التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:16:33 غرينتش


تاريخ الإضافة : 28.11.2009 02:04:47

شيخنا ولد محمد لغظف يتذكر مع "الأخبار" محطات بارزة من عمر الدولة ويشكو نسيان الجميع لرفاقه

السياسي المخضرم شيخنا ولد محمد لقظف (الأخبار)

السياسي المخضرم شيخنا ولد محمد لقظف (الأخبار)

الأحداث المهمة لاتنسى، بل تحفر مكانها الصلب في الذاكرة غير قابلة للتجاوز لكن عندما تتحول حياة إنسان إلى مسيرة كاملة من الأحداث المهمة وبالأخص إذا تتابعت متتاليات الحدث لتكون بحجم الوطن طموحا ومشكلات، فإن أحداثا كثيرة قد تنمحي من ذاكرة شيخ مسن كان أحد أبرز بناة دولة الاستقلال، وأحد الذين صنعوا دولة على ضفاف المحيط.

عندما تعجز الذاكرة

حملنا إليه تسجيلات عتيقة... وبهدوء واهتمام ينصت الوزير السابق شيخنا ولد محمد الأغظف إلى صوت شاب ممتلئ حماسا وثقة بما يقول. لم يكن في الأخير إلا صوت الشيخ المسن والسياسي المخضرم شيخنا ولد محمد الأغظف ولكن قبل أربعين سنة، عندما كانت الدولة الموريتانية حلما يولد من تحت أطناب الخيام ومن أزيز الصراع المتفاقم بين زمن يرفض الانصرام، وآخر يصر على أن يكون الحاضر والمستقبل.

"لولا أن في هذا التسجيل كلمات أعرف أنها من خط لساني لأنكرته جملة وتفصيلا ... لا أتذكر هذا التسجيل"... وبالفعل فقد تكاثرت الظباء على خداش، ولم تكن ذاكرة ولد محمد الأغظف التي تمور بمئات المواقف والأحداث لتقف عند فقرة من شريطها الطويل لم تكن إلا تصريحا للإذاعة الوطنية تميز بالبساطة والوضوح عن خلاف قبلي "بين خلطة إدواعلي وأهل النعمة".

يمكنم الاستماع للمقطع من خلال الرابط الصوتي التالي:

Get the Flash Player to see this player.

ربما لا يتذكر أيضا ولد محمد الأغظف نجاحه في إبرام صلح واحد في زمن وأمكنة تضج بالصراعات المتأججة التي كادت أن تعصف بالوطن الوليد والدولة الناشئة...

هو إذا حديث الذكرى والأمر يعرض للأمر. يستعيد ولد محمد الأغظف شريط ذكريات حافل ليتذكر كم كانت الدولة تترنح على شفا الصراعات القبلية والمناطقية، وعلى لهب يشتعل بين مستقبل الدولة وحاضر "القبيلة" والحضرة و"المحصر".

لقد تلونت النزعات السياسية بأسماء قبائلها وجهاتها، وبدا الوطن الصغير، يترنح بين دعاة الانضمام إلى المغرب الذين خرج أكثرهم من تلال الترارزة ووديانها. ويضيف ولد محمد الأغظف في الشرق كاتب المختار ولد امحيميد دولة مالي ميمما وجهه شطر ما كان يعرف بالسودان الفرنسي".

أما مشائخ الداخل وقادة الحواضر وزعماء السلطة الزمنية والدينية فقد رأوا في الدولة الجديدة خطرا على وجودهم وعلى دولهم الصغيرة التي رسموا حدودها ومعالمها بالسيف تارة، وتارة بالقلم.

أما الخارج فلم تكن المملكة المغربية لتسمح بانفصال "أقاليمها في الجنوب" ووجدت الدعم الكافي من روسيا -يضيف ولد محمد الأغظف- التي ربطت في الأخير دخولنا إلى الأمم المتحدة بالاعتراف باستقلال منغوليا.

هي إذا لعبة المصالح واللاعبون، كبارا أو صغارا، خاضوها حتى النهاية قبل أن تنتصر الأمة على القبيلة، والدولة المستقلة على الإقليم التابع، وأصبحنا دولة مستقلة، يبستم ولد محمد الأغظف.

مواقف محرجة

يستعيد الوزير السابق شيخنا ولد محمد الأغظف مواقف متعددة من شريط ذكرياته الملون بآلام وآمال الوطن الوليد، لكنه يتوقف عن ثلاث مواقف يعتبرها محرجة للغاية، لكنه خرج منها بسلام.

