التاريخ: 21.09.2024 التوقيت:02:34 غرينتش
تاريخ الإضافة : 03.12.2009 14:21:50
محمد غلام ولد الحاج الشيخ يكتب عن التطبيع: "تاريخ الخطيئة ومسار المقاومة"
ورقة مقدمة أمام الدورة الأخيرة لمؤتمر الأحزاب العربية
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على رسوله الكريم
السيد الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية
السادة المؤتمرون الكرام
الأخوة المشاركين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم على هذه السانحة والفرصة الطيبة التي أتحتم لنا من خلالها الحديث إليكم،والتحدث عن الجهود الشعبية المقاومة للاختراق الصهيوني حيث أظهر شعبنا العربي و أمتنا الإسلامية ممانعة شديدة ضد كل ما يمت إلى الكيان الصهيوني بصلة فأصبحت مسألة الصراع العربي الصهيوني وعلي رأسها القضية الفلسطينية تحتل سلم الأوليات ليس فقط لدي الشعب العربي بل لدي الكثير من شعوب العالم في القارات الخمس التي انتفضت في كل مكان للتنديد بالاحتلال العنصري الصهيوني والمجازر التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني.
لقد قدمت شعوبنا أبلغ الدروس لحكامها إن كانوا يعقلون فأفقدت بعضهم كرسي حكمه حين ظن أن حصون الصهاينة مانعته.
وسأتعرض لموضوع التطبيع وسلاح المقاطعة من خلال موريتانيا كنموذج لجهد متواضع قيم به في ذالك البلد النائي الذي اهتم به العدو كبوابة موصلة لعوالم ثلاثة.
وسنتناول الموضوع بإذن الله من خلال المحاور التالية:
-عن المجتمع الموريتاني
- محطات في تاريخ التطبيع..الخطيئة ..والضريبة.
- مقاومة التطبيع ...المسار ..والمؤسسات
عن المجتمع الموريتاني
بين ضفاف المحيط الأطلسي و الرمال الصحراوية عاش شعب الجمهورية الإسلامية الموريتانية صلب الانتماء، موحدا بديانته الإسلامية،قوي التمسك بهويته الثقافية والوطنية، رافضا ككل أبناء الصحراء ، لأي احتلال أو اختراق، وعلى هذه الأرضية التاريخية تأسست هويته الثقافية فتجد الأحداث والوقائع في تاريخ العالم العربي والإسلامي المعاصر صداها الواسع في بنيته الاجتماعية واهتماماته اليومية،حيث يحمل أبناؤه أسماء قادة المقاومة والتحرر في العالمين العربي والإسلامي،وتتوزع أزقة وحواري فلسطين،لافتات في أسواقه،وأسماء لقراه الصغيرة النائية .
هذا الشعب الشنقيطي نفور كل النفور من اليهود واليهودية وقد صاغت ثقافته الدينية الشعبية، هذا النفور والرفض وأصبح من مسلماته الثابتة ،أن الدعاء باللعنة على اليهود يحل محل صدقة مادية،كما يقول أحد علمائه الأجلاء
من لم يجد صدقة فليسأل . للمسلمين الله غفر الزلل
’’ وليلعن اليهود رب العنهم ...وحط حوب المؤمنين عنهم.
وتواصل هذا المدد الثقافي وهذا الحبل الاجتماعي الضابط للأفعال والموجه للمشاعر،إلى ما قبل نشأة الدولة الوطنية،حيث يتذكر الموريتانيون بإكبار وتجلة موقف النائب الموريتاني في البرلمان الفرنسي أحمدو ولد حرمه ولد ببانا الذي كان الوحيد الذي صوت ضد للاعتراف بقيام الكيان الصهيوني،سنة 1948،ثم انسحب من الجلسة.
وبعد الاستقلال الوطني سنة 1960،كانت موريتانيا تتمتع بقائد فذ ورجل مواقف هو الرئيس المرحوم المختار ولد داداه الذي قاد حملة قوية ضد الاختراق الصهيوني لإفريقيا،عبر مواقفه المعلنة وجولاته المكوكية التي مرغت أنف الدبلوماسية الصهيونية في الشمال والغرب الإفريقيين، ووصلت مواقف ولد داداه إلى حد إعلان موريتانيا الوليدة قطع علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1967 بعد حرب الأيام الستة التي انتهت باحتلال أراض عربية واسعة.
وعلى الصعيد الشعبي، واصل الشعب الموريتاني الخارج لتوه من ربقة الاستعمار،ومن فضاء البداوة العريضة تشبثه بمواقفه الداعمة لفلسطين،وظلت الاحتجاجات للطلاب أمام ممثلية الولايات المتحدة الأمريكية أحد اللوازم النضالية الثابتة ،وكان التبرع المادي جزء من هذا النضال حيث باع أحد القرويين 8 ثيران كان يملكها سنة 1967 ، مقدما ثمنها تبرعا للشعب الفلسطيني.
وعكسا لهذا التوجه استنجد النظام السابق بعد حرب الخليج الثانية بما اعتبره مفتاحا لصناديق التمويل، مدشنا بذلك الخروج الكبير على كل الثوابت الموريتانية في هذا المجال.
محطات في تاريخ التطبيع.
بدأت أولى بوادر التطبيع مع العام 1993 عندما التقى وزير الخارجية الموريتاني آن ذلك مع نظيره الصهيوني، سنة 1993 سرا في مدريد وهو اللقاء الذي رسم المخطط البياني لتلك العلاقات في السنوات التالية.
وفي سنة 1995 خرجت العلاقة إلى العلن بمكتبين تجاريين،وعين الكيان الصهيوني المدعو أزولاي غابريل مكلفا بإدارة المكتب الذي احتضنته إسبانيا الراعي والعراب الأول للعلاقات بين الكيان الصهيوني وموريتانيا وعلى إثر ذلك بدأت منظمات سياسية وأهلية في موريتانيا تعلن عن اكتشاف مشاركين صهاينة في ملتقيات وورشات اقتصادية أو سياسية في البلد،حيث شارك خبراء زراعيون في ملتقى لزراعة النخيل في مدينة أطار بدعوة من منظمة مدنية يرأسها مقربون من النظام.
كما شارك ثلاثة خبراء صهاينة في العام الموالي في ملتقى علمي في جامعة نواكشوط بعنوان ’’ الإنسان والماء والكربون’’ وهو ما أثار ضجة عارمة في الجامعة بعد الكشف عن هويات الصهاينة المذكورين.
وفي نفس العام طالبت أحزاب المعارضة الموريتانية ومؤسسات المجتمع الأهلي وخطباء المساجد بفتح تحقيق حول ما نشرته صحيفة القدس العربي عن صفقة بين رئيس النظام والكيان الصهيوني يقضي بدفن نفايات نووية ومواد مشعة في الصحراء الموريتانية.
وواجهت آلة القمع الرسمية تلك المطالبات بردة فعل قاسية تمثلت في قمع شديد للمتظاهرين،وإبعاد قسري للمعارضين الموريتانيين إلى الداخل،حيث فرضت إقامة جبرية على كل من زعيم المعارضة أحمد ولد داداه، والمحامي محمدن ولد اشدو وغيرهم،في قرية بومديد النائية.
