التاريخ: 20.09.2024  التوقيت:16:36 غرينتش


تاريخ الإضافة : 14.01.2010 11:48:03

سيدي ولد أحمد ديه: تمكنا من استرجاع مبالغ هامة باتفاق مع المعنيين باختلاسها

المفتش العام للدولة: سيدي ولد أحمد ديه

المفتش العام للدولة: سيدي ولد أحمد ديه

يتحدث الرجل الذي عاصر التفتيش في موريتانيا منذ النشأة الأولى للقطاع، وفتش في كل الأنظمة، وتربع أخيرا على عرش "مملكة التفتيش" (المفتشية العامة للدولة) يتحدث عن المهنة التي ألف منذ التحاقه بالوظيفة العمومية بكل أريحية وحذر.

لا يرفض الأسئلة المتعلقة بالملفات الحساسة مثل تفتيش الرئاسة، وإن كان يجيب عنها باقتضاب، وبلغة حريرية ناعمة.
المفتشية العامة للدولة التي يديرها اليوم الوزير السابق والإداري المالي سيدي ولد أحمد ديه تثير جدلا بطريقة انتقائها للملفات، واختيارها للمسؤولين، وتحايل هؤلاء عليها ومصير التقارير التي تعدها المفتشية والإطار القانوني الذي تتحرك فيه.

الأخبار حملت هذه الأسئلة وغيرها إلى المفتش العام للدولة سيدي ولد أحمد ديه ففتح لها أبواب مكتبه ورد عليها فكانت المقابلة التالية:


المفتشية الرؤية والإطار




الأخبار: سنبدأ معكم بمسألة الرؤية، ما هي رؤيتكم في مفتشية الدولة لمحاربة الفساد؟ وهل بدايتها تكون بالسياسة أم بالقانون؟

سيدي أحمد ولد أحمد ديه: المفتشة العامة للدولة جهاز رقابي ذو طبيعة خاصة تابع للوزير الأول تتلخص رؤيته الأساسية في الحفاظ على استقامة الشأن العام وإضفاء مستوى من الأخلاقية على تسيير المال العام من خلال الرقابة البعدية التي تقوم بها؛ ذلك أن غياب التسيير الشفاف والسليم للممتلكات العمومية والخدمات التابعة للدولة يعني بالضرورة استحالة الوصول إلى تنمية مستديمة والسيطرة على الفقر الذي ينخر في جسم الأمة.

تلك إذن هي رؤية المفتشية وهي محددة في المادة السادسة من المرسوم رقم الصادر بتاريخ والتي تقول:
يعهد للمفتشية للدولة بمهمة عامة ودائمة في مجال الرقابة والتدقيق والتحقيق لتحقيق الأهداف التالية:
• إشاعة الحكم الرشيد وتحسين أداء الإدارة العمومية وكذا علاقاتها مع المستفيدين.
• تحسين تسيير الشؤون العامة ومحاربة لرشوة ومختلف التجاوزات ذات الطابع الاقتصادي والمالي.
• تقييم السياسات والبرامج العمومية للرف من مردوديتها وتحقيق الأهداف المنتظرة.
• مراجعة الحسابات وما يمكن إسناده في إطار تسيير الشؤون العامة من خلال بحث ومعاينة التجاوزات في مجال التسيير واتخاذ العقوبات اللازمة.

أما الشق الآخر من سؤالكم فأنا لا أرى فرقا بين السياسة والإدارة وللأسف التمييز الذي يحرص عليه البعض ديماغوجي أكثر منه موضوعي فالسياسة هي التي تحدد الخطوط العامة للدولة من خلال برامج واضحة انتخب السياسيون على أساسها وتعهدوا بها ضمن عقد اجتماعي بينهم والمواطنون الذين اختاروهم لهذه المهمة والإدارة هي الأداة القانونية والجهة التي ينفذ من خلالها هذا البرنامج وبالتالي لا تناقض بين الاثنين بل إنهما يتكاملان.
فالكل يسعى لبناء دولة القانون وهي الأداة التي تمكن من بناء دولة المؤسسات.


الفساد ممارسة للجميع


الأخبار: هل من فكرة عن الفساد في الأنظمة المتعاقبة في البلاد؟
ولد أحمد ديه: أولا يجب أن يعلم الجميع أن الفساد ظاهرة كونية بدأت منذ وجد الإنسان والصراع بين الفساد والإصلاح جار منذ القدم وهو أيضا كوني.

وبخصوص سؤالك لست متفقا مع جوهره في حصول تغييرات في هذه البلاد قبل الآن , صحيح أن هناك تغييرات في الأشخاص والحكومات لكن النظام الذي حكم البلاد من الاستقلال حتى الآن لم يتغير في أساليبه وفلسفته رغم محاولات خجولة لم توفق في الاستمرار ولم تستطع الصمود أمام الواقع المتجذر والناتج أساسا عن غياب الدولة المركزية.
وكما تعلم انه كلما ضعفت الدولة المركزية أو لم توجد أصلا طغت التيارات الفئوية وتولدت عنها المحسوبية والرشوة والسطو على المال العام وتفشت الأخلاق الساقطة وانحلت الروابط والأنسجة الاجتماعية فاتحة الباب أمام الصراعات المحلية الضيقة والأطماع الخارجية ونفوذ العصابات الإرهابية وكل المظاهر السلبية الناجمة عن عدم النظام والانضباط الموضوعيين.

