التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:02:39 غرينتش


تاريخ الإضافة : 09.01.2010 12:12:10

من اجل إصلاح شامل ل "أكنام"

بقلم الأستاذ المهدي ولد محمد كابر

بقلم الأستاذ المهدي ولد محمد كابر

لقد كثر الحديث حول الصندوق الوطني للتأمين الصحي وتجاذبت المواقف حوله بين مادح وقادح وقد صدرت هذه المواقف عن جهتين: الأولي: العاملون في هذه المؤسسة كما في حلقة التلفزة التي فاتها أن تكون مباشرة حتى لا تكون وسيلة للدعاية المجردة وإن حصلت اعترافات خلالها ببعض النواقص وتم الوعد بإصلاحها وهو الأمر الذي ما زلنا ننتظر بعضه. أما الجهة الثانية فهي بعض المستفيدين منه لكن ملاحظاتهم لم تستطع أن تقدم وصفا دقيقا لعيوب الصندوق.
وإن كنت لا أدعي الإحاطة بكافة قضايا الصندوق كما أن ملاحظاتي قد لا تكون خيرا من ملاحظات غيري إلا أنني عايشت نمطي التعامل مع الصندوق:المعاملة الداخلية والمعاملة الخارجية .وأحسب أنني ـ كما يشهد بذلك برلمانيون ودبلوماسيون وموظفون كثر وجماعات من عامة الناس شاهدوا بأمهات أعينهم ما قمنا به في هذا المجال ـ أحسب أنني أول من رفع الصوت عاليا ضد نواقص الصندوق وأول من كتب عنها وأول من قارع وجوه الفساد فيه داخليا وخارجيا مما جعلني ضحية لتشابك مصالح المفسدين فيه وقد كتبت عن ذلك إلي الجهات المعنية :إدارة الصندوق ووزارة الصحة العمومية في تونس وفي موريتانيا وإلي رئاسة الجمهورية وقد لقيت هذه المراسلات استجابات سريعة من هذه الجهات سوي المعنيين بالفساد والذين ما زالوا مصرين علي المقارعة ولكن وعود السيد وزير الصحة أمام البرلمان تثبت عزمه علي إصلاح ما أفسده أولئك المفسدون وفقا للتوجيهات الصارمة من السيد رئيس الدولة الذي يعطي اهتماما خاصا بهذا الموضوع ويتابعه شخصيا ونحن نملك الأدلة علي هذا لمن شاء الإطلاع عليها كما نملك الأدلة علي سعي السيد الوزير والسيد المدير الحالي الجاد والد ؤوب في تنفيذ تلك التوجيهات والعمل علي إصلاح الصندوق .
وهنا نود أن نشير إلي المراحل التي قطعها الصندوق حتى الآن منذ تأسيسه بالمرسوم رقم 006/2005 بتاريخ : 29/09/2005 فقد مر الصندوق بمراحل ثلاث :
الأولي : مرحلة التأسيس وقد اتسمت بالسلطة التقديرية التي مكنت السيد المدير حينها من تعيين من يشاء وإعطاء ما يشاء لمن يشاء سواء كان هو من تعمد ذلك أو خضع فيه لأوامر فوقية.
أما المرحلة الثانية فقد اتسمت بالفوضى المالية التي بلغت حد إفلاس الصندوق ولم يسلم منها من العاملين فيه إلا من رحم ربك .
أما المرحلة الثالثة فقد بلغت أقصي الحدود في فوضى الاكتتاب حيث عين السيد المدير حينها خلقا كثيرا لا علاقة لهم باختصاصات الصندوق مقابل أجور فاحشة ومن دون مهام محددة .
