التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:05:36 غرينتش


تاريخ الإضافة : 19.10.2009 18:16:21

محاربة الفساد خطوات تستحق التشجيع والمساندة، وتحتاج إلى التعميم والمنهجية

د. سيد محمد ولد عبد الله

د. سيد محمد ولد عبد الله

في بلد كبلدنا عاش فترة من الزمن في التسيب الإداري؛ حيث لم يسلم من الفساد المالي أحد لا من القادة ولا المقودين ممن أتيحت له فرصة في التوظيف - إلا من رحم ربك– وقليل ما هم، فكل شارك في الفساد من موقعه فهذا آمر به ومستفيد وذاك مستفيد ومنفذ وآخر يرى ولم يحرك ساكنا، إذا الجميع مشاركون في الفساد كل حسب جهده وما قدر عليه، والجميع مسؤولون كل حسب موقعه.

وإذا كانت هذه حقيقة يتفق عليها الجميع فما هو الحل لمعضلة الفساد ؟ وما هي الطريقة المثلى لذلك ؟ وعلى أي أساس يمكن التحرك في الموضوع ؟

و ليكون الحل سليما لا بد أن يبدأ من البداية المنطقية، وهي أولا تشخيص الظاهرة – ظاهرة الفساد- تشخيصا موضوعيا لا تؤثر على صاحبه دوافع السياسة ولا نوازع انتقامية، وذلك بأن تشكل لجنة من القضاة والفقهاء والمحامين وغيرهم ممن يشهد بنزاهته - يتفق عليها الجميع لما تتصف به من مصداقية- ولقائل أن يقول وأنى لنا بتلك اللجنة، وكيف تتفق عليها النخبة السياسية، لكن أقول له بأن في لجنة الانتخابات وطريق اختيارها والاتفاق بعد ذلك عليها، خير شاهد على أن بلدنا ما زال يحتفظ برجال وطنيين، يغلبون الوطنية على غيرها إذا تعارضت معها، والذي ينقص هو فقط وجود إرادة جادة لإنشاء تلك اللجنة.

فإذا قامت هذه اللجنة بتشخيص الظاهرة ودراستها ومعرفة الأسباب والخلفيات، ثم قامت بعد ذلك بتحديد المسؤوليات في ذلك، واقتراح جملة من الحلول.

بعد ذلك يأتي دور الجهات الإدارية وذلك بدراسة الحلول المقترحة واختيار أنجعها وأنسبها مراعية في ذلك ظروف وخصوصية البلد، ويكون ذلك الحل واضحا وجليا ليس فقط لمن تناط به مهمة تنفيذه بل للصحافة والرأي العام، فنحن لسنا هنا أمام ظاهرة ذات بعد أمني يقتضي بقاء الإجراءات وراء الستار، بل أمام ظاهرة عمت ممارستها الجميع البعض عن قصد والبعض الآخر عن غير قصد، ولذا ينبغي أن تأخذ طريقة معالجتها طريقة مختلفة عن أي طريقة قد نعالج بها غيرها من الظواهر، وإن كانت ظاهرة الفساد التي نحن بصددها قد تكون في الخطورة على الدولة والوطن من أخطر ما تعرض له بلدنا حتى الآن بما في ذلك ظاهرة الإرهاب.

ومن أول الأسس التي ينبغي مراعاتها لمن أراد التحرك في هذا الموضوع هي:

- ما تقدم من اتخاذ منهجية واضحة للتعامل مع الظاهرة.
- التعميم في طريقة المعالجة والتعميم هنا نوعين: التعميم من حيث القطاعات المراد محاربة الظاهرة فيها وذلك بأن تشمل كافة وزارات الدولة ومؤسساتها بما في ذلك المؤسسات الأمنية والعمومية.
والتعميم أيضا من حيث الأشخاص المتورطين, فينبغي أن يعم ذلك كبارالمسئولين وصغارهم.
- وأهم من ذلك اتباع الشفافية والوضوح.

وأخيرا علينا إذا كنا فعلا نريد القضاء على الظاهرة وتطهير الدولة منها ألا نختصر فقط على معالجة الظاهرة في جانبها لماضي؛ بل علينا أن نهتم بالحاضر والمستقبل وذلك باتخاذ خطوات من قبيل:

- إعلان عقوبات محددة ومعروفة لدى الجميع- تتناسب مع حجم كل عملية فساد، ولا مانع من أن يكون من بين تلك العقوبات عقوبة الإعدام - للمتورطين في الفساد بعد الانتخابات الأخيرة.

- إلزام المسئولين بالتعامل مع الصحافة وإعطائها المعلومات، لتتحمل مسؤولياتها في المتابعة والرقابة، ولتقوم بكشف المخالفات والتجاوزات في حينها للرأي العام.

- ثم أيضا تشجيع المواطنين العاديين على الإبلاغ عن كل حالة تعرض لها أحدهم من قبل أحد الموظفين، لجهة خاصة بذلك، أو للصحافة.

بهذا وحده يمكن محاربة الفساد والقضاء عليه دون أن نعرض دولتنا ومجتمعنا لشيء هو في غنى عنه.















Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!