ في الوسائل اختلافا بينا وواضحا؟
8- أخيرا قد يتساء المرء وأنا بصدد الكتابة عن فرسان تغيير مرحلة التغيير الحق التي دامت طيلة الفترة الماضية لم بدأت بولد الشيخ عبد الله وهل يستحق أن يكون قبل كل تلك الأسماء اللامعة ، والقامات السامقة .. لست أدري! لكنني أعرف أن الرجل كان رئيسا وكان بإمكانه أن يكون للجنرال كما يريد فتدوم له سنين عشرة قابلة للتجديد! ثم كان بامكانه أن يلغي قرار الاقالة فيعود رئيسا ولو مع وقف التنفيذ لكنه أبي وقال السجن أحب الي ! ثم كان ف السجن تحت ضغط ترغيب وترهيب وكان لو استقال يخلط الأمور ويربك الجبهة ويعلي شأن الجنرال ولا تسأل عن حظوته عنده يومها لكنه أبي! ثم خرج من السجن ليلقي سيل مبادرات ومقترحات فكان جوابه لكل ذلك أنه مع الصلح والصلح خير وأن ثمن قبوله الإستقالة التي أعيت الجنرال وصحبه هو وفاق أهل موريتانيا ورفع الحصار متعففا عن دعوة الغير أو الاستعانة بالخارج ، فهل استحق بذلك أن يكون الأول؟ أم أن الكل أول وليس ثمة ثان أو ثالث؟ ليس ذلك في الحقيقة ما يشغل بالي فقد حسمت فيه أمري ، لكن الذي يشغل بالي هو من يكون الثاني؟ ولم؟
ليت من يقرأ هذه السطور يعينني بمن يكون الثاني ولم؟


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!