التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:03:10 غرينتش


تاريخ الإضافة : 26.12.2009 10:26:31

نواكشوط عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 شنقيط....أين أنت؟

بقلم: حسنى ولد الفقيه  has.lefkih@yahoo.fr

بقلم: حسنى ولد الفقيه [email protected]

شنقيط : تحيل إلى أسماء وصفات نتغنى بها دائما وبنفس طويل ...طويل جدا... يستحيل معه الظفر بلحظة توقف تسمح لنا بالتساؤل الجاد عن السلطان الذي به نزلت
وبه رسخت في أذهاننا وفي أذهان غيرنا...

وهل ينزل مثلها إلا بسلطان عظيم من العقل والعلم... وهل يصان إلا به.....

لعل التاريخ اليوم أراد أن يتقصى أثر هذا السلطان عندنا، فقرر أن يتسلل وراء الأسماء التي سميناها والصفات التي ادعيناها، ليقف على حقيقة ما هي دالة أو غير دالة عليه...

فهل نكون هذه المرة على موعد معه، هو الذي عودنا على أن لا يستأذن...وأن لا يرحم: فإما أن يجدنا: نحن شنقيط وما أدراك ما هي، أو لا يجدنا إلا أثرا بعد عين
أولا أثر ولا عين أصلا ....

شنقيط أين أنت؟..... هذه فرصتك لتعطي للآخر عنوانك الصحيح....

في السبعينيات من القرن الماضي سأل كيسنجر أوربا – في سياق آخر- قائلا : أوربا، أين رقم هاتفك؟ يريد أن يجد لها عنوانا وكيانا متميزا تخاطبه الولايات
المتحدة الأميركية آنذاك .... سؤال هوية وكينونة.

ونحن اليوم، نواجه تحديا جوهريا وثيق الصلة بالهوية والكينونة، طرحناه على أنفسنا أم طرح علينا، لا فرق....

فالسؤال الذي تحاشيناه قد طرح الآن، وفترة الإعداد للإجابة عليه محدودة: سنة واحدة، ووقت الامتحان قصير: سنة واحدة أيضا... والمصححون ما بين شقيق قد يساعدنا ماديا لكن لن يسمح له بأن يجري الامتحان بالنيابة عنا ولا أن يبدع مكاننا، ومشكك أصلا فينا وفيما ندعيه لأنفسنا من أمجاد ومآثر ولا نتوقع رد كيده أبدا مهما أمطرناه بالحقائق الساطعة الباهرة... وعدو فينا ومنا مسكون بأمراض القلوب والجيوب، هويته ذاته أو قبيلته أو جهته أوعرقه أو مصلحته أو كل أولئك مجتمعا ولا ننتظر منه إلا الشر....

فهل نجتاز، والحال هذه، هذا الامتحان بيسر...

هل نتمكن من أن نقيم الدليل على أن التراث الذي نفتخر به حي فينا بأشيائه وآثاره وأسمائه وصفاته... فنربح الرهان ونضع الاسم على مسماه...

أم نفشل –لا قدر الله- فنصيب الشقيق بالإحباط، وندل المشكك على الحلقة المفقودة في سلسلة تحليلاته عنا:فيتشفى ويصدر حكمه القاسي غير القابل للاستئناف: مجرد أدعياء أنتم، باطل وزور وبهتان ما تروجونه.... ونعزز أراجيف مرضى القلوب والجيوب بأن الثقافة لا تؤكل ولا تشرب...

*****

على أية حال الامتحان حضر ولا مفر من دخول القاعة والجواب على الأسئلة...

"نواكشوط عاصمة الثقافة الإسلامية 2011".. إنه التحدي الكبير بدون شك... كيف نرفعه؟ كيف ننجح؟

للإجابة على هذه الأسئلة نحاول أن نبسط بعض الأسباب التي نرى أنها قمينة بأن تعين على النجاح، منها مبادئ عامة هي أقرب إلى المعايير الأخلاقية، ومنها
مقترحات عملية تشمل بعض النماذج لأنشطة ممكنة.

*أولا: المبادئ العامة*:

- الوعي بخطورة التحدي الذي تمثله هذه التظاهرة بحكم أنها مطالبة بالإجابة الواضحة المبينة عن سؤال هوية شنقيط التي ندعي الانتماء إليها ونسوق أنفسنا كورثة شرعيين لها.

