التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:13:31 غرينتش


تاريخ الإضافة : 19.08.2009 09:59:07

مثقفون موريتانيون: المواطنة والإسلام أساس حل المشكل العرقي

محمد جميل ولد منصور يتحدث عن أسس البناء الاجتماعي في ندوة نظمتها "جمعية يدا بيد" مساء أمس (تصوير الأخبار)

محمد جميل ولد منصور يتحدث عن أسس البناء الاجتماعي في ندوة نظمتها "جمعية يدا بيد" مساء أمس (تصوير الأخبار)

حذر المفكر الإسلامي ورئيس حزب تواصل محمد جميل ولد منصور من معالجة القضية العرقية والفئوية في موريتانيا باعتبارها مسألة أقلية وأكثرية، قائلا إن ذلك يعقد المسألة أكثر مما يحلها "لأنه يؤدي إلى اعتماد المنطق العددي كمعيار للحقوق حتى في داخل المجموعة الواحدة".

واعتبر ولد منصور -في محاضرة ألقاها في ندوة نظمتها "جمعية يدا بيد" عن "مقومات البناء الاجتماعي في ظل التعدد الفئوي"- أن هناك طروحات خاطئة للمسألة العرقية تنظر إليها من زوايا: "الأقلية والأكثرية، والدخيل والأصيل، والأضعف والأقوى"، وهو "منطق خاطئ يزيد المشكل تجذرا وينقله إلى مستويات اجتماعية أخرى".

وفسر المحاضر كلامه بأن اعتماد معيار الأغلبية الذي تظن المجموعة العربية في موريتانيا أنه سيحسم الخلاف لصالحها سيؤدي لمشاكل فئوية وجهوية داخل هذه المجموعة، "فالحراطين سيقولون إنهم أغلبية داخل العنصر العربي، وسينشأ صراع بين ولايتي الحوض الشرقي وترارزه حول أيهما تتمتع بالأغلبية".

أما معيار الأصالة والأقدمية -الذي قال ولد منصور إن الكل يتحدث عنه من وجهة نظره- فاعتبر ولد منصور أنه يُدخل في متاهات تاريخية "لأن الكل طارئ وأصيل بمعنى من المعاني"، كما أنه "لا يخدم الثقافة الاجتماعية الوحدوية".

وأضاف ولد منصور -في محاضرته التي حضرها جمهور متعدد الانتماء العرقي من بينه سياسيون- أن معيار القوة والضعف يؤدي إلى نشوء الصراعات الداخلية "لأنه يغري الضعيف بالبحث عن القوة ويغري القوي بالمحافظة عليها".

تحديات الحل

ولد منصور تحدث عن عقبات يجب تجاوزها لتحقيق الأخوة والمحبة التي اتخذتها الجمعية شعارا لها (تصوير الأخبار)

ولد منصور تحدث عن عقبات يجب تجاوزها لتحقيق الأخوة والمحبة التي اتخذتها الجمعية شعارا لها (تصوير الأخبار)

وتحدث ولد منصور -الذي يعتبر المرجعية الفكرية للحركة الإسلامية الموريتانية- عما أسماها التحديات التي تواجه التغلب على المشكل الاجتماعي، مثل ضعف الثقة المتبادل "الناتج عن التطور التاريخي لدولة الاستقلال، وبروز التيارات القومية من الجانبين، والعوامل المرتبطة بالاستعمار".

وعدّد المحاضر من هذه التحديات أيضا طغيان المعنى السياسي على أبعاد المشكل الثقافية (نظام التعليم) والاقتصادية (توزيع الثروة).

ولد منصور الذي اعتبر أن الموضوع يحتاج حديثا صريحا وتجاوزا "للحظر الرسمي والسياسي والذاتي للكلام فيه"، رأى أن هناك التباسا في طرح الموضوع الذي ينظر إليه من ناحية الهوية واللغة والعلاقات الخارجية.

وأضاف -في محاضرته التي ترجمها إلى اللغة الفرنسية الداعية عبد الله صار- أن موضوع الهوية يطرح على أساس نقاش هل موريتانيا عربية أو إفريقية، وهل يكفي القول إنها عربية إفريقية، أم أن الحل في وصفها بأنها إسلامية، "والدستور لم يحسم في هذه المسألة بقدر ما أصبح الطرف الغالب يفرض رؤيته".

أما موضوع العلاقات الخارجية فقال المحاضر إنه يقوم على أن موريتانيا بحكم كونها نقطة تلاق بين العالم العربي وإفريقيا "كان ضروريا أن يحدث توازن في علاقاتها بالمنطقتين، وهو ما لم يكن في الواقع".

الإسلام أساس التعايش

الداعية عبد الله صار ترجم المحاضرة إلى اللغة الفرنسية

الداعية عبد الله صار ترجم المحاضرة إلى اللغة الفرنسية

واعتبر ولد منصور إن الإسلام هو أساس مقومات التعايش الاجتماعي "لسبب بسيط هو أنه هو الذي يتجاوز الانتماء الضيق إلى رحابة الفكرة الجامعة" مستشهدا بالآية الكريمة (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) .