أما المرحلة الحالية فقد انقلب الصندوق فيها إلي خلية نحل تعمل ليلا نهارا علي إصلاحه: بإشراك الجميع في تقديم الرأي ليس فقط من داخل الصندوق بل ومن خارجه، فتقررت سلاسل طويلة من الاجتماعات لا يغيب عنها حتى البوابون ويطلب من الجميع تقديم آرائهم وقد بدأت نتائج ذلك تظهر وقد اعترف السيد الوزير أمام البرلمان بأن المدير الحالي وجد أمامه 6000 ملف منسية أكمل معالجتها وحدد نظاما صارما للتعامل مع الملفات الجديدة وقد تحمل السيد المدير العام القسط الأكبر من ذلك حيث يبدأ العمل مبكرا ويبقي مرات كثيرة داخل مكتبه حتى بعد منتصف الليل .ولن يجد الزائر لمكتبه ملفا دخل إليه دون إحالة فورية إلي الجهة المختصة أو للتنفيذ وأتحدى أي أحد يثبت العكس ولكنني أنتهز الفرصة لأقول له ولغيره ممن يعملون علي الإصلاح أن يصلحوا أولا من حولهم حتى يتمكنوا من تنفيذ ما يريدونه وإلا فستبقي عقدة في "مصارين" الصندوق تمنع نزول أو صعود ما يمر بها من قرارات أو آراء أو شكاوي ولست هنا أعمم فمن بين العاملين في الصندوق كثير من الأفراد النزهاء والعاملين المخلصين الذين لا يخفون علي أحد لكن الفترات السابقة خلطت الحابل بالنابل حتى لم يتمكن هؤلاء من أن تميزوا بشيء وإن كانوا هم حقيقة من يمثلون الوجه الناصع للصندوق وهم من يبقون علي بعض الخير فيه .
وأخلص إلي صميم عمل الصندوق وأقول إن عيبه الأساس هو كونه أصبح وسيلة لتبيض الأموال بإرسالها إلي الخارج والاستنكاف عن صرفها في الداخل مما تولد عنه استنزاف كبير لأموال الصندوق لصالح مؤسسات خارجية وقد ترتب علي ذلك مجموعة من العيوب لا يستطيع أن ينكرها أو ينفيها أحد أولها تقزيم دور أطبائنا ونكران أفضليتهم علي أقرانهم في الخارج ممن يعترفون لهم بالتفوق عليهم ويستنكرون تجاوزهم والسبب في ذلك أن الصندوق بدل أن يبذل ما أنفقه في الخارج كان لزاما عليه أن يصرفه في توفير الأدوات التي مكنت الأجانب من التقدم علي أطبائنا : (أجهزة التشخيص والفحص المتطورة، والظروف الجيدة للعمل...) وثانيها انتزاع الثقة من مؤسساتنا الصحية سواء المستشفيات أو المصحات وذلك بدعاوي باطلة وبحجج واهية ودعايات رخيصة تقول إن هذه المؤسسات لا تملك الكفاءة التي تمكنها من إسناد العلاجات موضوع الرفع إلي الخارج إليها فالمصحات التي يتم الرفع إليها أقل كفاءة وأكثر تلاعبا بمصالح المرضي وأشنع تبديدا لأموال الصندوق ولنضرب مثلا علي ذلك يكفي أن ننظر الملف الذي سننشره لا حقا عن مصحات المنار بتونس والتي كادت تكون المصحة الوحيدة التي يتم الرفع إليها خارجيا لحاجات في نفوس من عملوا علي ذلك. ولو أن الصندوق وجه واحدا علي الألف (1/1000) مما أنفقه علي هذه المصحة وحدها لكان أقام أكبر مؤسسات صحية لا تغطي العلاج وطنيا فحسب وإنما تستقطب علاج مرضي الدول المجاورة .ونحن مستعدون لإثبات ما ذهبنا إليه كما أثبتنا من قبل نفي ما أصر عاملون في الصندوق علي ترديده من عدم استجابة المستشفيات الحكومية الأجنبية ـ الأرخص تكلفة والأحسن كفاءة ـ للتعاقد مع الصندوق (الرسالة رقم 1836 بتاريخ 03/11/09 والرسالة رقم ) وهذه أمور موضوع مراسلات قدمتها للجهات المختصة حتى قبل التفكير في إصلاح الصندوق (رسالة رقم 1804 و1803 بتاريخ 01/11/09 رسالة من تونس بتاريخ 30/06/09 رسالة رقم 2553 بتاريخ 02/07/09) .