وأخيرا توج المسار البائس بين نظام التطبيع في موريتانيا والكيان الصهيوني، في 27/10/1999 حيث أشرفت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت في حفل باهت أقيم في واشنطن على توقيع اتفاقية رفع التمثيل الدبلوماسي بين موريتانيا والكيان الصهيوني،إلى درجة السفراء،واستقبلت نواكشوط ’’ سفيرا صهيونيا كامل الصلاحيات وفوق العادة’’.
على قبر ابن عامر
في سنة 2000 وصل التطبيع الموريتاني الصهيوني إلى مراحل متقدمة عندما زار وفد من الكنيست الصهيوني مدينة العلماء والتراث الموريتانية، مدينة شنقيط، حيث رفض أصحاب المكتبات الأهلية السماح لهم بالدخول إلى منازلهم أو مكتباتهم،قبل أن ينتقلوا إلى ولاية تكانت حيث وقف وفد الصهاينة خلسة وفي حالة غفلة من المواطنين على قبر الأمير المرابطي الكبير أبو بكر بن عامر القائد الثاني لجيوش المرابطين بعد مؤسس الدولة الفقيه عبد الله بن ياسين وقد فجر الأمر ثورة غضب عارمة في الشارع الموريتاني وجدت
لكن الأمر تطور أكثر من ذلك حينما ظهر وزير خارجية موريتانيا في زيارة دولة رسمية للكيان الصهيوني سنة 2001
كانت أول مهمة للسفير الصهيوني الجديد ’’ أفريد إيتان’’ هي فتح سفارة للكيان الصهيوني على ضفاف المحيط الأطلسي،ورفع راية الكيان الصهيوني في سماء المرابطين، ونظرا لما واجه السفير من رفض وقوبل به من استنكار وفرت له مصالح الأمن والدبلوماسية في موريتانيا طاقما من بائعي الضمير ليعلن بعد أشهر قليلة من إعلان التطبيع،عن إنشاء منظمة تحمل ’’ جمعية الصداقة الموريتانية الاسرائلية" التي تعرض رئيسها للضرب المبرح أثناء تجواله في سوق العاصمة.
وفي نفس العام فشل وفد طبي صهيوني في تقديم خدمات طبية لمرضى العيون في موريتانيا بعد أن أشاعت الحملة الشعبية المناضلة أن كل من يتعالج لدى الصهانية سيصاب بالعمى وتلقي وفد طبي آخر صفعة قوية سددها الممرض البطل المرحوم الزايد ولد الخطاط لرئيس الوفد الطبي،بعد أن أكتشف أنه صهيوني،.
صداها قويا في الإعلام وخطب المساجد وتفاعلات الطلاب مع الحدث.
شراء العملاء
ومع بداية العام 2000 بعدما وصلت الأزمات السياسية والاقتصادية في موريتانيا أقصى درجة،وأصبح الاحتقان السياسي سيد مواقف الساسة الموريتانيين،بدأت سفارة الكيان البغيض في نواكشوط محاولة اختراق جديدة للوسط الإعلامي والسياسي ونجح الصهاينة في استمالة قلة من الصحفيين الموريتانيين،وفيما جاهر بعض هؤلاء بخطيئة العمالة للصهاينة، فقد حاول الكيان البغيض غرس البعض الآخر في مؤسسات مقاومة للتطبيع، قبل أن يكتشف هؤلاء ويطردوا شر طردة.
كما حاولت سفارة الكيان الصهيوني التوجه نحو العمل الأهلي من خلال بناء مركز خاص لأمراض السرطان، وهو المركز الذي اكتمل بناءه بعد سقوط نظام التطبيع فتحول إثر قرار جريء إلى مركز وطني بأطره وتمويله .
وعلى الصعيد السياسي واصل النظام الموريتاني زيارات ’’ الحج والتقرب ’’ إلى الكيان الصهيوني،حيث زار وزير خارجية موريتانيا الكيان الصهيوني مرتين ،ولابد من ملاحظة أن النظام الموريتاني آنذاك ظل متنفسا للكيان الصهيوني يكسر به الطوق العربي كلما وقعت أزمة أو اشتد الموقف عربي،
وفي 3 مايو 2005 انتفض الشارع الموريتاني عن بكرة أبيه ضد زيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني سليفان شالوم لنواكشوط،ولم يفلح القمع الشديد في ثني المتظاهرين عن التعبير عن رفضهم القاطع للعلاقات مع الكيان الصهيوني،لينجحوا في تقليص وقت الزيارة من 24 ساعة إلى 6 ساعات فقط،وخرج قادة الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني إلى الشارع ليقودوا الغضب الشعبي ضد الزيارة،رغم أن بعضهم كان مطلوبا أمنيا ورغم عسكرة وسط العاصمة وفرض حظر التجول طيلة ذلك اليوم المشؤوم .
جهود المجتمع في مقاومة التطبيع
لقد كانت نفرة المجتمع الموريتاني بكل مكوناته من أحزاب سياسية وهيئات نقابية وإعلامية وفنانين, حيث بذل الجميع ما أمكن من جهد وتضحية موحدين تحت شعار "اقطعوا العلاقات مع الكيان الصهيوني". ولن ننسي في هذا الباب تضحيات كثيرة منها الشهيدة التي اختنقت بمسيلات الدموع فسقطت شهيدة انتفاضة فلسطين في موريتانيا . ولقد أقيل بعض الدبلوماسيين من وظائفهم بعد رفضهم أوامر نقلهم إلي سفارة النظام في تلابيب.
ومن مظاهر مقاومة التطبيع التي لا تنسي رفض الشاعر ( ) قبول جائزته التي فاز بها في مسابقة نظمتها وزارة الثقافة بسبب حضور السفير الإسرائيلي مراسم ذلك الحفل . وعلي أثر ذلك نظم الرباط الوطني لمقاومة التطبيع حفلا ثقافيا كبيرا تكريما للشاعر ولموقفه النضالي وقدمت له قيمة جائزة وزارة الثقافة مضاعفة .
دور العلماء
كان العلماء الموريتانيون ولا زالوا رافدا من روافد المقاومة والممانعة من خلال فتاويهم المؤثرة في المجتمع حيث يذكر الموريتانيون في هذا الصدد الدور الكبير الذي أداه مفتي البلاد الشيخ بداه ولد البوصيري رحمه الله في الوقوف في وجه الاختراق الصهيوني،وفي تجييش الشارع الموريتاني لمساندة أخوانه في فلسطين،عبر خطبه التي امتدت قرابة أربعين سنة،ويذكر الموريتانيون لهذا الشيخ الجليل مطالبته الملك السعودي فيصل رحمه الله أثناء زيارة له لإنواكشوط سنة 1973بمواصلة الدعم والمساندة للمسجد الأقصى،عبر قصيدة طنانة ألقاها بين يدي الملك الراحل ومضيفه الموريتاني المختار ولد داداه والتي يقول فيها
فأنتم لإحدى الحسنييـن مصيركـم
وما النصر إلا من عزيـز موقـع
فسيروا إلى نصر عزيز وعـزة
وجنـات عـدن راحـة لا تَقَطَّـع
فلسطين أبطـالٌ تناضـل جهدهـا
فلا تغفلوا الأبطال ظلمـا تُصـرع
ومسرى إمـام المرسليـن محمـدي
ُـداس بأقـدام الصهايـن يفجـع
ففي بيت شعر قد مضى ذكر أقـرع
إلى ذكر : إن يُصرع أخوك فتصرع
كما يتذكر الشعب بكل إكبار وإجلال العلامة الوزير محمد سالم ولد عدود رحمه الله تعالى الذي توفي قبل أشهر ومواقفه العظيمة في هذا المجال والتي سجلها في شعره ودروسه ومنها هذه الأبيات
أيها النائمون ماذا الرقاد
غركم من ’’كيسنجر’’ الترداد
أنولي الأدبار في الحرب جبنا
وقصاري المخوف الإستشهاد
أفنرضى بما رفضنا وننقا
د لذل تالله لا ننقاد
أين بيت بإيلياء منيف
عمرته الآباء والأجداد
نحن في إثرهم وإن عز نصر
وتوالي من العدو جلاد
سيموت الآباء في الحرب والأب
ناء حتى يقاتل الأحفاد
كما يذكر الشعب الموريتاني موقف العلامة العارف بالله المربي الشيخ محمد فال ولد عبد الله (الملقب أباه) الذي استقال من رئاسة رابطة العلماء المدعومة من النظام .
