التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:04:21 غرينتش


تاريخ الإضافة : 16.08.2009 21:29:34

انفلونزا الصفويين تدخل موريتانيا

محمد الكوري ولد العربي

محمد الكوري ولد العربي


خلافا للتوجه السائد اليوم في كتابات الموريتانيين عن أوضاعهم السياسية الناتجة عن تغيير 6 أغسطس 2008، وما تبع ذلك من تطورات قادت إلي تنظيم انتخابات 18 يوليو2009، والانقسام الحاصل في النخبة بين مزمر للرئيس محمد ولد عبد العزيز، ونافخ في صفارة الإنذار خوفا من المستقبل في ظله، أقول خلافا لذلك فإننا نكتب، عكسا للتيار، عن الريح الصفراء التي بدأت تهب على موريتانيا من طهران، أو ما يمكن أن نطلق عليه "الأنفلونزا الإيرانية"؛ وهي الأخطر على وجود البلاد ومستقبلها من أي نظام سياسي مهما أثار من جدل لدى النخب السياسية الموريتانية.
فقد جاء وزير خارجية دولة الملالي الصفويين (إيران) إلي بلادنا في تطور ملفت لتسارع وتيرة التطبيع بين البلدين، وهو محملا بالأتربة والرطوبة المناسبين لفيروس الإنفلونزا الإيرانية، ملفوفين في مصفوفة معسولة من الوعود التي حرق بها الفرس الصفويون كل بلاد الإسلام التي دخلوها.
إن فيروس الإنفلونزا الصفوية هو أشد فتكا من كل "السوشات" الفيروسية التي عرفها العالم؛ لأن هذه الفيروسات بمختلف سلالاتها عرفت، أو هي في طريق إيجاد أمصال لعلاجها بحكم التطور العلمي، ولكن انفلونزا الصفويين، لا أمل في علاجها إلا بمحاصرتها في منشأها بفارس..
ربما لهذه المقارنة الضمنية وقع الصدمة على القارئ البريء، ولكن جهل الطفل لخطورة النار لا توفر عذرا للعاقل في منع الطفل من إشعالها وتوصيفها على أساس خطورتها.
*- الصفويون أخطر من الصهاينةَ:َ
عندما أقدم نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الصهاينة لم تتأخر هبة الشعب الموريتاني ممثلا في كل قواه الحزبية والسياسية لرفض هذه العلاقات، بحكم الانتماء الديني المختلف، وبحكم التكوين التاريخي والنفسي، الذي شكل صورة منبوذة لليهود في المخيال الشعبي الموريتاني. إلا أن هذا السلاح التاريخي الفتاك
بكل روافده الثقافية والدينية والنفسية الذي سهل محاصرة نظام ولد الطايع، سيكون فاقدا للذخيرة الحية في ما يتعلق بإيران، كون هذه الدولة تخفي حقيقتها العنصرية ومشاريعها التوسعية في لبوس كثيف من
الشعارات الإسلاموية. فإيران حين تتقدم داخل الجسم الإسلامي، إنما تتقدم على طريقةالسرطان الذي يفتك بالجسم عبر بعض خلايا الجسم ذاته؛ فهي "جمهورية إسلامية" تسعى "للتواصل" مع شعوب ودول تربطها بها "عقيدة واحدة" وتواجه معها "عدوا واحدا"، وإذا سيكون من المستحيل إقناع المسلم البريء قليل الاطلاع على حقيقة إيران، بأن إيران أشد خطرا
على الإسلام من أية منظومة فكرية أو دينية خارجية.
وهكذا، وبخلاف القوى الفكرية والدينية الخارجية، التي تستفز كوامن الدفاع الذاتي لدى الشعوب المسلمة، فإن إيران الصفوية بحكم "انتمائها" لدين الإسلام ظاهريا، تتمكن من الوصول بانسيابية إلى قوى الدفاع الذاتي في المجتمعات المسلمة وتحطمها بعضها ببعض، تماما كما هو السرطان الذي يحول بعضا من خلايا الجسم عدوا للبعض الآخر فيهاجمه حتى
ينهار الجسم من تلقاء نفسه وكما يفعل سوس الخشب الذي هو منه وفيه يعتاش على نسيجه الداخلي، وفي ذات الوقت عامل نخره وإسقاطه.
*- أثر الصفويين الإيرانيين..
لا يمكن إغفال النكبة التي حلت بشعب العراق الذي ظل لمئات القرون في انسجام ووئام برغم تعدده الإثني والديني والمذهبي إلى أن تسللت إيران الصفوية داخل النسيج الاجتماعي لهذا الشعب مع الاحتلال الأمريكي والبريطاني البغيض، حيث خرب الإيرانيون الصفويون المجتمع؛ فصار العراقي يقتل ويدمر، ويخرب ويحطم كل شيء أمامه على أساس الطائفة والمذهب والاثنية، وراح العراق الذي كان مزهوا بانتمائه الوطني والقومي يتنطع باسم مذهبه وطائفته.. كل ذلك حدث ويحدث بسبب من مكر الفرس الصفويين الذين باتوا يشكلون أكبر خطر استراتيجي على العراق من الأمريكيين بكل
جبروتهم وآلتهم التدميرية.