- إدراك أن الفرصة متاحة بهذه المناسبة لإرساء قواعد لقراءة موضوعية لتاريخ وثقافة البلاد يشارك في وضعها نخبة من أهل الاختصاص دون إقصاء من أي نوع كان(عرقي، جهوي أو غيره)، تدمج فيها المكونات الأساسية لثقافتنا الإسلامية بما فيها من مضامين عقدية وفقهية وتصوفية وأدبية واجتماعية، وبما فيها من تقاليد شفوية ومكتوبة ومن عناصر عمرانية وأثرية .... وسيمهد تحقيق كل ذلك على أحسن وجه لتأسيس مرجعية جامعة في هذا الميدان تبرز مقومات وثوابت الأمة التي بها تحفظ هويتها وتصون وحدتها الوطنية، ومنها تستمد خصوصيتها وتدعم استقلالها وسيادتها.

- الحرص خلال كل فصول وفعاليات هذه التظاهرة على التزام مبدأي التوازن والإنصاف، بحيث يفسح المجال لكل نقطة من البلاد لأن تبرز إسهامها الخاص بها.

ويمكن لتحقيق هذه الغاية تشكيل لجان جهوية ذات فروع في كل المقاطعات والقرى تتألف أساسا من أهل الاختصاص المحليين، ودعمها عند الحاجة بكفاءات وطنية للتأطير والتوجيه ضمانا للفعالية.

- إفساح المجال لكل المبدعين ( من أدباء وفنانين من كل لون...) ليسهموا كل على طريقته في إحياء هذه المناسبة بما يليق بمقامها.

*ثانيا: مقترحات ملموسة: *

انطلاقا من المبادئ العامة المنوه بها أعلاه، ارتأينا أن نقدم في ما يلي مقترحات عملية يمكن الاستئناس بها في إعداد أنشطة هذه التظاهرة:

- تكليف اتحاد الأدباء الموريتانيين بإنجاز ملحمة شعرية تتغنى بأمجاد الوطن وتاريخه وأيامه ورجاله، يستعان على إخراجها الفني والسينوغرافي بكفاءات عربية وإسلامية متميزة. وتكون هذه الملحمة معدة للحفل الافتتاحي للتظاهرة.

- يعهد إلى مهندس معماري تصميم معلم ثقافي بارز تخصص له مساحة متميزة في العاصمة، يسمى مثلا "ساحة المرابطين"، ويكون مؤلفا من عناصر متعددة يرمز كل
منها لوجه من أوجه تنوعنا الثقافي. ويمكن اللجوء في تحقيق هذا المعلم الذي تفتقر عاصمتنا لمثله إلى خبرة وتمويل بعض الدول الإسلامية الشقيقة كماليزياالتي تربطنا بها علاقات ومصالح اقتصادية.

- تكليف لجنة علمية متميزة بإعداد موسوعة ثقافية وطنية تعرف بأعلام البلد وبأوجه تراثه العلمي والثقافي المختلفة، مستندة على مسح شامل لجميع مناطق
البلاد.

- مساعدة المدن التاريخية على استعادة أدوارها الثقافية الأساسية في المساجد وفي الكتاتيب والمحاظر وفي تقاليد المديح والأناشيد الدينية، تمهيدا لتوظيف كل
ذلك في فعاليات إحياء التظاهرة.

- إعداد قائمة تضم أهم الشخصيات العلمية في البلاد، تختار منها 1000 شخصية موزعة بعدالة على جهات الوطن تطلق أسماؤها على الشوارع في العاصمة وفي عواصم الولايات وكبريات المدن.

- انتقاء مائة مخطوط وطني (90 منها موزعة بعدالة على جهات الوطن, و10 منهاوطنية متميزة)لطباعتها خلال سنة التظاهرة بمعدل عشرة كتب كل شهر بمساعدة بعض الدول الصديقة والشقيقة.

- العمل على إعادة تأهيل المتحف الوطني ليكون على مستوى لائق بمكانة وأهمية تراث البلد من حيث كم المعروضات وكيفها. واستحداث متاحف في المدن التاريخية على الأقل ومدها بالوسائل اللازمة.

- مكاتبة جميع الدول العربية والدول الإسلامية المهمة للإسهام في إنجاح هذه التظاهرة كل حسب خصوصيته واستعداده. على أن يطلب من كل بلد أن ينظم أسبوعا
ثقافيا في إطار التظاهرة، تحدد ملامحه العامة من قبل لجنة التنظيم التي ينبغي أن تكون لديها برمجة جاهزة لكل الأسابيع الثقافية قبل نهاية 2010.

- مطالبة كل ولاية بأن تنظم أسبوعا ثقافيا في العاصمة تبرز فيه خصوصيتها.

كانت تلك خواطر مبعثها قلق مني مشروع على مشروع "نواكشوط عاصمة للثقافة
الإسلامية 2011"، الذي نتمنى له النجاح.

وأعود على بدء لأكرر أن شرط النجاح الأول والأخير هو إدراك خطورة التحدي الذي
يمثله هذا المشروع والإحساس بجسامة المسؤولية المترتبة عليه.



والله الموفق ومن وراء القصد


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!