وتوج هذا المسار بفتوى العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو الصادرة سنة 1999 بعد الإعلان الرسمي للتطبيع،والتي أجازها كل العلماء المعتبرين في البلاد . وقد تمت مضايقة الشيخ بعد ذلك ودخل السجن علي أثر تلك الفتوي عدة مرات .
وقد وقعت الفتوى المذكورة على النظام والزمرة التابعة له من بعض الفقهاء وقوع الصاعقة،بفعل القبول الشعبي لها والإجماع العلمي حولها،وكانت سندا قويا لقوى الممانعة في وجه ثلة قليلة من ممتهني بيع الفتاوي. حيث أفتى أحدهم بأن إسرائيل أقرب إلينا من الصين، وأنه يجوز أن ’’ نتعشى ونتزوج في إسرائيل،عكس الصين’’ وقد أثارت الفتوى المذكورة موجة غضب وسخرية في الشارع الموريتاني عبر عنها أحد الشعراء بقوله :
"كلوا هناك وأشربوا تزوجوا لن نحزنا"
كانت تعبيرا صادقا عن السخط الشعبي.
الخطيئة الموروثة
في3/ 8/2005 سقط رأس النظام الحاكم غير أن خلفه الجديد أظهر تعلقا غير عادي وتشبثا بهذه العلاقة واعتبر التطبيع خطا أحمرا ومصلحة وطنية غير قابلة للنقاش،وبالغ في الأمر إلى حد إعادة تعيين وزير الخارجية السابق الذي وقع اتفاقية التطبيع على رأس الدبلوماسية الموريتانية في رسالة تطمين واضحة للصهاينة.
بداية النهاية
مع بداية الانتخابات الرئاسية والنيابية 2006في موريتانيا أصبحت مسألة قطع العلاقة مع الكيان الصهيوني مادة انتخابية لا يمكن التغاضي عنها لأي راغب في الوصول إلي القصر الرئاسي من هنا أعلن كل المترشحين للرئاسيات مواقف تعتزم قطع العلاقات مع الصهاينة وإن بتعبيرات متفاوتة،
وقد عبر الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عن عزمه مراجعة موقف بلاده من العلاقات مع الكيان الصهيوني وذلك من خلال عرض هذه العلاقات على البرلمان الموريتاني و أسقط العلاقة مع الكيان الصهيوني من قائمة ’’ المصالح الوطنية’’ ورفع التبني الرسمي عنها.
و قلل رئيس وزرائه في تصريح للإعلام من أهمية العلاقة مع الصهاينة،كما رخص للرباط الوطني لمقاومة الإختراق الصهيوني تحت اسم الرباط لوطني لنصرة الشعب الفلسطيني الذي ظل يعاني من ضغوط النظام السابق ابتداء من العام 1999
ويعتبر يوم 25 يناير 2008 يوما مفصليا في تاريخ التطبيع حيث وقعت جميع القوى السياسية في موريتانيا بما فيها الحزب الحاكم آنذاك وثيقة عهد تطالب بقطع فوري للعلاقة مع الكيان الصهيوني،وسلموها للرئيس ولد الشيخ عبد الله الذي وعد بدراستها بجد. بعد ذلك طالب رئيس مجلس النواب السيد مسعود ولد بلخير بقطع العلاقة مع الكيان الصهيوني.
ومع بدء العدوان الصهيوني على غزة 27/12/2008، تجدد الإجماع الموريتاني على المطالبة بقطع العلاقات وتحولت العاصمة نواكشوط والمدن الموريتانية إلى ميدان احتجاجات يومية على العدوان والمطالبة بطرد سفير الكيان الصهيوني.
وفي يوم الجمعة 16/1/2009 وفي قمة غزة للصمود في العاصمة القطرية الدوحة أعلن الجنرال محمد ولد عبد العزيز تجميد العلاقة بين موريتانيا والكيان الصهيوني وهو الإعلان الذي أثلج صدر كل موريتاني كان مكتويا بعار تلك العلاقة المشينة،وحاز ذلك الإعلان إجماع كل القوى السياسية في موريتانيا،رغم خلافاتها العميقة حول الموقف من النظام الحاكم، وكم كانت سعادتنا غامرة وفاضت المآقي بالدموع ونحن نشاهد الجرافات تعبث بالجدر التي أقامها الصهاينة حول سفارتهم والمتاريس التي قبعوا خلفها عشر سنين،مدنسين بها أرض المنارة والرباط.
ورغم ذلك لاتزال القوى الوطنية الجادة وفي مقدمتها الرباط الوطني تطالب بقطع كامل ونهائي للعلاقة مع الكيان الصهيوني،وتطهير أرضنا من بؤر صهيونية يتحدث البعض عن وجودها .
مقاومة التطبيع ...المسار ..والمؤسسات
تعددت مظاهر مقاومة التطبيع في موريتانيا،من العمل الشعبي الجماهيري المتواصل،والعمل المؤسسي المنظم،وتعددت مجالاته تنوع مجالات التطبيع وظروفه وسبله.
وانتظمت النخبة السياسية والثقافية في عدة هيئات سياسية من بينها
1- الهيئة الشعبية لمواجهة التطبيع والدفاع عن فلسطين :،والتي جمعت كثيرا من القوى السياسية والثقافية،ولم يتخلف عنها إلا الحزب الحاكم وعدد قليل من القوى السياسية المساندة له،وترأسها العمدة السابق لنواكشوط محمد محمود ولد أماه واستمرت عدة سنوات تؤدي أدوار مشهودة للنضال الوطني وتدافع عن القضية رغم حرمانها من الترخيص الرسمي وقد تعرض قادتها وعدد من أنصارها للاعتقالات التعسفية والتنكيل السياسي المتواصل،
2- الرباط الوطني لمناهضة الاختراق الصهيوني : وقد تأسس بتاريخ 1999رغم أنه لم ينل الترخيص الرسمي إلا قبل سنتين فقط،وقد تقلد أمانته الأولي الأستاذ محمد جميل ولد منصور النائب الحالي في البرلمان وترأس مجلس إدارته المناضل الكبير والنائب البرلماني محمد محمود ولد لمات .و قد استطاع الرباط تجييش الشارع الموريتاني ضد كل مظاهر وأنواع التطبيع وواكب جميع الأحداث والتطورات السياسية التي تمت لموضوع التطبيع بصلة كما ظل شوكة في خاصرة كل المطبيعين . وقد نجح الرباط في التنظيم المستمر للأمسيات النضالية والمهرجانات والمسيرات والاعتصامات التي تندد بالعلاقات مع الكيان الصهيوني من جهة وتنصر النضال الفلسطيني وتواكبه في أفراحه وأترحه من جهة أخري .
