التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:06:42 غرينتش


تاريخ الإضافة : 29.07.2009 13:27:59

للإصلاح كلمة.. وموضوعها: الانتخابات الرئاسية









هذه الانتخابات وما قبلها من عراك ،والتحالفات التي جرت أثناء ذلك ،والنتائج التي أسفرت عنها هذه الانتخابات ،كل هذا يجب على الموريتانيين أن يطلقوا عليه بعد هذه النتيجة :الاستقلال الجديد لموريتانيا {إذا طبقت الوعود}
، وأبدأ لأقول أن هذه التسمية ليست إعجابا مني بهذه النتائج لأني لم أشارك في حصول الفوز فيها، فأنا كنت ولا زلت في حزب كان مرشحا للرئاسيات ،ولكن لشدة معرفتي بموريتانيا وأفكار الشعب الموريتاني وكيف كانت تسير موريتانيا من اليوم الذي ذهب عنها فيه مؤسسها :المختار ولد داداه رحمه الله وأنعم عليه في تلك الدار التي هي مآل جميع الرؤساء والمرؤوسين - وتسلمها من بعده العسكريون
وبما أنه لا يمكن لقلم أن يكتب بالتفصيل ما كانت عليه موريتانيا من انسلاخ شبه كامل من معنى الدولة- فإن قلمي سيكتب رؤوس أقلام عن تلك الوضعية التي لا يرضى بها لوطنه إلا متسلط، متنفع، مغفل، لا ضمير له.
فمباشرة بعد أول انقلاب عسكري، وبالرغم من أن رجال الانقلاب آنذاك ليسوا سيئي أخلاق ولا دين ولا فكر إلا أنهم كانوا عسكريين سلوكا وعاطفة وعدم تجربة سياسية ،وموريتانيا آنذاك قريبة عهد بالأفكار البدوية :القبلية،والعرقية، والجهوية ، ولم يستطع هؤلاء العسكريون التعرض لهذه المسلكيات المنافية لبناء الدولة وهكذا عشنا فترة من الزمن تحت هذه الإدارة العسكرية اللينة العريكة أمام تلك السلبيات وبدأت جميع عقد الدولة تنحل عقدة عقدة فاشتركت القبيلة والوجهاء والمعارف والأصدقاء في تسيير الدولة ولاسيما عند الرجال الذين ترأسوا مؤسسات إدارية أو اقتصادية في ذلك الزمن المحلول العقد ، وساهم أيضا دخول بعض الشعب مؤخرا في حياة الدولة الحديثة في حل أكثر عقدها وفي إنهاك بنية الدولة العامة
فأصبح النجاح في أي شهادة لا يحتاج للاجتهاد في الدراسة بل لمجرد معرفة أو صداقة ولي أمر الجهة المعنية بالنجاح، وكذلك الحصول على أي وظيفة إدارية أو مالية أو دبلوماسية أو قطعة أرضية في أي مكان من الجمهورية ،وضاعت جميع الإرشيفات من الدولة وأصبحت المشروعات ملك لأصحابها.
وهذا الفيروس الذي نخر جسم الدولة كان يسير ببطء في جسمها نظرا للبقية الباقية من الطيبوبة في قلوب العسكريين قبل معاوية .
ولكن عندما وصل معاوية إلى الحكم واهتزت البلاد في زمنه هزة عنيفة نتيجة للثغرات التي أوجدها الايديولوجيون والعنصريون وغير ذلك من الاتجاهات المنافية للحياة السليمة في الدولة وقد وجدوها مفتحة الأبواب ودخلوها لتوسعة أفكارهم في الاتجاه الخاطئ .
وقد قام معاوية عند ذاك برد عسكري في كل الاتجاهات لا يختلف هو الآخر عن النظرية العسكرية الخاصة بميدانها ،وبعد أن اتسع الخرق على الراقع بدأ لمعاوية أن الدواء في إنشاء ديمقراطية لعل اسمها وقشورها تكتفي بها القوى الغربية التي عادته اثر الأحداث والتي لا تنظر إلى الأشياء بنور الله.
فأصدر دستور "92" وقام بانتخابات ديمقراطية في شكلها اللوجستي ولكن حملتها جعلت من نمط آخر وهي المبايعة من طرفين :