وفي المقابل حيثما وجدت الإرادة السياسة والدولة العادلة والقوية والمواطن الواعي والمعد فنيا وأخلاقيا في أطار إدارة عامة مؤطرة ومسيرة بكل موضوعية تراجع الفساد وذل المفسدون.
وأملنا كبير في إرادة القيادة السياسية الحالية أن تتابع محاربتها المعلنة للفساد والمفسدين وان تحصل - بعد ما نالت ثقة غالبية الشعب الموريتاني - على تفهم وعون القوى السياسة المنظمة والجهاز الإداري، حينها نكون قد بدأنا فعلافي تغير النظام الذي حكم البلاد لأزيد من خمسين سنة فاتحين بذلك صفحة جديدة في تاريخ بلدنا.
وبكل تأكيد لن يتأتى الإصلاح المنشود إلا بإصلاح الجهاز الراداري من خلال مراجعة عميقة ومتأنية تجعل منه أداة تنمية وتوزيع عادل للموارد بين كل الأفراد ونشر العدل والمساواة.
عندها ستفرض الإدارة احترامها وتعزز الثقة فيها بحسن أدائها وعدم المساومة أو التخلي عن صلاحياتها لأي كان.

سيدي ولد أحمد ديه في سطور:
1974 شهادة مفتش ضرائب من الجزائر.
عين مفتش ضرائب في نفس السنة.
76 رئيس قسم الضريبة غير المباشرة.
79 عين واليا مساعد بانواكشوط.
80 تخرج من المدرسة الوطنية للإدارة إداريا ماليا، ليعين مفتشا عاما مساعدا.
ثم واليا لولاية لعصابه.
1981 أمينا عاما لرئاسة الحكومة.


نؤثر التحاور ورد المبالغ المختلسة


الأخبار: هل بالإمكان أن تعطوا القارئ فكرة عن أهم الملفات التي باشرتها المفتشية منذ إنشائها وأهم الاختلاسات التي عثرت عليها؟
ولد أحمد ديه: لا أريد التحديد هنا لكن أؤكد لكم أننا عثرنا على العديد من الملفات الشائكة بل إن حالات التفتيش الكثيرة التي نقوم بها غالبا ما تكشف لنا عن حجم فساد أكبر مما كنا نتوقع في تلك المؤسسة ونادرا ما نجده بحجم توقعاتنا ولا أتذكر أنه وجد دون التوقعات.

الأخبار: مقاطعا بلغة الأرقام كم أعادت المفتشية حتى الآن ؟
ولد أحمد ديه: كل الذي أستطيع قوله إن المبالغ المختلسة كبيرة وأنها تمثل نسبا معتبرة من ميزانيات الدولة.
ونحن الآن بتوجيهات من رئيس الجمهورية ناقشنا مع جميع المسؤولين عن إعادة بعض المبالغ سبل استرجاعها.
و المفتشية الآن بصدد تقديم تقرير للسلطات العليا لاطلاعها على ما وصل إليه الملف بعدما تجاوب اغلب المعنيين مع هذه الخطة التي اقتضى تطبقها التوصل إلى نتائج ايجابية بالاتفاق معهم تم بموجبه –في اغلب الحالات- استرجاع مبالغ هامة لخزينة الدولة.


الحيل وغياب التخطيط


الأخبار: إحدى المعضلات التي تواجهكم هي أساليب المختلسين هل بالإمكان إعطاء فكرة عن أساليب المختلسين؟
ولد أحمد ديه: هناك أساليب متعددة منها ما يتعلق بالفوترة كزيادة الفواتير لتصل لأضعاف السعر الأصلي ومنها الشراء الوهمي للمعدات وتوثيقها وهي لم تستلم من عند المورد أصلا بل وتكون بدون علمه أحيانا وهناك العمال الوهميون وتزوير مستندات التكوين والسفر والصحة .. الحيل كثيرة لكن الطاقم أصبح يعرفها ويعرف كيف يكتشفها.

الأخبار: هذه حيل تقليدية ألا تخشون من تطور حيل المختلسين؟
ولد أحمد ديه: أظن أن الاختلاس في أفول وأن سياسة مواجهته بدأت تؤتي أكلها فالكل يعلم أن هناك رقابة وأنه سيساءل عن المال العام لا أنكر أن البعض قد يلجأ لطرق أخرى لكن سيكتشف لا محالة ويعرف أن وراءه محاسبة ورقابة نابعة من إرادة سياسية صارمة وهذا هو أهم رادع.
ومع ذلك فإن المفتشية لن توقف فوسائل رقابتها أيضا في تطور وستواكب كل التطوات التي تطرأ على ما سميته حيل المفسدين.