ويعتبر الرباط الذي يتشكل من أهم الأحزاب السياسية الموريتانية وهيئات المجتمع المدني القلب النابض لمقاومة التطبيع .،وقد آلي على نفسه أن يخرج القضية الفلسطينية من ميدان الحرج السياسي إلى ساحة المواقف الصارمة والواضحة .
3- المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني . وقد تأست 1999 بعد قيام العلاقة مع الكيان الصهيوني،وتعتبر الآن القوة الطلابية الرائدة في الدفاع عن القضية الفلسطينية .
4- اللجنة الشعبية للدفاع عن فلسطين والعراق ويرأسها المناضل ( .....ولد عبيد ) وقد تأسست هذه اللجنة في السنوات الأخيرة ولها دور ناهض في خدمة القضية .
ويمكن القول إن مقاومة التطبيع في موريتانيا اتخذت عدة مظاهر من بينها :
1- مسار العمل الاحتجاجي : ممثلا في المسيرات الشعبية العارمة والتي بلغت في بعض الأحيان عشرات الآلاف ،واستطاعت أكثر من مرة بث الرعب في نفوس قادة النظام المطبع الذي كان يرد بقوة القمع وسلطان البطش على المتظاهرين،وباعتقالات تعسفية دائمة تستهدف الناشطين في مقاومة التطبيع.
2- العمل الإعلامي الجاد : حيث انتظمت غالبية الصحف الوطنية والمواقع الالكترونية والكتاب والشعراء والأدباء في تعرية كل أوجه التطبيع ومقاومته،وفضح المطبعين والتشهير بهم،مما جعل التطبيع عارا ومنقصة يتواري مرتكبها من سوء ما انتهج من سلوك و اقترف من إثم أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يزرون.
3- العمل التعبوي : وذلك عبر مؤسسات التعليم والجامعات وكذا عبر منابر الجمعة،وقد ظلت خطب الجمعة في موريتانيا قرابة أكثر من عقدين من الزمن تقوم بدور متقدم في فضح التطبيع وفي التحذير من موالاة المطبعين،وهو ما دفع النظام آنذاك في الأخير إلى محاولة ’’ تأميم المساجد’’ عبر قانون تنظيم المساجد وهدد وزير الشؤون الإسلامية حينئذ الأئمة بتحويل المساجد إلى مخابز لكن المنابر ظلت رغم كل وسائل التضييق قلاعا قوية ضد الصهيونية .
كما انتشر مقاومو التطبيع داخل كل المدن الموريتانية،مشكلين حلقات اتصال،وسدا منيعا ضد الاختراق الصهيوني.
4- الدعم الإنساني والتبرع لفلسطين،وقد أبان الموريتانيون عن كرم حاتمي بالنسبة لقضايا الأمة بشكل عام وقضية فلسطين بشكل خاص،وقدم نماذج بالغة التأثير عندما تبرع شاب معوق بعكازيه،وتبرعت فتاة تزوجت حديثا بحلي مهرها.
5- الفتاوى : وقد أدت فتاوي العلماء دورا أساسيا في زلزلة الأساس الفقهي الواهي الذي اعتمد عليه ’’فقهاء العشاء والزواج في إسرائيل’’ من حجج تطبيعية وأفقدتهم المبررات الشرعية التي يتعلل بها النظام من أجل إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني . ومنعته من أي عامل تأثير جوهري في المجتمع المسلم الذي يعتقد أن علماءه المخلصين هم مصابيحه وقادته في كل طريق.
6- المقاطعة الاقتصادية : وقد أدت دورا محمودا في إرغام رجال الأعمال على الابتعاد عن البضائع الصهيونية وأصدر عدد كبير من هؤلاء بيانات صحفية تؤكد أنه يحرم استيراد أي منتج صهيوني.
7- العمل المؤسسي : ويتمثل في تأسيس الجمعيات والمنظمات والتكتلات الحزبية والسياسية المناهضة للتطبيع وذلك لضمان استمرار العمل وديمومته .
خاتمة
’’ إن الملائكة لم تضع السلاح بعد ’’
والشعب الموريتاني لم يغمد سيف المقاومة ضد التطبيع،لكن مساحة التحرك باتت أكثر سعة من ذي قبل،وبالتالي فإن حجم المسؤولية بات أكبر أيضا بحجم المساحة المتاحة من الحرية.
ولئن استعرضنا في صفحاتنا الماضية نتفا من حياة هذا الشعب المقاوم وتحدثنا عن بعض وسائل نضاله وطرق مواجهته للتطبيع الذي تدعو له زمرة سياسية مستلبة حيث انتصر الشرف على الخيانة و الأصلاء على الغرباء،فإن المسيرة لم تنته والسير لايزال متواصلا بإذن الله غرسا لقيم المقاومة،وتثمينا لمسار وقف التطبيع،ووقوفا صارما في وجه أي محاولة للارتكاس إلى هاوية لا قرار لها .
ويتوجه الرباط الوطني لنصرة فلسطين بإذن الله تعالى خلال الفترة القادمة إلى وضع استيراتجية صمود طويلة لا تجعل من موريتانيا منطقة خالية من التطبيع فقط بل تجعل منها فوق ذلك قلعة إشعاع في الغرب الإفريقي لمقاومة الاختراق الصهيوني بشكل عام.
وسيعمل الرباط أيضا بإذن الله تعالى على نشر ثقافة فلسطين داخل المجتمع الموريتاني بشكل كبير وإلى التوجه بشكل أساس إلى الفئات غير الناطقة بالعربية في المجتمع الموريتاني،للتعريف بثقافة فلسطين وحقنا في المسجد الأقصى والقدس وعموم فلسطين ،وذلك عبر وسائل وأهداف واضحة
ليست موريتانيا سوى إحدى ساحات المعركة الواجب تطوير العمل فيها حتى يأخذ أشكالا أكثر عمقا وتخطيطا تمس نبض الشارع وترتبط بالمصلحة الآنية والمستقبلية للقضية الفلسطينية ونقترح في هذا الصدد :
- ضرورة دعم الدول والجهات المستهدفة بالتطبيع حتى لا تبقي فريسة للعصابات المالية والسياسية الصهيونية.
- تأسيس مراكز بحوث ومراصد خاصة لدراسة ظاهرة التطبيع في المنطقة العربية والقارتين الإفريقية والآسيوية باعتبارهما سندا ومددا لقضيتنا .
- .
- إنشاء دبلوماسية شعبية عالمية مهمتها نشر الوعي بالقضية والتأثير في كافة الهيئات والميادين الشعبية والرسمية يكون من ضمن أوراقها التفاوضي فرض عقوبات شعبية على الدول والمؤسسات المنحازة ضد الشعب الفلسطيني .
- إعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية ضمن المقرر الدراسي للتلاميذ في المراحل الأولى من التعليم من أجل تربية النشء وتثقيفه حول قضيته الأولى.
- إنشاء جوائز علمية باسم فلسطين
والله الهادي إلى سواء السبيل
السيد الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية
السادة المؤتمرون الكرام
الأخوة المشاركين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم على هذه السانحة والفرصة الطيبة التي أتحتم لنا من خلالها الحديث إليكم،والتحدث عن الجهود الشعبية المقاومة للاختراق الصهيوني حيث أظهر شعبنا العربي و أمتنا الإسلامية ممانعة شديدة ضد كل ما يمت إلى الكيان الصهيوني بصلة فأصبحت مسألة الصراع العربي الصهيوني وعلي رأسها القضية الفلسطينية تحتل سلم الأوليات ليس فقط لدي الشعب العربي بل لدي الكثير من شعوب العالم في القارات الخمس التي انتفضت في كل مكان للتنديد بالاحتلال العنصري الصهيوني والمجازر التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني.
لقد قدمت شعوبنا أبلغ الدروس لحكامها إن كانوا يعقلون فأفقدت بعضهم كرسي حكمه حين ظن أن حصون الصهاينة مانعته.
وسأتعرض لموضوع التطبيع وسلاح المقاطعة من خلال موريتانيا كنموذج لجهد متواضع قيم به في ذالك البلد النائي الذي اهتم به العدو كبوابة موصلة لعوالم ثلاثة.
وسنتناول الموضوع بإذن الله من خلال المحاور التالية:
-عن المجتمع الموريتاني
- محطات في تاريخ التطبيع..الخطيئة ..والضريبة.
- مقاومة التطبيع ...المسار ..والمؤسسات
عن المجتمع الموريتاني
بين ضفاف المحيط الأطلسي و الرمال الصحراوية عاش شعب الجمهورية الإسلامية الموريتانية صلب الانتماء، موحدا بديانته الإسلامية،قوي التمسك بهويته الثقافية والوطنية، رافضا ككل أبناء الصحراء ، لأي احتلال أو اختراق، وعلى هذه الأرضية التاريخية تأسست هويته الثقافية فتجد الأحداث والوقائع في تاريخ العالم العربي والإسلامي المعاصر صداها الواسع في بنيته الاجتماعية واهتماماته اليومية،حيث يحمل أبناؤه أسماء قادة المقاومة والتحرر في العالمين العربي والإسلامي،وتتوزع أزقة وحواري فلسطين،لافتات في أسواقه،وأسماء لقراه الصغيرة النائية .
هذا الشعب الشنقيطي نفور كل النفور من اليهود واليهودية وقد صاغت ثقافته الدينية الشعبية، هذا النفور والرفض وأصبح من مسلماته الثابتة ،أن الدعاء باللعنة على اليهود يحل محل صدقة مادية،كما يقول أحد علمائه الأجلاء
من لم يجد صدقة فليسأل . للمسلمين الله غفر الزلل
’’ وليلعن اليهود رب العنهم ...وحط حوب المؤمنين عنهم.
وتواصل هذا المدد الثقافي وهذا الحبل الاجتماعي الضابط للأفعال والموجه للمشاعر،إلى ما قبل نشأة الدولة الوطنية،حيث يتذكر الموريتانيون بإكبار وتجلة موقف النائب الموريتاني في البرلمان الفرنسي أحمدو ولد حرمه ولد ببانا الذي كان الوحيد الذي صوت ضد للاعتراف بقيام الكيان الصهيوني،سنة 1948،ثم انسحب من الجلسة.
وبعد الاستقلال الوطني سنة 1960،كانت موريتانيا تتمتع بقائد فذ ورجل مواقف هو الرئيس المرحوم المختار ولد داداه الذي قاد حملة قوية ضد الاختراق الصهيوني لإفريقيا،عبر مواقفه المعلنة وجولاته المكوكية التي مرغت أنف الدبلوماسية الصهيونية في الشمال والغرب الإفريقيين، ووصلت مواقف ولد داداه إلى حد إعلان موريتانيا الوليدة قطع علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1967 بعد حرب الأيام الستة التي انتهت باحتلال أراض عربية واسعة.
وعلى الصعيد الشعبي، واصل الشعب الموريتاني الخارج لتوه من ربقة الاستعمار،ومن فضاء البداوة العريضة تشبثه بمواقفه الداعمة لفلسطين،وظلت الاحتجاجات للطلاب أمام ممثلية الولايات المتحدة الأمريكية أحد اللوازم النضالية الثابتة ،وكان التبرع المادي جزء من هذا النضال حيث باع أحد القرويين 8 ثيران كان يملكها سنة 1967 ، مقدما ثمنها تبرعا للشعب الفلسطيني.
وعكسا لهذا التوجه استنجد النظام السابق بعد حرب الخليج الثانية بما اعتبره مفتاحا لصناديق التمويل، مدشنا بذلك الخروج الكبير على كل الثوابت الموريتانية في هذا المجال.
محطات في تاريخ التطبيع.
بدأت أولى بوادر التطبيع مع العام 1993 عندما التقى وزير الخارجية الموريتاني آن ذلك مع نظيره الصهيوني، سنة 1993 سرا في مدريد وهو اللقاء الذي رسم المخطط البياني لتلك العلاقات في السنوات التالية.
وفي سنة 1995 خرجت العلاقة إلى العلن بمكتبين تجاريين،وعين الكيان الصهيوني المدعو أزولاي غابريل مكلفا بإدارة المكتب الذي احتضنته إسبانيا الراعي والعراب الأول للعلاقات بين الكيان الصهيوني وموريتانيا وعلى إثر ذلك بدأت منظمات سياسية وأهلية في موريتانيا تعلن عن اكتشاف مشاركين صهاينة في ملتقيات وورشات اقتصادية أو سياسية في البلد،حيث شارك خبراء زراعيون في ملتقى لزراعة النخيل في مدينة أطار بدعوة من منظمة مدنية يرأسها مقربون من النظام.
كما شارك ثلاثة خبراء صهاينة في العام الموالي في ملتقى علمي في جامعة نواكشوط بعنوان ’’ الإنسان والماء والكربون’’ وهو ما أثار ضجة عارمة في الجامعة بعد الكشف عن هويات الصهاينة المذكورين.
وفي نفس العام طالبت أحزاب المعارضة الموريتانية ومؤسسات المجتمع الأهلي وخطباء المساجد بفتح تحقيق حول ما نشرته صحيفة القدس العربي عن صفقة بين رئيس النظام والكيان الصهيوني يقضي بدفن نفايات نووية ومواد مشعة في الصحراء الموريتانية.
وواجهت آلة القمع الرسمية تلك المطالبات بردة فعل قاسية تمثلت في قمع شديد للمتظاهرين،وإبعاد قسري للمعارضين الموريتانيين إلى الداخل،حيث فرضت إقامة جبرية على كل من زعيم المعارضة أحمد ولد داداه، والمحامي محمدن ولد اشدو وغيرهم،في قرية بومديد النائية.
وأخيرا توج المسار البائس بين نظام التطبيع في موريتانيا والكيان الصهيوني، في 27/10/1999 حيث أشرفت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت في حفل باهت أقيم في واشنطن على توقيع اتفاقية رفع التمثيل الدبلوماسي بين موريتانيا والكيان الصهيوني،إلى درجة السفراء،واستقبلت نواكشوط ’’ سفيرا صهيونيا كامل الصلاحيات وفوق العادة’’.