-الرئيس يقدم للمعاون جميع بنية الدولة من إدارة ومؤسسات وانحلال كامل لخلق بنية الدولة ونبدأ بالإدارة الإقليمية ونمر على المؤسسات الاقتصادية حتى نصل إلى القوات المسلحة وقوات الأمن إلى آخر ما تطلق عليه الدولة فكل هذا أصبحت تتحكم فيه القوة الناخبة.
أما من جهة القبيلة والوجهاء والأحزاب الورقية المشكلة لما يسمى بالأغلبية فمن جهتها الولاء المطلق الذي لا بقاء بعده لكرامة ولا شرف بل قمة النفاق والتملق وإطلاق الأوصاف الملائكية على الحاكم، أما أسماء صلحاء الصحابة وجميع المصلحين في التاريخ الإسلامي كل ذلك أصبح في نظر المتملقين نزر في أوصاف الرئيس الملهم،وهكذا ظل هذا العهد على هذه الوتيرة حتى أصبح الفيروس الذي كان واحدا وكان ينخر جسم الدولة في زمن العسكريين الأوائل أصبح جسم الدولة موبوء بالفيروسات القاتلة فانحلت عند ذلك جميع عقد الدولة وأصبحت تسير على غير هدى ،
فجميع مؤسساتها تشبه النموذج الذي يعلقه التاجر أمام متجره ليشير به إلى أنه يبيع هذه البضاعة { شانتيوه}
فاستشهدت القوانين لأنها قتلت غيلة ،وحمي وطيس القبيلة والجهة والعرق والنزوات الجنسية واللامبالاة .
فأصبح المتصوفون الماسكون بزمام العامة ،والجهلة يعينون في الوظائف على أعلى مستوى ويحولون فيها كيف شاءوا ويقودون بخرافتهم الدنيوية غير المعروضة على الكتاب والسنة أطر الدولة الكبار، وأصبح أصحاب النزوات الجنسية يوظفون الجنس الثاني بدون شهادات أو بشهادات متدنية ، ومن دخل جميع المكاتب في الوزارات من أعقد وزارة فنيا أو مؤسسة إلى أبسط مؤسسة فسيجد مصداق ذلك .
فالموظفة الواحدة التي تكفي المكتب عادة مضروبة في عشرة من جنسها، وأعاد الولاة تخطيط كل ولاية ليعطوها من جديد عطاء جديدا لذلك ولتلك ،وأصبحت نسبة التزوير في كل مؤسسة تساوي 70 في المائة من إصداراتها وأصبح الوالي والحاكم النائبين عن الرئيس وعن كل الوزارات وكل شيء وضعه القانون تحت إمرتهم بما في ذلك القواعد العسكرية ومع ذلك لا يشعرون بأي شيء تحت إمرتهم من مصلحة المدينة المسؤولين عنها إلا تقسيم القطع الأرضية التي يتحكم فيها قبلهم المخطط المحلي فالإدارة الإقليمية إهمالها للمسؤولية العامة هو أبو الفساد وابن الفساد وأخو الفساد.
فصاحب الماء والكهرباء وكل المرافق العمومية في الدولة لا راعي لعملهم غير أنفسهم ،أما الهيئات الأمنية فتبعيتها للإدارة الإقليمية تقلصت حتى أصبحت مجرد صحبة ومزاج ،هكذا كنا وهكذا مازلنا ،بمعنى أننا بعد ميلادنا القيصري على يد رجل قرأ نظام الدولة القوية في بنيتها المحكمة وفي تسييرها وطبقها آنذاك بدأنا عند انقلاب 78 نسير إلى الوراء وما إن وصل زمن معاوية ودمقرطته حتى أصبح ذلك السير الخلفي ينحرف ب "140" درجة في الخطأ ونقطة الانتهاء كانت قريبة جدا حتى جاء البطل صالح ولد حننة فعطل عجلتين من هذا السير ولكن سرعان ماجاء مهندسو الفساد وأصلحوا العجلتين بسرعة وتواصل السير تحت أصوات المنافقين والمتملقين حتى جاء الأبطال الذين يعرفون تفصيل أنفسهم مع أن الجميع يتفق أن – عزيز- هو رأس الحربة في الانقلاب إذا لم يكن هو الحربة كلها، فأزاحوا طاحونة الفساد لكنهم جاءوا بــــ:عفى الله عما سلف ،ولم يأتوا بــ :أزال الله الفساد المستمر.