وأضاف ولد منصور إن مزية الإسلام على المناهج الأخرى التي جمعت عناصر مختلفة أنها جمعتها بصورة توافقية حول سبل التعايش "أما الإسلام فقد تجاوز التوافق نحو الاندماج ولكنه الاندماج الذي لا يلغي الخصوصيات".

وقال ولد منصور إن هناك أمر يتطلب التوقف في دور الإسلام في التعايش وخاصة في موريتانيا وهو مكانة العربية "فالعربية أساس تعايش في الإسلام ولكن ينبغي تحرير زاوية طرح هذه القضية وعدم طرحها كلغة أغلبية أو لغة إلحاق ثقافي".

ووصف المحاضر العربية بأنها "انتقلت يوم نزل بها القرآن من لغة قوم إلى لغة أمة ومن لغة عرق إلى لغة دين".

وانتقد ولد منصور الذي يعد من أكثر الرموز الإسلامية جرأة في طرح المشكل العرقي في موريتانيا بعض الآراء السائدة بين الإسلاميين الموريتانيين حول الموضوع معتبرا أن من بينهم من لا يزال متأثرا ببعض المعايير الاجتماعية وخاصة في قضايا التزاوج والتفاضل الطبقي.

تصور للحل

جانب من حضور الندوة التي تعقد في إطار "لقاء الأخوة الثاني" الذي تنظمه الجمعية

جانب من حضور الندوة التي تعقد في إطار "لقاء الأخوة الثاني" الذي تنظمه الجمعية

وقدم ولد منصور في نهاية المحاضرة -التي عقب عليها سياسيون موريتانيون- تصورا للحل يقوم على:
- الاعتراف التام بالتعدد الاجتماعي والاستعداد لاستيعابه كحقيقة واقعة.
- استدعاء التاريخ الوحدوي الذي وصل إلى حد التزاوج والتداخل الاجتماعي.
- تشجيع ثقافة التنوع وتاريخ التنوع والحرص على تبادل الزيجات، والتحدث بكافة اللغات الوطنية في المناشط العامة.
- نشر ثقافة مواطنة تتأسس على الإسلام وتقوم على الإنصاف وتعترف بالتنوع.

اعتذار سياسي

 الناطق باسم حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية كان سيري

الناطق باسم حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية كان سيري

الناطق الرسمي باسم حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية (AJD/MR) كان سيري -الذي عقب على المحاضرة- رأى أن "المواطنة التي ستخرج موريتانيا من التشرذم الاجتماعي لن تتحقق إلا بنبذ أصحاب الخطاب العنصري"، وأضاف أن السياسيين "أفسدوا موريتانيا" باستغلال المشكل العرقي "ويجب أن يطلبوا الاعتذار من الشعب".
واعتبر سيري أن هناك أمورا مطلوبة لتحقق المواطنة، ومنها "تقديم تاريخ صحيح للأجيال حتى لا يظل أبناؤنا يقرؤون في المدارس أن موريتانيا عربية، وأن العرب وحدهم من وقف في وجه الاستعمار".

وقال القيادي في حزب مرشح الرئاسيات الماضية صار إبراهيما، إنه لا يرى مشكلة في الحديث عن الأقلية والأكثرية، مطالبا بإجراء تعداد سكاني على أساس عرقي وفئوي، "واعتماده في تشكيل الحكومات وتقاسم السلطة الذي يجب أن ينص عليه الدستور".

بيرام: إسلام ولد الددو إسلام فئوي

الناشط الحقوقي بيرام ولد اعبيدي

الناشط الحقوقي بيرام ولد اعبيدي

الناشط الحقوقي بيرام ولد اعبيدي شن هجوما لاذعا على التيار الإسلامي الموريتاني الذي قال إن قواعده الحزبية رفضت دعم ترشح مسعود ولد بلخير للرئاسيات الماضية "لأنه من فئة معينة".

ووصف ولد اعبيدي رئيس تواصل والقيادييْن فيه أحمدو ولد الوديعة والمختار ولد محمد موسى بأنهم "تقدميون" لكنهم "لم يوصلوا ذهنيتهم لقواعدهم".

وانتقد ولد اعبيدي المرجع العلمي في الحركة الإسلامية الموريتانية الشيخ محمد الحسن ولد الددو قائلا إنه "يتبنى إسلاما فئويا"، وإنه لم يصدر أي فتوى تطالب بحقوق الحراطين "كما أصدر فتوى فئوية تضامنا مع البشير ضد أفارقة السودان".

وأضاف ولد اعبيدي في تعقبيه على المحاضرة أن "الإسلام الذي يطرحه تواصل إسلام قومي لم يصل للحراطين لأنهم ليسوا عربا، ولو كانوا عربا لناصرتموهم كالفلسطينيين".


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!