إن ما يضاف للطب في الخارج من مزايا يرجع أولا إلي وجود اختصاصات منعدمة بالداخل كعلم نفس الأطفال مثلا أو مراكز علاج وتأهيل ذوي الإعاقة ... وثانيا إلي وجود أدوات للفحص والتشخيص والعمليات ... منعدمة عندنا أو لوجود أدوية سالمة من التزوير كما هي حال أغلب الأدوية عندنا.
أما الكادر الطبي فمن بين أطبائنا عمالقة بزوا أقرانهم في العالم كله حتى أنهم أصبحوا أعضاء في المحافل الطبية الدولية يرجع إليهم في اختصاصاتهم وإن كانت لبعضهم نواقص لن يستطيعوا الفكاك عنها إلا بإصلاح شامل للقطاع ولظروف العاملين فيه . إن ما نطلب به مصحاتنا يتحتم
ـ إذا كنا فعلا ننطلق من معايير موضوعية ـ أن نلزم به المصحات التي نرفع إليها مرضانا ولو فعلنا ذلك لانحلت عقد كثيرة كتكاليف المرافقين مثلا، فلو أن الخدمات التي تعاقدت عليها تلك المصحات مع الصندوق تم احترامها لما كان ثمة حاجة لأي مرافق إذ أن الخدمات تبدأ من الوصول إلي المطار حتى العودة في الطائرة بما في ذلك النفقة والسكن والاستحمام وغسل الثياب والتنقلات ناهيك عن العلاج فحين توفر جميع هذه الخدمات المحسوب عليها في الاتفاقيات تنعدم الحاجة إلي المرافقين كما أنه أسهل علينا أن نعمل علي إلزام مصحاتنا بالشروط التي نريدها منها (من تسعيرات ودفاتر التزامات وتوفير للخدمات الصحية التي تمكن من التعامل معها...) إن هذا الإلزام أسهل علينا من توليتها الظهور وغمطها حقها وتصويب الأموال إلي مؤسسات أجنبية ديدنها إرضاء قلة من المرضي علي حساب صحتهم وعلي حساب أموال دولتهم دون مراعاة لأي شرع أو قانون وبتمالئ مع قلة من داخل الصندوق ممن امتهنوا المتاجرة بأمواله وتبيضها عن طريق تلك المصحات .
إن قصدي من هذه الكتابة ليس التحامل علي زيد أو الدعاية لعمر فهما لا يعنياني في شيء وقد مررت في حياتي بتجارب كثيرة يعرفها عني كل من يعرفونني ملخصها أنني لا أسكت عن حق ولا أطبل لباطل وهي الصفات التي استبعدني عليها الكثيرون ممن عملت معهم .
إن قصدي يكمن في تقديم صورة موضوعية تخلط بين رؤية العاملين في الصندوق ورؤية المؤمنين وتنطلق من وقائع موثقة .
وإنني أعد من اطلع علي هذا الموضوع أن أقدم له المزيد من المعلومات والوثائق حتى يتمكن هو بنفسه من الحكم علي ما كتبته ليتبين صحته وكما يقول المثل عندنا "أدرك ما ينكس" فمن عنده نفي لما أوردناه فليتقدم به فحق الرد محفوظ لكل أحد كما هو مطلوب منه .
وحتى الجولة الثانية من هذا الموضوع تقبلوا أصدق تمنياتنا بأن يسلم أصحاؤنا من المرض وأن يشفي مرضانا وأن تصرف أموال الصندوق في ما وضعت له وأن نحيد به عن أن يكون مجرد مؤسسة للتوظيف يتقاضى العاملون فيها أضعاف ما يتقاضاه من تجمع عليهم أموالها وأن يقطع الله دابر من يتخذونها وسيلة لتبيض الأموال والإثراء المقزز علي حساب مرضي ضعفاء لا يملكون حيلة ولا تنقطع آلامهم إلا بانقطاع أرواحهم لتنشأ عنها أمراض لمن حزنوا عليهم فتمتلئ بهم القبور التي يتخاصم أولئك السماسرة ومصاصو الدماء علي البناء فوقها.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!