التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:03:16 غرينتش


تاريخ الإضافة : 24.12.2009 12:59:37

خبايا عملية اختطاف الرهائن وسناريوهات تحريرهم من منظور إسباني

سيدي محمد طلبة مدريد

بعد مرور شهر تقريبا على اختفاء عمال الإغاثة الإسبانية الثلاثة على الطريق الرابط بين نواكشوط ونواذيبو، اكتملت الصورة لدى الاستخبارات الإسبانية حول الكيفية التي تم بها خطف المواطنين الإسبان على الأراضي الموريتانية ومن ثم نقلهم إلى مالي المجاورة. كما تم تحديد الخلفية الرئيسية من وراء العملية والسناريوهات المحتملة لإعادة المحتجزين إلى بيوتهم سالمين.

فلم يعد هناك أدنى شك لدى إسبانيا في أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أرادت، عندما أقدمت في 29 نوفمبر الماضي على خطف المواطنين الإسبان، الحصول على الموارد المالية اللازمة لتمويل أنشطتها في المنطقة فوق أي اعتبار سياسي آخر قد تورده في مطالبها من باب البروباغاندا. وهناك أيضا قناعة شبه كاملة بأن عملية الاختطاف كانت مبيتة ومخططة بشكل محكم ولم تكن "تلقائية" أو أتت من باب الصدفة، وأن التحرير سيتطلب بعض الوقت، وأن المختطفين نقلوا بالفعل إلى معاقل التنظيم في مالي. لكن كيف تمت عملية النقل؟ هنا تضع الاستخبارات الإسبانية احتمالين، أولهما أن يكون الخاطفون توجهوا مباشرة إلى معاقل القاعدة في مالي عبر الشمال الشرقي الموريتاني. وفي هذه الحالة لا بد أن يكون التنظيم يتوفر على بنية تحتية هامة في هذه المنطقة بالنظر إلى وعورة الطرق وصعوبة التضاريس وضرورة استخدام أكثر من سيارة واحدة من سيارات الدفع الرباعي، علاوة على الحاجة إلى التزود بالبنزين مرات عديدة. أمّا الاحتمال الثاني فهو أن يكون الخاطفون عبروا الجنوب الشرقي الموريتاني في طريقهم إلى مالي. وهذا طريق أكثر سهولة من حيث وضع الطرق الجيد نسبيا إلا أنه يخضع لمراقبة أكبر من الطريق الشمالي الشرقي بسبب وجود عدد كبير من الحواجز الأمنية عليه، وبالتالي لا بد أن تكون للخاطفين شبكة من المتعاونين بين أفراد الأمن الموريتاني سهلت مرورهم.

وحول ترجيح الدافع المادي من وراء عملية الاختطاف والتوقعات بأن يستغرق تحرير الرهائن بعض الوقت ، تستذكر الاستخبارات الإسبانية في هذا السياق أعمال الخطف التي طالت في السنوات الأخيرة عددا من المواطنين الغربيين على يد عناصر التنظيم وانتهت جميعها باستثناء حالة واحدة (مواطن إنجليزي تم إعدامه) بالإفراج عنهم بعد أشهر من الاحتجاز مقابل فدية مالية معتبرة. كما تذكر بأن المخطوفين مدنيون وقد لا يعتبرهم التنظيم "أعداء" يجب تصفيتهم من المنظور "الشرعي" مثل العسكريين.
سناريوهات التحرير
تؤكد الاستخبارات الإسبانية (بحسب ما أوردته وسائل إعلام إسبانية مختلفة) أن مجلس شورى القاعدة في المغرب الإسلامي الذي يضم أمراء "مناطق الحرب" حدد بالفعل شروط الإفراج عن الرهائن الإسبان إضافة إلى الرهينتين الإيطاليين والمواطن الفرنسي ولو أنه لم يتم بعد إعلانها على الملأ. وترى أن كون المخطوفين ينتمون إلى ثلاثة دول (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا) لديها قوات مرابطة في أفغانستان لا يضيف عوامل جديدة للخطط المتبعة في السابق من قبل تنظيم القاعدة في المغرب. وترى إسبانيا من شبه المؤكد أن التنظيم سيطالب في بياناته العلنية بالانسحاب من أفغانستان، إلا أن ذلك سيندرج فقط ضمن استراتيجية البروباعاندا المعهودة لديه وتكتيك طرح أكبر عدد من المطالب لا ييتم في النهاية التشبث سوى بعدد قليل منها يكون ملموسا وقابلا للتلبية على الأمد القصير. وبعيدا عن البيانات الدعائية الفضفاضة حول الحرب على "الصليبيين" والانسحاب من أفغانستان و"إقامة الخلافة الإسلامية" التي ستظهر في البيانات العلنية ذات الطابع الدعائي المحض، يرجح أن يقتصر التفاوض السري المتوقع إجراؤه في مالي على مسألتين هما الإفراج عن بعض عناصر التنظيم المعتقلين في بعض دول المنطقة ثم تحديد حجم الفدية المالية التي سيدفعها الغرب مقابل الإفراج عن مواطنيه. وفي هذا السياق، تعيد المخابرات الإسبانية إلى الأذهان أن عملية الاختطاف السابقة التي نفذها التنظيم ما بين ديسمبر 2008 ويونيو 2009 سمحت له بالحصول على أموال طائلة بالإضافة إلى تحرير بعض عناصره المعتقلين وضمنهم خبيران موريتانيا في المتفجرات كانا يقبعان في سجن غاو بمالي.

ويتوقع عملاء الاستخبارات الإسبانية أن تتخذ المفاوضات السرية حول الرهائن الغربيين الجدد تحت قبضة جناح القاعدة في المغرب الإسلامي نفس المنحى وألا يتحقق الانفراج إلا بعد مرور عدة شهور، لأن أي حل سريع سيعني تلبية جميع مطالب الخاطفين. كما لا تستبعد في الوقت ذاته شن عمل عسكري لتحرير الرهائن، خصوصا أن الدول المعنية (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا) لديها خبرة هامة في مجال محاربة الإرهاب وقد تدفع بمجموعات كوماندو إلى شمال مالي لتقوم بهذه المهمة. وفي جميع الحالات لا بد أولا من الحصول على مباركة الحكومة المالية التي تجنح أكثر إلى التفاوض مع مقاتلي القاعدة سعيا منها إلى عدم الدخول في مواجهة مباشرة معهم. وعلى الطرف النقيض توجد الجزائر، الأكثر تضررا من أعمال المتشددين الإسلاميين، والتي تعارض بشدة دفع الموارد المالية لهم مقابل الإفراج الرهائن. ويقر الخبراء الإسبان المتخصصون في شؤون الجماعات المتشددة أنه وعلى الرغم من تجربة التفاوض الناجحة السابقة مع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حول تحرير رهائن غربيين، يبقى من الصعب التكهن بما قد يقدم عليه قادة هذا التنظيم، إذ أنهم "قادرون على فعل الأسوأ"، وفق تعبير أحدهم.



Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!