التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:02:47 غرينتش


تاريخ الإضافة : 17.11.2009 14:18:38

يا للفساد

عبدالله ولد سيديا

عبدالله ولد سيديا

الفساد الفساد الفساد كلمة مقولة تشنف أسماعنا كل يوم كلمة يفيض الساسة حماسا عندما يتحدثون عنها يقودون بإسمها الجموع ويخوضون بها معاركهم السياسية ويتربعون بإسم محاربتها علي الكراسي ويخدرون الشعوب وبالطبع يعيثون فسادا بالطول والعرض بإسم الفساد وتحت يافطة محاربته

في معجمنا السياسي ليس مصطلح الفساد جديدا البتة حيث أسقطت حكومة الحزب الواحد من قبل ثلة من الضباط بغرض إنقاذ البلاد اللتي’ أغرقها الفساد عام 78 ’ ثم تناحر الضباط بإسم مواجهة الفساد في سلسلة إنقلابات عسكرية ظل الفساد دائما ثابتها الوحيد بعد أن تغيرت وجوه الضباط وتعددت أسماء اللجان العسكرية من لجنة للإنقاذ إلى أخري للخلاص الوطني من الفساد وحتي عندما أظلنا فجر الديمقراطية اللتي ولدت دعية ناقصة ظل شعار ساستنا اللذين ودعوا بزاتهم العسكرية محاربة الفساد والنيل من المفسدين رغم أن البلاد في عهدهم غرقت في حقبة فساد غير مسبوقة كان لزاما ان تحرك ضباطا أخرين سيعزفون أيضا اللحن الممجوج لمحاربة الفساد عبر مجلس عسكري للعدالة والديمقراطية والإصلاح ومحاربة الفساد أيضا اللتي تطلبت إصلاحا سياسيا وتعديلا دستوريا وحلقة جديدة من الديمقراطية أوصلت لأول مرة رئيسا منتخبا إلى سدة الحكم
يومها تنهدنا بعمق وقلنا في قرارة أنفسنا ويل للفساد لقد انتهي عهده وأفل نجمه .هذه المرة سيحارب بحق في دولة الحق والقانون لكن هيهات كان الفساد أذكي منا جميعا لقد عرف كيف يتسلل خلسة إلى النظام الجديد ويضرب أطنابه في بطانة الرئيس اللذي تعهد بمحاربته فوجد نفسه في مواجهة أقرب مقربيه لتتعالى الأصوات من جديد مطالبة بإنقاذ البلاد من الفساد اللذي ينخر جسدها كالسوس ونكون شاهدين على أول محاولة من برلماننا الفتي لإسقاط حكومة رئيسنا المؤتمن بدعوى أنها تحوي رموزا للفساد والإفساد ولأن الفساد عادة يخشي صولة العسكرين أكثر من أقاويل المدنين حتي لوكانو نوابا برلمانين تحركت بسرعة فائقة عربات الاند كروزر تعلوها فوهات رشاشات المحاربين القدامي للفساد يقودهم جنرالاتنا المبجلون المخلصون من فساد يتهدد دولتهم وجيشهم وكيانهم وكأنهم لم يكونوا مرابطين على بوابات قصرنا الرمادي في الأيام الخوالي للفساد
هذه المرة كان الفساد أيضا في منتهي الدهاء والمكر لقد قسم نفسه وأتباعه وحتي محاربيه بين الفريقين المتناحرين جذبت المعارضة لأول مرة بعضا من رموز الفساد بعد أن غيرو جلدهم وتطهرو من درن الفساد أما النظام فكان به أيضا مزيج غريب من الفساد وأعدائه ومريديه خليط هجين من العسكر والساسة والتجار وبالطبع مفسدون بأحجام وتواريخ متفاوتة

بعد أزمة سياسية طويلة كافح فيها الكل تحت شعار محاربة الفساد جنح الطرفان إلى السلم وتنادوا إلي كلمة سواء تمخضت عن انتخابات رئاسية رفع الفساد درجة حرارتها وأحتدت فيها سخونة المنافسة واحتدمت فيها حرب التصريحات بين المرشحين اللذين تكالب بعضهم على بعض وكال له التهم بالفساد ووعد بإثبات فساده على الملأ وأخلف كل وعده ليس لنزاهة الطرفين إنما لأن الفساد في بلادنا كائن هلامي لايحده الزمان ولا المكان يستعصي علي الوصف وليس له طعم أو لون أورائحة لكن له أثرا لا تخطئه العين أثر مدمر فتاك نحسه في حياتنا ونراه ماثلا في واقعنا المزري له ألم نتحسسه في ثرواتنا المنهوبة وجحافل شبابنا المعطلين ومددننا القصيرة المتسخة وشركاتنا العمومية اللتي تتساقط كأوراق شجر الخريف

للفساد ايضا أثر أخر نلاحظه بأم أعيننا علي أناس لم نعرفهم مترفين أو نعلم لهم جاها أومالا حتي تقلدو مناصب في دولتنا الفقيرة لتمطر عليهم السماء ذهبا وتفتح لهم كنوزالدنيا وأموال قارون فيتبجحوا في الشوارع بأعلي المركبات وأفخر الثياب وأفخم القصور المزركشة ويصبحو ساسة أو قادة أو رجال جاه ومال بعد أن لم يكونو في الماضي القريب شيئا مذكورا

الأن وقد ظهر الفساد في البر والبحر يرفع رئيسنا الجديد الشعار القديم لمحاربة الفساد وتحقق الشرطة مع جحافل المفسدين المفترضين لكن مكر الفساد وزئبقيته يجعلنا لا نتفائل بتحقيق نتائج تذكر لأنه في عرف البعض تدور الأحداث داخل دوامة مغلقة تحقق فيها الشرطة الفاسدة للنظام الفاسد مع رجال مفسدين داخل دولة فاسدة
______________
[email protected]


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!