على قبر ابن عامر
في سنة 2000 وصل التطبيع الموريتاني الصهيوني إلى مراحل متقدمة عندما زار وفد من الكنيست الصهيوني مدينة العلماء والتراث الموريتانية، مدينة شنقيط، حيث رفض أصحاب المكتبات الأهلية السماح لهم بالدخول إلى منازلهم أو مكتباتهم،قبل أن ينتقلوا إلى ولاية تكانت حيث وقف وفد الصهاينة خلسة وفي حالة غفلة من المواطنين على قبر الأمير المرابطي الكبير أبو بكر بن عامر القائد الثاني لجيوش المرابطين بعد مؤسس الدولة الفقيه عبد الله بن ياسين وقد فجر الأمر ثورة غضب عارمة في الشارع الموريتاني وجدت
لكن الأمر تطور أكثر من ذلك حينما ظهر وزير خارجية موريتانيا في زيارة دولة رسمية للكيان الصهيوني سنة 2001
كانت أول مهمة للسفير الصهيوني الجديد ’’ أفريد إيتان’’ هي فتح سفارة للكيان الصهيوني على ضفاف المحيط الأطلسي،ورفع راية الكيان الصهيوني في سماء المرابطين، ونظرا لما واجه السفير من رفض وقوبل به من استنكار وفرت له مصالح الأمن والدبلوماسية في موريتانيا طاقما من بائعي الضمير ليعلن بعد أشهر قليلة من إعلان التطبيع،عن إنشاء منظمة تحمل ’’ جمعية الصداقة الموريتانية الاسرائلية" التي تعرض رئيسها للضرب المبرح أثناء تجواله في سوق العاصمة.
وفي نفس العام فشل وفد طبي صهيوني في تقديم خدمات طبية لمرضى العيون في موريتانيا بعد أن أشاعت الحملة الشعبية المناضلة أن كل من يتعالج لدى الصهانية سيصاب بالعمى وتلقي وفد طبي آخر صفعة قوية سددها الممرض البطل المرحوم الزايد ولد الخطاط لرئيس الوفد الطبي،بعد أن أكتشف أنه صهيوني،.
صداها قويا في الإعلام وخطب المساجد وتفاعلات الطلاب مع الحدث.
شراء العملاء
ومع بداية العام 2000 بعدما وصلت الأزمات السياسية والاقتصادية في موريتانيا أقصى درجة،وأصبح الاحتقان السياسي سيد مواقف الساسة الموريتانيين،بدأت سفارة الكيان البغيض في نواكشوط محاولة اختراق جديدة للوسط الإعلامي والسياسي ونجح الصهاينة في استمالة قلة من الصحفيين الموريتانيين،وفيما جاهر بعض هؤلاء بخطيئة العمالة للصهاينة، فقد حاول الكيان البغيض غرس البعض الآخر في مؤسسات مقاومة للتطبيع، قبل أن يكتشف هؤلاء ويطردوا شر طردة.
كما حاولت سفارة الكيان الصهيوني التوجه نحو العمل الأهلي من خلال بناء مركز خاص لأمراض السرطان، وهو المركز الذي اكتمل بناءه بعد سقوط نظام التطبيع فتحول إثر قرار جريء إلى مركز وطني بأطره وتمويله .
وعلى الصعيد السياسي واصل النظام الموريتاني زيارات ’’ الحج والتقرب ’’ إلى الكيان الصهيوني،حيث زار وزير خارجية موريتانيا الكيان الصهيوني مرتين ،ولابد من ملاحظة أن النظام الموريتاني آنذاك ظل متنفسا للكيان الصهيوني يكسر به الطوق العربي كلما وقعت أزمة أو اشتد الموقف عربي،
وفي 3 مايو 2005 انتفض الشارع الموريتاني عن بكرة أبيه ضد زيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني سليفان شالوم لنواكشوط،ولم يفلح القمع الشديد في ثني المتظاهرين عن التعبير عن رفضهم القاطع للعلاقات مع الكيان الصهيوني،لينجحوا في تقليص وقت الزيارة من 24 ساعة إلى 6 ساعات فقط،وخرج قادة الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني إلى الشارع ليقودوا الغضب الشعبي ضد الزيارة،رغم أن بعضهم كان مطلوبا أمنيا ورغم عسكرة وسط العاصمة وفرض حظر التجول طيلة ذلك اليوم المشؤوم .
جهود المجتمع في مقاومة التطبيع
لقد كانت نفرة المجتمع الموريتاني بكل مكوناته من أحزاب سياسية وهيئات نقابية وإعلامية وفنانين, حيث بذل الجميع ما أمكن من جهد وتضحية موحدين تحت شعار "اقطعوا العلاقات مع الكيان الصهيوني". ولن ننسي في هذا الباب تضحيات كثيرة منها الشهيدة التي اختنقت بمسيلات الدموع فسقطت شهيدة انتفاضة فلسطين في موريتانيا . ولقد أقيل بعض الدبلوماسيين من وظائفهم بعد رفضهم أوامر نقلهم إلي سفارة النظام في تلابيب.
ومن مظاهر مقاومة التطبيع التي لا تنسي رفض الشاعر ( ) قبول جائزته التي فاز بها في مسابقة نظمتها وزارة الثقافة بسبب حضور السفير الإسرائيلي مراسم ذلك الحفل . وعلي أثر ذلك نظم الرباط الوطني لمقاومة التطبيع حفلا ثقافيا كبيرا تكريما للشاعر ولموقفه النضالي وقدمت له قيمة جائزة وزارة الثقافة مضاعفة .
دور العلماء
كان العلماء الموريتانيون ولا زالوا رافدا من روافد المقاومة والممانعة من خلال فتاويهم المؤثرة في المجتمع حيث يذكر الموريتانيون في هذا الصدد الدور الكبير الذي أداه مفتي البلاد الشيخ بداه ولد البوصيري رحمه الله في الوقوف في وجه الاختراق الصهيوني،وفي تجييش الشارع الموريتاني لمساندة أخوانه في فلسطين،عبر خطبه التي امتدت قرابة أربعين سنة،ويذكر الموريتانيون لهذا الشيخ الجليل مطالبته الملك السعودي فيصل رحمه الله أثناء زيارة له لإنواكشوط سنة 1973بمواصلة الدعم والمساندة للمسجد الأقصى،عبر قصيدة طنانة ألقاها بين يدي الملك الراحل ومضيفه الموريتاني المختار ولد داداه والتي يقول فيها
فأنتم لإحدى الحسنييـن مصيركـم
وما النصر إلا من عزيـز موقـع
فسيروا إلى نصر عزيز وعـزة
وجنـات عـدن راحـة لا تَقَطَّـع
فلسطين أبطـالٌ تناضـل جهدهـا
فلا تغفلوا الأبطال ظلمـا تُصـرع
ومسرى إمـام المرسليـن محمـدي
ُـداس بأقـدام الصهايـن يفجـع
ففي بيت شعر قد مضى ذكر أقـرع
إلى ذكر : إن يُصرع أخوك فتصرع
كما يتذكر الشعب بكل إكبار وإجلال العلامة الوزير محمد سالم ولد عدود رحمه الله تعالى الذي توفي قبل أشهر ومواقفه العظيمة في هذا المجال والتي سجلها في شعره ودروسه ومنها هذه الأبيات
أيها النائمون ماذا الرقاد
غركم من ’’كيسنجر’’ الترداد
أنولي الأدبار في الحرب جبنا
وقصاري المخوف الإستشهاد
أفنرضى بما رفضنا وننقا
د لذل تالله لا ننقاد
أين بيت بإيلياء منيف
عمرته الآباء والأجداد
نحن في إثرهم وإن عز نصر
وتوالي من العدو جلاد
سيموت الآباء في الحرب والأب
ناء حتى يقاتل الأحفاد
كما يذكر الشعب الموريتاني موقف العلامة العارف بالله المربي الشيخ محمد فال ولد عبد الله (الملقب أباه) الذي استقال من رئاسة رابطة العلماء المدعومة من النظام .
