التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:03:11 غرينتش


تاريخ الإضافة : 22.12.2009 18:41:22

البعثة الدبلوماسية الموريتانية في دولة الإمارات .. نشاط دبلوماسي ناجح.. وإبراز لصورة شنقيط اللامعة!

حين رأت الدولة الموريتانية المستقلة النور أواخر سنة 1960 ،
وجدت نفسها في مواجهة تحديات جسيمة كان في مقدمتها إثبات وجود الكيان الوليد وانتزاع مكانة له على خارطة الأمم؛ وإقامة مؤسسات تثبت هذا الوجود، على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، ولم يجد جيل مؤسسي الجمهورية الإسلامية الموريتانية سوى علم اجتهدوا -ونجحوا- في إبداعه كرمز للدولة المستقلة؛ فلا موارد مالية ولا إمكانيات اقتصادية..
تلك عبقرية الإنسان الموريتاني الذي قهر الطبيعة الصحراوية القاسية، وأخرج القوة الاستعمارية من أرضه، دون أن تتمكن -على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن- من التأثير في ثقافته وقيمه وحضارته الغنية بتنوعها وتعدد روافدها.. هذه العقبرية إذن جعلت أولئك الرواد يستثمرون الثروة الوحيدة المتاحة لهم حينذاك والمتمثلة في العقول والموارد البشرية الخلاقة.. فانطلقوا يجوبون العالم ويزاحمون الأمم الأخرى في كل المحافل، زادهم الإيمان بهذا الوطن وموروث شنقيط المنارة والرباط الذي شمل صيته بلاد العرب والعجم في قارات هذا الكوكب الخمس.
أدرك أولئك الرجال أن لا سبيل أمام موريتانيا لفرض وجودها وصد أطماع بعض جيرانها التوسعية، غير سلاح الدبلوماسية عبر استثمار رصيد هذه البلاد الإشعاعي في مشارق الأرض ومغاربها، فكان النجاح حليفهم وتحقق الحلم لتصبح موريتانيا دولة يرفرف علمها خفاقا في كل المحافل العالمية والإقليمية والقارية والقومية..
بيد أن اختفاء جيل رواد الاستقلال وإثبات الهوية، ترك فراغا لم يسده من تولوا القيادة من بعدهم، لتنهار سمعة البلاد وتتردى صورتها إلى حد كبير مع تكالب المؤامرات أحيانا ضدها من قبل قوى لا تريد لها الخير وأخرى غاظها ما حققته من نجاحات وهي في طور التأسيس..
وتفاقم الوضع سوءا مع التحولات الدولية الأخيرة، إثر ظهور نظام العولمة وانهيار الحواجز والحدود الجغرافية أمام سيل ثورة المعلومات وتقنيات الاتصال الجارف ، لتصبح كل أمة لا تفرض حضورها الفعلي والفاعل في مسرح العالم، مهددة بالزوال؛ وانقلبت المعايير والموازين الدولية، بحيث استطاعت دول صغيرة لا تعتمد على أية موارد اقتصادية، تتصدر قائمة البلدان المؤثرة والوازنة في المشهد الدولي المضطرب، بينما همشت دول غنية بالموارد وكبيرة من حيث مساحتها وحجم سكانها، لأنها فشلت على الصعيد الدبلوماسي.
وفي هذا الخضم المفعم بالتنافس المحموم والذي لا يرحم، عملت السلطات الموريتانية مؤخرا على استرجاع الدور الدبلوماسي للبلد وتعزيز حضوره عربيا وإفريقيا ودوليا. فكان تعيين سيدة على رأس الدبلوماسية الموريتانية خطوة لافتة ورائدة على الصعيد العربي، خاصة وأن وزيرة الخارجية الجديدة هي ابنة وريثة أبرز وزير للخارجية في تاريخ البلاد، وأكثر من قادوا دبلوماسيتها نجاحا وخبرة إذ يعتبره الموريتانيون أبا الدبلوماسية الوطنية بلا منازع؛ لدرجة أن اسمه (حمدي ولد مكناس) ارتبط عضويا بالسياسة الخارجية للبلد..
بيد أن جهود ترميم ما بناه الرواد عبر دبلوماسية هادئة، حكيمة وبعيدة النظر، تتطلب –أكثر من أي شيء آخر- كفاءات وطنية مقتدرة ومؤمنة بضرورة أن تتبوأ موريتانيا مكانتها الطبيعية في طليعة الأمم التي تساهم بشكل فاعل ومؤثر في صياغة النظام العالمي الجديد وتحديد ملامح صورته المستقبلية. كفاءات تزخر بها هذه البلاد، ولا تتطلب أكثر من توظيفها ووضعها في المواقع المناسبة التي تتيح لها خدمة البلد وإنجاح مسيرته الدبلوماسية الهادفة إلى فرض احترامها وعودة الثقة والمصداقية إليها.
ولقد برهنت بعض تلك الكفاءات -ميدانيا- على نزاهتها وقدرتها على القيام بالمهمة خير قيام ذلك أن المتابع لما تقوم به بعثات موريتانيا الدبلوماسية عبر العالم لابد أن تستوقفه نجاحات القائمين على سفارتنا في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.. نجاحات تجسدت في الحضور الفاعل والنشاط الحثيث لتلك البعثة في أبو ظبي، سواء على الحضور المشرف في كل الأنشطة والفعاليات التي تحتضنها الإمارات، أو في إنعاش أنشطة وتظاهرات ثقافية وفكرية تواكب ما يجري في موريتانيا من أحداث وتطورات؛ وسواء من خلال رعاية ومتابعة جاليتنا هناك، التي هي من أهم الجاليات الموريتانية في المهجر.
ويجمع أفراد تلك الجالية المتواجدة في مختلف الإمارات المكونة لدولة الإمارات العربية المتحدة، من أبوظبي إلى رأس الخيمة، ودبي والشارقة والعين وعجمان.. وغيرها.
يجمعون على أن هاذ الدور الفاعل والتواجد الفعلي أعاد إليهم الاعتزاز بالانتماء لموريتانيا، كما يجمعون على أن المستشار الأول في سفارة بلادهم هناك، محمد موسى ولد باباه، يضطلع بعمل جبار في هذا المجال، بل ويرجع الكثير من هؤلاء نجاح البعثة الدبلوماسية الوطنية في الدولة التي تستضيفهم إلى هذا الدبلوماسي النشط والحريص على سمعة وطنه ومواطنيه هناك..
ولعل من الجدير بالتنويه أن مثل هذه الكفاءات الفردية الناجحة في عملها تستحق التكريم والعناية من القائمين على الشأن العام في البلد، حتى تستفيد منها الأمة وأجيالها الحالية والقادمة، وحتى يعود لدبلوماسيتنا بريقها وألقها القديم.


محفوظ ولد أعبيدي


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!