التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:06:25 غرينتش


تاريخ الإضافة : 15.07.2009 16:19:49

إرهــــــــــاب أم فســــــاد:

بعد حادثة 11 من سبتمبر التي هز زلزالها الولايات المتحدة الأمريكية وهزت تبعاته الارتجاعية العالم كله توقع الكل ردة فعل قاسية وحاسمة وهكذا مضى كل مراقب في وضع تصور و سقف لما يمكن أن تصل إليه يد الغضب الأمريكي غير أن ما وقع من إدارة بوش أذهل العالم كله وتخطى كل الحدود.
فلقد شرعت أمريكا بوش في فرض مشروعها المرعب أمريكيا ودوليا وابتدع مصطلح الإرهاب وأصبح سيفا مسلطا على رقاب الأنصار والأعداء ،وهكذا تم اجتياح أفغانستان بحجة أنها وكر الإرهاب الأول واحتل العراق بذريعة امتلاك أسلحة دمار شامل وبإيواء القاعدة وبأنه على علاقة وثيقة بالإرهاب وتلاحقت الأحداث بشكل تراجيدي وازدادت الصورة قتامه وسوادا وبلغت النبرة العدوانية أوجها فأصبح كل من لا ينخرط في نهج بوش إرهابي ومجرم (من ليس معنا فهو ضدنا) ووصفت الحرب ضد الآخر بأنها مقدسة (حرب صليبية) واكتسحت العالم كله أمواج من الاعتقال والاختطاف والتعذيب والقتل واستلبت أبسط الحقوق والحريات حتى باتت صورة أمريكا في الحضيض.

وأول من تذمر هم الأمريكيون أنفسهم لدرجة أنهم اختاروا رئيسا أسود لأول مرة في تاريخهم وثاروا وتمردوا على الجمهوريين والمحافظين الجدد وسلبوهم السلطة والنفوذ ولقد أثبتت الوقائع والتجارب فشل وعقم هذا الأسلوب وخطورته وأصبح واضحا وجليا أن لا مكان في هذا العالم لا لبوش ولا لنهجه وتعاطيه مع الأمور وتنفس العالم كله الصعداء برحيله وغادر غير مأسوف عليه.

وكما اخترع بوش مفهوم الإرهاب ليدجن شعبه ويسوقه قطيعا لتحقيق مآربه وأغراضه أخترع مخلصنا مفهوم الفساد ربما لذات الأسباب وكما أن كل من ليس معنا فهو ضدنا فإن كل من ليس في قطب الإصلاح فهو بالضرورة في فلك الفساد حتى أن موريتانيا بزعمه بكل قيمها ومقوماتها أصبحت مجرد مسخ للفساد وعلى كل مستوياتها،


فعلى المستوى السياسي أصبح رواد السياسة الوطنية الذين حملوا مشعلها ودفعوا من أعمارهم وأرزاقهم زهرتها مهرا لمبادئهم ومواقفهم باتوا ببساطة مفسدين ولصوص وطنيا وعملاء خارجيا
وعلى المستوى الاقتصادي باتت الطبقة الممارسة للتجارة مفسدة بأسرها تقريبا اللهم من ابيضت يداه بفعل الحسب أو النسب أو بفعل الدوران في فلك موريتانيا الأعماق ورشق الناس وبأسمائهم بتهم الفساد واللصوصية ووسموا بالعمالة في حين أن المكان الوحيد لإثبات التورط أو البراءة من أي جريمة أو جناية أو جنحة هو فقط في المحاكم لا على منابر الحملات،
وعلي المستوي الاجتماعي وبدل إنزال الناس منازلهم عملا بسنة سيد الخلق صلي الله عليه وسلم حطت الأقدار ونزعت الألقاب وما عاد في القريتين من عزيز إلا عزيز.
إن الوقائع والأحداث وما وصلت إليه النبرة الدعائية من احتقان لتنذر بما لا يدع مجالا للشك بعهد ستعيشه موريتانيا إذا ما اختارت الأعماق بدل الأخلاق من الدكتاتورية والكبت والاعتقال والتكميم والتضييق على البلاد والعباد في معايشهم وحرياتهم.
إن موريتانيا بعدما عاشته وعانته من عدم استقرار وخوف وضائقة في الأوضاع والأحوال لأحوج ما تكون إلى التصالح مع الذات والتعالي على الضغائن والأحقاد وعدم نبش دهاليز الماضي المظلمة والابتعاد عن التشنج والتعسف والتعصب للرأي،إننا وبدون استثناء مع رفع الظلم ومحاربة الفقر ومع مكافحة الفساد ،ولكن بأسلوب تعتريه الحكمة ويراعي تناقضات وحساسيات المجتمع الموريتاني،وبنهج أبوي يقف على نفس المسافة من كل أبنائه يكافئ البار ويأخذ علي يد العاق لذلك نقولها عالية وبوضوح ،لا نريد لنهج بوش أن يموت في العالم ويحي في موريتانيا.



محمد سالم ولد العيد


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!