وتوج هذا المسار بفتوى العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو الصادرة سنة 1999 بعد الإعلان الرسمي للتطبيع،والتي أجازها كل العلماء المعتبرين في البلاد . وقد تمت مضايقة الشيخ بعد ذلك ودخل السجن علي أثر تلك الفتوي عدة مرات .
وقد وقعت الفتوى المذكورة على النظام والزمرة التابعة له من بعض الفقهاء وقوع الصاعقة،بفعل القبول الشعبي لها والإجماع العلمي حولها،وكانت سندا قويا لقوى الممانعة في وجه ثلة قليلة من ممتهني بيع الفتاوي. حيث أفتى أحدهم بأن إسرائيل أقرب إلينا من الصين، وأنه يجوز أن ’’ نتعشى ونتزوج في إسرائيل،عكس الصين’’ وقد أثارت الفتوى المذكورة موجة غضب وسخرية في الشارع الموريتاني عبر عنها أحد الشعراء بقوله :
"كلوا هناك وأشربوا تزوجوا لن نحزنا"
كانت تعبيرا صادقا عن السخط الشعبي.
الخطيئة الموروثة
في3/ 8/2005 سقط رأس النظام الحاكم غير أن خلفه الجديد أظهر تعلقا غير عادي وتشبثا بهذه العلاقة واعتبر التطبيع خطا أحمرا ومصلحة وطنية غير قابلة للنقاش،وبالغ في الأمر إلى حد إعادة تعيين وزير الخارجية السابق الذي وقع اتفاقية التطبيع على رأس الدبلوماسية الموريتانية في رسالة تطمين واضحة للصهاينة.
بداية النهاية
مع بداية الانتخابات الرئاسية والنيابية 2006في موريتانيا أصبحت مسألة قطع العلاقة مع الكيان الصهيوني مادة انتخابية لا يمكن التغاضي عنها لأي راغب في الوصول إلي القصر الرئاسي من هنا أعلن كل المترشحين للرئاسيات مواقف تعتزم قطع العلاقات مع الصهاينة وإن بتعبيرات متفاوتة،
وقد عبر الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عن عزمه مراجعة موقف بلاده من العلاقات مع الكيان الصهيوني وذلك من خلال عرض هذه العلاقات على البرلمان الموريتاني و أسقط العلاقة مع الكيان الصهيوني من قائمة ’’ المصالح الوطنية’’ ورفع التبني الرسمي عنها.
و قلل رئيس وزرائه في تصريح للإعلام من أهمية العلاقة مع الصهاينة،كما رخص للرباط الوطني لمقاومة الإختراق الصهيوني تحت اسم الرباط لوطني لنصرة الشعب الفلسطيني الذي ظل يعاني من ضغوط النظام السابق ابتداء من العام 1999
ويعتبر يوم 25 يناير 2008 يوما مفصليا في تاريخ التطبيع حيث وقعت جميع القوى السياسية في موريتانيا بما فيها الحزب الحاكم آنذاك وثيقة عهد تطالب بقطع فوري للعلاقة مع الكيان الصهيوني،وسلموها للرئيس ولد الشيخ عبد الله الذي وعد بدراستها بجد. بعد ذلك طالب رئيس مجلس النواب السيد مسعود ولد بلخير بقطع العلاقة مع الكيان الصهيوني.
ومع بدء العدوان الصهيوني على غزة 27/12/2008، تجدد الإجماع الموريتاني على المطالبة بقطع العلاقات وتحولت العاصمة نواكشوط والمدن الموريتانية إلى ميدان احتجاجات يومية على العدوان والمطالبة بطرد سفير الكيان الصهيوني.
وفي يوم الجمعة 16/1/2009 وفي قمة غزة للصمود في العاصمة القطرية الدوحة أعلن الجنرال محمد ولد عبد العزيز تجميد العلاقة بين موريتانيا والكيان الصهيوني وهو الإعلان الذي أثلج صدر كل موريتاني كان مكتويا بعار تلك العلاقة المشينة،وحاز ذلك الإعلان إجماع كل القوى السياسية في موريتانيا،رغم خلافاتها العميقة حول الموقف من النظام الحاكم، وكم كانت سعادتنا غامرة وفاضت المآقي بالدموع ونحن نشاهد الجرافات تعبث بالجدر التي أقامها الصهاينة حول سفارتهم والمتاريس التي قبعوا خلفها عشر سنين،مدنسين بها أرض المنارة والرباط.
ورغم ذلك لاتزال القوى الوطنية الجادة وفي مقدمتها الرباط الوطني تطالب بقطع كامل ونهائي للعلاقة مع الكيان الصهيوني،وتطهير أرضنا من بؤر صهيونية يتحدث البعض عن وجودها .
مقاومة التطبيع ...المسار ..والمؤسسات
تعددت مظاهر مقاومة التطبيع في موريتانيا،من العمل الشعبي الجماهيري المتواصل،والعمل المؤسسي المنظم،وتعددت مجالاته تنوع مجالات التطبيع وظروفه وسبله.
وانتظمت النخبة السياسية والثقافية في عدة هيئات سياسية من بينها
1- الهيئة الشعبية لمواجهة التطبيع والدفاع عن فلسطين :،والتي جمعت كثيرا من القوى السياسية والثقافية،ولم يتخلف عنها إلا الحزب الحاكم وعدد قليل من القوى السياسية المساندة له،وترأسها العمدة السابق لنواكشوط محمد محمود ولد أماه واستمرت عدة سنوات تؤدي أدوار مشهودة للنضال الوطني وتدافع عن القضية رغم حرمانها من الترخيص الرسمي وقد تعرض قادتها وعدد من أنصارها للاعتقالات التعسفية والتنكيل السياسي المتواصل،
2- الرباط الوطني لمناهضة الاختراق الصهيوني : وقد تأسس بتاريخ 1999رغم أنه لم ينل الترخيص الرسمي إلا قبل سنتين فقط،وقد تقلد أمانته الأولي الأستاذ محمد جميل ولد منصور النائب الحالي في البرلمان وترأس مجلس إدارته المناضل الكبير والنائب البرلماني محمد محمود ولد لمات .و قد استطاع الرباط تجييش الشارع الموريتاني ضد كل مظاهر وأنواع التطبيع وواكب جميع الأحداث والتطورات السياسية التي تمت لموضوع التطبيع بصلة كما ظل شوكة في خاصرة كل المطبيعين . وقد نجح الرباط في التنظيم المستمر للأمسيات النضالية والمهرجانات والمسيرات والاعتصامات التي تندد بالعلاقات مع الكيان الصهيوني من جهة وتنصر النضال الفلسطيني وتواكبه في أفراحه وأترحه من جهة أخري .