*- الحصاد المنظور:
سيدخل الفرس الإيرانيون إلي موريتانيا، وسنشهد طابورا من كتاب المواسم يلهثون وراء المال الإيراني ويهللون لدخول قائد الشعوبية العالمية احمدي نجاد وعصابته السوداء، وكأنه يوم فتح مكة.. وسيدخل مهرطقون آخرون على الخط ينظرون للأهمية الإستراتيجية لعلاقة موريتانيا مع إيران الصفوية، كما نظروا من قبل للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وسيقولون
بصوت مجلجل في الفضائيات الممسوخة إن الأمر سيقتصر على تبادل المنافع الاقتصادية، ولكن نقول لهؤلاء وأولئك، والأيام بيننا، إن موريتانيا بتطبيعها للعلاقات مع إيران الصفوية ستتعرض لأول تهديد استراتيجي في
تاريخها، يمزقها شيعا، ويشظيها إلي أشكال وأحجام غير مسبوقة في ماضيها. إن "انفلونزا الصفويين" بدخولها إلي بلادنا ستجلب معها متغيرا جديدا ومدمرا في آن على صعيد توزيع وتوازن علاقات القوة في المجتمع الموريتاني، بحيث سيعرف الموريتانيون مفاهيم ومصطلحات كانت في دائرة المحرمات، من قبيل سب صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وتخوين أم المؤمنين عائشة في بيت هذا النبي، والتشكيك في صحة المصحف العثماني،المقروء بين أيدي
الناس.
وسيرى الموريتانيون بعضهم يقتل أو يحرق بعضا على أساس الهوية، أي لأن أسمه عمر أو أبوبكر أو عثمان أو عائشة... وسينقسم الموريتانيون- الذين وحدهم الإسلام والمذهب المالكي- عربا وزنوجا إلي سنة متناسلة في الإخوان والسلفيين، والتكفيريين والدعاة والتبليغيين، وإلي شيعة صفوية غلاة ينسفون قاعدة العقيدة الأشعرية التي تربى عليها الموريتانيون جيلا بعد جيل.. كما ستنقسم المؤسسات الدينية إلي مساجد تترضى على الخلفاء
الراشدين، وإلي معابد صفوية تسبهم سبا وتتوعدهم باللعنة والنار، على صورة ما يحدث اليوم في اليمن، مع الغلاة الحوثيين ذوي المشرب الشيعي الصفوي، وستنقطع صلة إنسان شنقيط نهائيا مع الإسلام كما عاشه أجدادنا:

دين الرحمة والسماحة والمحبة. إننا في هذا المقال المنذر لا نروم مضاربة فكرية ولا نستحث مناطحة سياسية، ولا نسلك مسلكا معارضا، ولكننا نتطلع إلي تفويت الفرصة على أعداء أمتنا من الإيرانيين الصفويين، الذين يلوحون لنا بقطعة حلوى مسمومة، سرعان ما تظهر أعراضها الكارثية في التوتر الاجتماعي والقلق النفسي، وصولا إلي الدمار والقتل، والتشريد
والتهجير، والخراب في البلاد والعباد، بتتبع آثار التطبيع مع الإيرانيين أو بحسب مفاعيل بؤرهم في العراق واليمن والبحرين والسعودية ولبنان وفلسطين.
خلاصة القول إنه تحدي استراتيجي سيواجه موريتانيا إن هي أقدمت على تطبيع علاقاتها مع إيران الصفوية؛ وإن لنا درسا، نذيرا، بالغا في الإجراء المستعجل الذي اتخذته المملكة المغربية الشقيقة والجارة لقطع كافة الروابط مع هذه الدولة الملتبسة دينيا وخلقيا وسياسيا.
ولقد بات من واجب الفعاليات السياسية والشخصيات الوطنية الوازنة، وخصوصا العلماء تعبئة جميع الجهود للحيلولة دون تغلغل التشيع الصفوي المنحرف في بلادنا قيل فوات الأوان، بعد ما تعذبت أقطار المشرق العربي من حريقه الذي لا يخمد..


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!