التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:04:43 غرينتش


تاريخ الإضافة : 21.08.2009 20:40:37

متى ستستفيد المعارضة من أخطائها وتعيد تنظيم صفوفها حتى لا تلدغ من نفس الجحر

محمد الأمين ولد محمد
[email protected]

لاشك أنه من الضروري إعطاء الرئيس المنتخب فرصة لترتيب أوضاع طاقم إدارته وبلورة معالم إستراتيجيته في الحكم قبل الشروع في عملية تقييم أداء حكومته، ولا بأس إذا استغلت المعارضة هذا الحيز الزمني في مراجعة الذات ومحاسبة المسؤولين عن الإخفاقات والهزائم التي ألمت بها.
فلماذا لا يتم انتخاب طاقات شابة تحل محل الجيل الأول الذي كان أداؤه باهتا على مختلف الأصعدة سواء تعلق الأمر بالأداء التفاوضي أو الأداء الانتخابي حيث ثبت أن قبول استقالة الرئيس والمشاركة في انتخابات رئاسية في فترة وجيزة كانت أخطاء قاتلة ينضاف إليها فشلهم في إقناع الناخب أن السلطة العسكرية لم تكن بريئة من ذنب إخفاقات الأنظمة السابقة لأنها كانت تدير اللعبة من وراء الستار وبالتالي فإنها وحدها من يتحمل أوزار تلك الأنظمة وأن المعارضة هي الطرف الوحيد الذي يحق له التحدث باسم الفقراء والدفاع عن مصالحهم لأن أياديها لم تتلطخ بعد بمطبخ الحكم، ووصفتها السياسية لم توضع بعد على محك التجربة كما هو حال السلطات
العسكرية.
فبدلا من رؤية مرشحي المعارضة يتخذون زمام المبادرة في الهجوم على مرشح العسكر كانوا دائما في موقع المدافع، إن المرحلة تحتاج لوجود معارضة قوية ومتماسكة، تستفيد من أخطائها وتقوم بعملية تغيير وإعادة هيكلة شاملة تتخلص من خلالها من الجيل الأول وتنتخب قيادات شابة تحمل على عواتقها منازلة محمد ولد عبد العزيز الذي يبدو أن دائرة المستشارين التي تحيط به هي الأخرى لم تكن بأحسن حال حيث يمكن للمتابع أن يتلمس ضعف أدائها من خطاب القسم الذي جاء تحت التوقعات حيث توقع المثقفون الموريتانيون لذلك الخطاب أن يرقى لحجم التحديات التي واجهها ويواجهها بلد خرج لتوه من حملة انتخابية شرسة قسمته إلى نصفين متصارعين كانت امتداد للاحتقان السياسي الذي تلا انقلاب 6 أغشت وعليه فإنه كان من المفروض أن يكون خطاب عزف على وتر الحس الوطني وتطيب خواطر المعارضة والتهوين عليها من مرارة الهزيمة والإشارة إلى أولئك الذين صوتوا ضد الرئيس وطمأنتهم أنه سيكون خادما لهم تماما كما سيكون خادما لأولئك الذين صوتوا له والدعوة لطي صفحة الأجواء التي سادت الحملة وفتح صفحة جديدة تحتضن فيها موريتانيا جميع أبنائها دون استثناء.

بالإضافة إلى أن التشكيلة الحكومية رغم أنها اتخذت طابعا قبليا إلا أن قبائل مهمة دأبت على الحضور بقوة في جميع الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ الاستقلال قد تم إقصاؤها من الحكومة بشكل كامل رغم دعمها القوي لمحمد ولد عبد العزيز وهو ما أدى إلى إشاعة حالة من الاستغراب وخيبة الأمل في صفوف زعامات تلك القبائل إذا ما أضفناه إلى جو اليأس والحسرة الذي يخيم على المعارضة التي خسرت لتوها انتخابات كانت تراهن على الأقل على حسمها في الشوط الثاني فإن حجم الاحتقان السياسي الناتج عن ذلك مضافا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وفشل الحكومة في الحفاظ عليها عند مستوى أسعار الحملة قد يخلق انطباعا عاما مفاده أن جميع الوعود التي قطعها الرئيس أثناء الحملة كانت مجرد مطية امتطاها لتوصله إلى بوابة القصر الرمادي ليرميها في سلة المهملات وأن اهتمامه بالفقراء ليس بالأحسن من أسلافه.


كما أن ضبابية عبارة "الفساد والمفسدين" وانعدام معايير واضحة يتم على أساسها تحديد ما إذا كان الشخص مفسدا أم لا قد تفرغ الحرب على الفساد من مضمونها وتصبح مجرد وسيلة لتصفية الخصوم مما يزيد من احتقان الشارع كنتيجة لغياب العدل والمساواة كأساس لقيام واستمرار أي نظام، خاصة في مجتمعنا البدوي الصحراوي الذي لا يصبر على المكوث في القفص وإنما ينفلت من عقاله في أول فرصة تتاح له.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!