ويعتبر الرباط الذي يتشكل من أهم الأحزاب السياسية الموريتانية وهيئات المجتمع المدني القلب النابض لمقاومة التطبيع .،وقد آلي على نفسه أن يخرج القضية الفلسطينية من ميدان الحرج السياسي إلى ساحة المواقف الصارمة والواضحة .
3- المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني . وقد تأست 1999 بعد قيام العلاقة مع الكيان الصهيوني،وتعتبر الآن القوة الطلابية الرائدة في الدفاع عن القضية الفلسطينية .
4- اللجنة الشعبية للدفاع عن فلسطين والعراق ويرأسها المناضل ( .....ولد عبيد ) وقد تأسست هذه اللجنة في السنوات الأخيرة ولها دور ناهض في خدمة القضية .
ويمكن القول إن مقاومة التطبيع في موريتانيا اتخذت عدة مظاهر من بينها :
1- مسار العمل الاحتجاجي : ممثلا في المسيرات الشعبية العارمة والتي بلغت في بعض الأحيان عشرات الآلاف ،واستطاعت أكثر من مرة بث الرعب في نفوس قادة النظام المطبع الذي كان يرد بقوة القمع وسلطان البطش على المتظاهرين،وباعتقالات تعسفية دائمة تستهدف الناشطين في مقاومة التطبيع.
2- العمل الإعلامي الجاد : حيث انتظمت غالبية الصحف الوطنية والمواقع الالكترونية والكتاب والشعراء والأدباء في تعرية كل أوجه التطبيع ومقاومته،وفضح المطبعين والتشهير بهم،مما جعل التطبيع عارا ومنقصة يتواري مرتكبها من سوء ما انتهج من سلوك و اقترف من إثم أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يزرون.
3- العمل التعبوي : وذلك عبر مؤسسات التعليم والجامعات وكذا عبر منابر الجمعة،وقد ظلت خطب الجمعة في موريتانيا قرابة أكثر من عقدين من الزمن تقوم بدور متقدم في فضح التطبيع وفي التحذير من موالاة المطبعين،وهو ما دفع النظام آنذاك في الأخير إلى محاولة ’’ تأميم المساجد’’ عبر قانون تنظيم المساجد وهدد وزير الشؤون الإسلامية حينئذ الأئمة بتحويل المساجد إلى مخابز لكن المنابر ظلت رغم كل وسائل التضييق قلاعا قوية ضد الصهيونية .
كما انتشر مقاومو التطبيع داخل كل المدن الموريتانية،مشكلين حلقات اتصال،وسدا منيعا ضد الاختراق الصهيوني.
4- الدعم الإنساني والتبرع لفلسطين،وقد أبان الموريتانيون عن كرم حاتمي بالنسبة لقضايا الأمة بشكل عام وقضية فلسطين بشكل خاص،وقدم نماذج بالغة التأثير عندما تبرع شاب معوق بعكازيه،وتبرعت فتاة تزوجت حديثا بحلي مهرها.
5- الفتاوى : وقد أدت فتاوي العلماء دورا أساسيا في زلزلة الأساس الفقهي الواهي الذي اعتمد عليه ’’فقهاء العشاء والزواج في إسرائيل’’ من حجج تطبيعية وأفقدتهم المبررات الشرعية التي يتعلل بها النظام من أجل إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني . ومنعته من أي عامل تأثير جوهري في المجتمع المسلم الذي يعتقد أن علماءه المخلصين هم مصابيحه وقادته في كل طريق.
6- المقاطعة الاقتصادية : وقد أدت دورا محمودا في إرغام رجال الأعمال على الابتعاد عن البضائع الصهيونية وأصدر عدد كبير من هؤلاء بيانات صحفية تؤكد أنه يحرم استيراد أي منتج صهيوني.
7- العمل المؤسسي : ويتمثل في تأسيس الجمعيات والمنظمات والتكتلات الحزبية والسياسية المناهضة للتطبيع وذلك لضمان استمرار العمل وديمومته .
خاتمة
’’ إن الملائكة لم تضع السلاح بعد ’’
والشعب الموريتاني لم يغمد سيف المقاومة ضد التطبيع،لكن مساحة التحرك باتت أكثر سعة من ذي قبل،وبالتالي فإن حجم المسؤولية بات أكبر أيضا بحجم المساحة المتاحة من الحرية.
ولئن استعرضنا في صفحاتنا الماضية نتفا من حياة هذا الشعب المقاوم وتحدثنا عن بعض وسائل نضاله وطرق مواجهته للتطبيع الذي تدعو له زمرة سياسية مستلبة حيث انتصر الشرف على الخيانة و الأصلاء على الغرباء،فإن المسيرة لم تنته والسير لايزال متواصلا بإذن الله غرسا لقيم المقاومة،وتثمينا لمسار وقف التطبيع،ووقوفا صارما في وجه أي محاولة للارتكاس إلى هاوية لا قرار لها .
ويتوجه الرباط الوطني لنصرة فلسطين بإذن الله تعالى خلال الفترة القادمة إلى وضع استيراتجية صمود طويلة لا تجعل من موريتانيا منطقة خالية من التطبيع فقط بل تجعل منها فوق ذلك قلعة إشعاع في الغرب الإفريقي لمقاومة الاختراق الصهيوني بشكل عام.
وسيعمل الرباط أيضا بإذن الله تعالى على نشر ثقافة فلسطين داخل المجتمع الموريتاني بشكل كبير وإلى التوجه بشكل أساس إلى الفئات غير الناطقة بالعربية في المجتمع الموريتاني،للتعريف بثقافة فلسطين وحقنا في المسجد الأقصى والقدس وعموم فلسطين ،وذلك عبر وسائل وأهداف واضحة
ليست موريتانيا سوى إحدى ساحات المعركة الواجب تطوير العمل فيها حتى يأخذ أشكالا أكثر عمقا وتخطيطا تمس نبض الشارع وترتبط بالمصلحة الآنية والمستقبلية للقضية الفلسطينية ونقترح في هذا الصدد :
- ضرورة دعم الدول والجهات المستهدفة بالتطبيع حتى لا تبقي فريسة للعصابات المالية والسياسية الصهيونية.
- تأسيس مراكز بحوث ومراصد خاصة لدراسة ظاهرة التطبيع في المنطقة العربية والقارتين الإفريقية والآسيوية باعتبارهما سندا ومددا لقضيتنا .
- .
- إنشاء دبلوماسية شعبية عالمية مهمتها نشر الوعي بالقضية والتأثير في كافة الهيئات والميادين الشعبية والرسمية يكون من ضمن أوراقها التفاوضي فرض عقوبات شعبية على الدول والمؤسسات المنحازة ضد الشعب الفلسطيني .
- إعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية ضمن المقرر الدراسي للتلاميذ في المراحل الأولى من التعليم من أجل تربية النشء وتثقيفه حول قضيته الأولى.
- إنشاء جوائز علمية باسم فلسطين
والله الهادي إلى سواء السبيل