الأولى عندما سأله صحفي في إحدى دول أمريكا اللاتينية قائلا "هل رأيت دولة أكثر مكرا من فرنسا عندما تمنح الاستقلال لدولة مجهولة مثلكم، ثم تمنعه عن دولة عظيمة مثل الجزائر"، ويمتص ولد محمد الأغظف صدمة ويجيب "لست محاميا عن فرنسا".

لكنه يعلق في حديثه للأخبار "أن آلاف الفرنسيين ولدوا لأمهات جزائريات مما جعل فرنسا تتمسك أكثر بالجزائر وتعتبرها مقاطعة فرنسية، أما في موريتانيا فيندر أن تجد فرنسيا لأم موريتانية".

ظلم ذوي القربى

يتذكر ولد محمد الأغظف بألم عندما يتقابل وفدان من أبناء موريتانيا للجدال تحت قبة الأمم المتحدة حول أحقية المغرب بموريتانيا، أو حق موريتانيا في الاستقلال، لكن هذا لم يكن الخطوة الأخيرة، فقد أمر رئيس الوفد المغربي المرحوم محمد فال ولد عمير بنزع جميع الأعلام واللافتات التي تحمل اسم موريتانيا عن السيارات المركونة، أمام مقر الأمم المتحدة، ليجد الوفد الموريتاني نفسه أمام "نوع آخر من سلب السيادة" ويضيف ولد محمد الأغظف رفضنا الصراع مع ابن جلدتنا ولد عمير، وكان الاستقلال الكامل أكبر من تلك الممارسة.

عندما غضب الزعيم

موقف آخر حفر نفسه بقوة في ذاكرة ولد محمد الأغظف، عندما ذهب وفد موريتاني رفيع المستوى يضم الرئيس المختار ولد داداه، والوزراء أحمد ولد محمد صالح، أحمد سالم، شيخنا ولد محمد الأغظف، وبا صمبولي، واستقبلهم الرئيس المالي مودو بوكيتا، لكن حفاوة الاستقبال تحولت إلى غضب عارم عندما كشف الوفد الموريتاني عن نيته ترسيم الحدود مع مالي، خرج بوكيتا غاضبا وترك الوفد في وضع لا يحسد عليه.

ويضيف ولد محمد الأغظف "تدخل الوزير با صمبولي وطلب منا الانصراف، ليتحدث هو بمفرده مع القادة الماليين حيث قال لهم "إن التصرف الطائش لرئيسكم سوف يعرضكم للخطر ونحن الزنوج الموريتانيون نجاوركم على الحدود وسنكون أول من يحمل السلاح ضدكم". اعتذر القادة الماليون وأكدوا أنهم "سيرغمون بوكيتا على لقاء آخر وفي نفس اليوم".

حياة هادئة

يأسف شيخنا ولد محمد الأغظف لأن معاول الهدم أطاحت بجزء كبير من تاريخ موريتانيا كان يحمل اسم "بلوكات" وبكل مرارة يتساءل "كيف يمكن لدولة أن تهدم تاريخها أليس من الممكن ترميمها؟".

لم تكن بلوكات بالنسبة لولد محمد الأغظف مجرد بنايات مهترئة شوهت وجه العاصمة، كما اعتقدت السلطات التي هدمتها، بل كانت جزء هاما من حياة هادئة وبسيطة.

"لقد كنا أربعة وزراء نسكن في "بلوك" واحد، وكان وزير النقل حينها با جى صمبا كان من بين أولئك الأربعة، وكان يشتبك كل صباح مع "تيس مشاغب" في منزلنا؟

أما الرئيس المختار ولد داداه فقد كان يقول لزوجة ولد محمد الأغظف مداعبا "أنا أحق بسيارة ds التي يركبها شيخنا فأنا رئيس الدولة".

أما سيارة ’’دي شفو "الخاصة بالرئيس ولد داداه، فلم تنج من أيدي اللصوص الذين تركوها في مدينة روصو بعد مسيرة خطف طويلة.

غير أن أسف ولد محمد الأغظف على نسيان المجد يتضاعف أكثر عندما يتعلق الأمر بزميله الوزير والسياسي المحنك با صمبولي الذي كان مهندس العلاقات الطيبة بين موريتانيا ودول القارة السمراء، وهو الآن يعيش في منزل مهجور لا تلتفت إليه الإذاعة ولا التلفزيون الوطنية. وبحسب ولد محمد الأغظف فإن با صمبولي ورفاقه كانوا الأكثر وطنية، والأكثر أيضا حظا من التناسي.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!