وبما أن الرئيس المنتخب الذي جاءوا به ظن أنه سيبني موريتانيا من جديد على قواعد المرحوم المختار ولد داداه فلم يقم بأي تنقية لجراح الجسم الذي ترأسه وأصبح يطلي فوق الجراحات المزمنة المنتنة فانفجرت الجراح ووقع ما وقع وعلية فإننا سنقول للرئيس المنتخب الجديد مايلي:
أولا: كل ماكنت تقوله في الفساد فهو صحيح فنحن شعب قليل فقير يسكن على أرض غنية وهذا سببه ما شرحت أنت بعض جوانبه في تدخلاتك وما سطرناه نحن أعلاه
ثانيا: الفساد الذي كنت تتكلم عنه لا ينحصر في أكل المال العام ولكن أوله وآخره هو عدم وجود أسس الدولة وانحلال خلق العمال من أعلى الدولة إلى بوابيها الذين لا يأذنون في الدخول إلا عن طريق الرشوة
ثالثا: إن معالجة ذلك ليست في بناء الغرف - ولو كانت صالحة- على الأساس المنهار فينهار الجميع .
إن الدواء الناجع أظنه في الخطوات التالية :
أولا: تكميم أفواه المتملقين والمنافقين وأولهم جميع الإعلام المقروء والمسموع والمرئي عن الإطراء بما أنجز فأحرى ما لم ينجز فذلك يكفي منه للمرء أن يسمع قول الله تعالى :{{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون.}}
ثانيا:إذا كان التنصيب يوم 05-08- 09 ،يبدأ تشكيل لجان التفتيش يوم 06-08-09 ،وكل لجنة تكلف فيما تختص فيه وتبدأ من سنة 1978 .
-فتبدأ بإعطاء الصفقات لمن أعطيت له وعلى أي أساس ؟
-ولجنة التوظيف على أي أساس توظُّف هذا الموظف وأين هو الآن؟ .
-ولجنة الترقية سواء في الجيش أو الأمن أو الإدارة وعلى أي أساس ترقى هذا الشخص.
–لجنة التزوير: في كل إدارة ماذا وقع فيها من التزوير ومن هو الفاعل ومن أعانه على ذلك ومن هم الولاة الذين زوروا أو سمحوا بالتزوير؟
-التجول في المقاطعات والبحث عن كل بناء مخالف للعمران ماسببه؟ ومن أذن فيه ؟ولماذا ترك؟
-لجنة لتفتيش السيارات، عن ملكيتها وجمركتها وكيف تم ذلك ؟ وكذلك المفتشون للسيارات على الطرق عن أي شيء يفتشون؟ ومن أرسلهم لذلك؟ وما هو وقت التفتيش؟ وأين تذهب حصيلة التفتيش؟
وبعد هذا الذي لا شك أنه سيستغرق سنة يأتي تفتيش من أين لك هذا؟
كل هذا هو ما يرجوه الشعب الفقير والضعيف الذي ألزمتم أنفسكم للنيابة عنه في إصلاح الدولة، وبعد ذلك لا يغيب عن ذهنكم وكما سمعنا عنكم من الإيمان قوله تعالى :{{لكي لا تاسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور}} .فيوم التهنئة ويوم التعزية تكون بينهما أيام قليلة فدائما لا تقع تهنئة إلا وتبعتها تعزية تارة تكون قريبة في الحياة مثل تعيين الوزير وعزله، ومثل تهنئة الزفاف وتعزية الطلاق وتارة تكون بالنهاية بالموت كما يقول المتنبئ يرثي أمير مصر الذي يسمى أبى شجاع :
يا من يبدل كل يوم حلة إني رضيت بحلة لا تنزع {الكفن}
مازلت تخلعها على من شاءها حتى لبست اليوم ما لا تخلع
مازلت تدفع كل أمر فادح حتى أتى الأمر الذي لا يدفع

وقديما قيل في الإمارة إنها: نعمت المرضعة وبئست الفاطمة ، وأخيرا فإن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم {{ يأيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا من ما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم }}

محمدو ولد البار








Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!