التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:04:32 غرينتش


تاريخ الإضافة : 31.07.2009 18:08:48

الإسلاميون وعزيز... قراءة في الخلفية والمشهد

محمد محمود ولد أحمد بابو babou228@gmail.com

محمد محمود ولد أحمد بابو [email protected]

محمد محمود ولد أحمد بابو
لقد مرت العلاقة مابين الإسلاميين وعزيز منذ انقلابه بمحطات عديدة مرة كان الشد والجذب والعصيان المدني والمواجهات الدامية هي السمة الدائبة، وأخري كانت مطبوعة بطابع المداهنة والتغاضي بقصد أو بغير قصد لا يهم، المهم أننا في هذه المقاربة سنقوم بقراءة موضوعية لكواليس هذه العلاقات وخلفيتها مؤسسين علي تلك الخلفية حاضر ومستقبل الحياة السياسية بين القطبين وذلك من خلال المحطات التالية:

الجبهة والمواجهات الدامية:

يعتبر الإسلاميون عضوا مؤسسا في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية التي مثلت حقبتها مرحلة من الصراع الحدي والمواجهات الحادة نزل فيها الإسلاميون إلي الشارع قمة وقاعدة نساء ورجالا شبابا وشيوخا دفاعا عن الشرعية والدستور، ولم يكتفوا بالنزول إلي الشارع جنبا إلي جنب مع القوي الأخرى المكونة للجبهة، بل انخرطوا في نضال إعلامي غير مسبوق من خلال الصحف والمواقع المحسوبة عليهم، وحتى الهيئات النقابية كان لها هي الأخرى الدور الرائد في مواجهة الانقلابيين وصيانة الدستور.
نثر الإسلاميون جميع كناناتهم الفكرية.. والسياسية.. والصحفية.. والإعلامية.. ورموا الانقلابيين عن قوس واحد ودفعوا الثمن غاليا: ضربا في الشوارع ونفيا في الفيافي وكسورا في الأجسام وتشويها لد الرأي العام من خلا الترويج إلي أنهم يدعمون بل يطالبون المجتمع الدولي بفرض حصار خانق علي بلد فقير مثل موريتانيا.
لكن ذلك لم يفت في عضدهم ولم يثني من عزمهم فواصلوا النضال والممانعة إلي أن بدأ الانقلابيين يصغون للحوار ويبحثون عن مخرج، فبدأت المفاوضات المباشرة في " دكار"، الجبهة برئاسة الإسلاميين وعزيز والتكتل من خلال ممثليهما، وانتقلت ساحة الصراع إلي خارج الوطن واتجهت الأنظار إلي دكار، وبعد "ماراتون حواري" وملاسنات كلامية وتناقضات في التصريحات (اتفقنا لا لم نتفق) اتفق الجميع علي الاتفاق، فاختلفت الجبهة ولم تختلف علي الاتفاق هل وقع أم لا ؟ وإنما اختلفت علي التأطير السياسي للاتفاق نفسه، والتكييف الأخلاقي له و تباينت المواقف وفقا لتباين الرؤى.

استراحة محارب:

هكذا اعتبر مسعود وولد مولود هذا الاتفاق مجرد استراحة محارب ومنتصف الطريق وما إن عادوا من دكار حتى استأنفوا النضال بذات الروح السابقة، وبدؤوا يتوعدون الجنرال بالهزيمة ودخلوا معه في صراع من العنف الكلامي ودوامة من الاتهام والاتهام المضاد في حين اعتبر البعض أن هذه التصريحات لا تتماشي مع روح الاتفاق والمصالحة
أما الإسلاميون وعزيز فكانت العلاقة بينهم مغايرة تماما حيث اعتبروا اتفاق دكار مسحا للطاولة وطيا لصفحة الماضي وفتح صفحة مستقبلية بيضاء ..

بداية مرحلة ونهاية أخري:

هكذا أطر الإسلاميون اتفاق دكار واعتبروه نهاية مرحلة من العنف الدامي والصراع المسلح بين مدنيين عزل وعسكريين مدججين بالسلاح ومغتصبين للشرعية... اعتبروه نهاية لصراع الفرقاء وبداية لمرحلة أخري قد لا يتفقون فيها مع الجميع لكنهم سيقفون بذات المسافة من الجميع مكرسين بذلك دعائم مناصحة ومصالحة يحتاجها البلد في هذه الظرفية الدقيقة والحرجة، وانخرط الجميع في جوقة انتخابية غير متكافئة الوسائل والوسائط، ولا متجانسة الفرص، لكن الجميع انخرط وبدأت التوقعات والتكهنات، واستخدم البعض خلال الحملة كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وجاءت النتيجة مفصلة علي مقاس الجنرال مخيبة بذلك كل الأحلام والآمال، فسارع البعض باتهام الانتخابات بالمهزلة والتزوير وامتنع من الاعتراف بالنتيجة ومقتضاها ، وأخذ الإسلاميون خطا تحريريا سياسيا يصفه المراقبون بالوسط لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء، فاتفقوا مع الجبهة في أن الانتخابات شابتها بعض الخروقات والشوائب، لكنها - في نظرهم- لا ترقي إلي مرتبة التزوير وبالتالي وجدوا أنفسهم مضطرين إلي الاعتراف بالنتائج بشكل عام، وبتهنئة الفائز بشكل خاص، فكان لا بد مما ليس منه بد
وبدأت الهوة تضيق ما بين الإسلاميين وعزيز، وتأجلت - إلي حين - مظاهر الصراع أو تلاشت ولكن إلي متي ؟
في اعتقادي أن الإسلاميين بعد أن اعترفوا بالجملة بنتائج الانتخابات فإن خياراتهم السياسية المستقبلية ستنحصر خلا في المواقع التالية:

ائتلاف ظرفي أم تحالف حكومي ؟

يلاحظ البعض مستوي من الانسجام والتآلف ما بين الإسلاميين وعزيز لكن السؤال هو ما إذا كان هذا الائتلاف ظرفي عابر؟ أم أنه استراتيجي مستمر ؟ وبالتالي فإن الإسلاميين سيشاركون في الحكومة القادمة خاصة أنهم حسب ما ذكروا أمامهم خيرين في هذا السياق:
- (إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها) وهذا الخيار مستبعد.
- (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلي الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) وقالوا علي الله توكلنا.
لكن ذلك كان في ظروف مختلف وبيئة سياسية مختلفة، أما الآن فمن الصعب عليهم أن ينخرطوا في حكومة تحت قيادة رئيس عسكري التكوين مزاجي الفعل والتفكير، قد لا يحترم للآخر رؤيته ولا خصوصيته وقد لا يحترم كذلك البني المؤسسية للدولة ولا صلاحيات الوزارء لأنه يعتبر الدولة سيارة ذات دفع رباعي يسير بها حيث يريد لا يستأنس بدراسة ولا يأتمر بمستشار، وبالتالي فمن المستبعد أن يشركوا في حكومة كهذه علي الأقل في طبعتها الأولي.
وعليه فإن خيار المعارضة يبقي مطروحا ولكن يا تري أي نوع من المعارضة هو ذاك الذي سينتهجه الإسلاميون ؟.

المعارضة الناصحة:

لقد جسدت مشاركة الإسلاميين في السابق إضافات نوعية علي مستوي الفكري والفعل السياسيين، فبعد أن كان القاموس السياسي يحتضن حصريا نوعين من المصطلحات إما:
- معارضة لا تعرف إلا التشهير ولا تري إلا الخطأ معارضة كما قال الشاعر:
إن سمعوا سبة طاروا بها فرحا عني وما سمعوا من صالح دفنوا
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم أذن
إن يعلم الخير أخفوه وإن علموا شرا أذاعوا وإلم يعلموا كذبوا
- أو موافقة عمياء كما قال الآخر :
ما قالت "لا" قط إلا في تشهدها لولا التشهد كنت "لاؤها" نعم
كان هذا هو السائد ما قبل انخراط الإسلاميين في السياسة أما يوم انخرطوا فقد أضفوا علي هذين المصطلحين صبغة أخلاقية، وصفت المعارضة بالناصة لأن "الدين النصيحة" ووصفت الموافقة بالناقدة لأن عمر ابن الخطاب كان يقول: "رحم الله من أهدى إلي عيوبي".
وبالتالي فإن خيار المعارضة الٍناصحة يبقي مطروحا خاصة إذا ما استبعدنا خيار المشاركة في الحكومة
لكن البعض يعتبر المعارضة هروبا من الواقع وابتعادا عن دائرة الـتأثير والإصلاح وبالتالي فإن النزعة السلبية ستكون أقوي من الإيجاب وعليه فإن خيارا ثالثا سيفرض نفسه علي الإسلاميين لأن المسلم لا يسد عليه باب ألا وهو:

المشاركة خارج الحكومة:

فقد ترفع هذه "المنزلة بين المنزلتين" بعضا من الإحراج كانوا سيقعون فيه إذا شاركوا في الحكومة وتخرجهم من دائرة السلب إلي حيز الإيجاب ولو نسبيا.
وبالتالي فإن المشاركة من خارج الحكومة بمدراء وإدارات إقليمية قد تخرج الإسلاميين من فكي كماشة السلب والاندماج، فيأتون بحسن نية ليساعدوا رئيسا:
- داخليا :يسمي نفسه "رئيس الفقراء" ويعلن الحرب ولو "قولا" علي المفسدين.
- وخارجيا: قطع العلاقات مع إسرائيل ويحسب نفسه "ولو اضطرارا" علي تيار الممانعة الدولي المناهض للامبريالية الأمريكية والمناوئ للنفوذ الصهيوني داخل البلاد.
وإلي أن تتمخض الأيام القادمة عن موقف الإسلاميين وموقعهم السياسي، فإن كل الاحتمالات تبقي واردة مالم يحسمها المجلس الوطني لحزب التجمع الوطني للاصطلاح والتنمية "تواصل "
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ولكنني عن علم ما في غد عمي


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!