الأخبار: ليست هناك خطة عمل معلنة من طرف المفتشية العامة مما يجعل البعض يعتقد أنها أداة في يد الوزير الأول ما هو تعليقكم ؟
ولد أحمد ديه: المادة السابعة من المرسوم المنشئ للمفتشية تحدد بوضوح طريقة عمل المفتشية حيث تنص: يقوم أعضاء المفتشية العامة للدولة بإدارة مهام التدقيق والدراسة والتقييم والرقابة إما بناء على طلب من الوزير الأول، أو طبقا لبرنامج محدد على مستوى المفتشية العامة.
هذا نص واضح فهي جهاز كما أسلفت تابع للوزير الأول ورئيس الجمهورية ومن حقهما أن يصدرا تعليماتهما لها والقانون واضح في ذلك.

الأخبار: لكن المادة تقول (...) بناء على طلب من الوزير الأول أو أو طبقا لبرنامج محدد على مستوى المفتشية العامة أنتم الآن تنتظرون أوامر الوزير الأول أم عندكم خطة رسمتموها انتم لتفتيش كل المؤسسات؟
ولد أحمد ديه: نحن نعمل بالطريقتين معا عندنا برنامج عمل سنوي محدد ننفذه ونتلقى أوامر من رئيس الجمهورية والوزير الأول كما تنص على ذلك المادة السابقة بل إننا أحيانا نفتش بناء على شكوى من مواطن أو بناء على معلومات من أي جهة مسؤولة، سواء كانت إعلامية أو إدارية.

الأخبار: خلال فترة رئاسة أول رئيس للمفتشية كان عملها مكشوفا للجميع بفعل علنية التقارير التي تصدرها بعد ذلك لم يعد معروفا ما تقوم به المفتشية ولا في أي نقطة يرتكز عملها؟
لا أريد التعليق على عمل المفتشين السابقين ولا على جهودهم الكبيرة التي بذلوها لكن وكما تعلمون فإن الهدف الأساسي هو تسوية الملفات بشكل ودي فليس من أهداف المفتشية التشهير بالأفراد بل إن هدفها ينحصر أساسا في محاربة الظاهرة وإعطاء منافذ وفرص للمعنيين لتسديد المبالغ المطلوبة وأظن أن الإعلان –على الأقل من وجهة نظري – يؤثر سلبا على هذا الهدف و القانون واضح حيث ينص على أن المفتشية بعد إنهاء التفتيش توجه نسخة من تقريرها إلى رئيس الجمهورية وأخرى إلى الوزير الأول ونحن نعمل وفق هذا النص القانوني.
وبالمناسبة فكل التسريبات الإعلامية في هذا الصدد تأتي عن طريق المفتشين (بفتح التاء) وليس عن طريق المفتشين (بالكسر).

87 عين المراقب المالي للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
88 أمينا عاما لمنظمة استثمار نهر السنغال.
1989 مديرا عاما لشركة صونادير.
ثم مديرا عاما لاتحاد بنوك التنمية.
وظل منذ 1992 خارج الإدارة إلى أن عين مفتشا عاما للدولة بعد انقلاب السادس من أغسطس 2008.


شركاء في التفتيش


الأخبار: منذ إعلان السلطات الحالية الحرب على الفساد لم تفتح الدولة واحدا من الملفات التي حققت فيها المفتشية في مقابل حيوية في فتح ملفات أخرى لا علاقة للمفتشية بها هل هناك أجهزة موازية تقوم بنفس وظائفكم ؟
ولد أحمد ديه: أولا ملاحظتكم غير دقيقة تماما فهنالك ملفات مثارة منبثقة أصلا عن تقارير المفتشية وفي جميع الأحوال فان عمل المفتشية العامة للدولة تتداخل فيه ثلاثة جهات أساسية إدارية وسياسية وقضائية إدارية هي عملية التفتيش التي تقوم بها المفتشية وترفع تقريرها إلى الجهات العليا التي تقرر وفق الإرادة السياسية هل من المصلحة العامة تسوية الملف أم إحالته للقضاء .

والمفتشية العامة للدولة ليست الجهة الوحيدة التي تمارس الرقابة الإدارية فهناك من هيئات عدة التي تمارس الرقابة الإدارية وفق النصوص المنظمة لها


من يفتش ومن لا يفتش


الأخبار: لماذا لم تنبس المفتشية ببنت شفة حول ملف رجال الأعمال ؟

ولد أحمد ديه: هذا الملف لا يعني المفتشية من قريب ولا من بعيد ملف وضع أمام القضاء نتيجة شكوى من البنك المركزي وتمت تسويته أخيرا ولله الحمد
الأخبار: وعلى علاقة بهذا الملف هل كل مؤسسات الدولة داخلة تحت سلطة تفتيشكم مثلا البنك المركزي؟
ولد أحمد ديه: كل مؤسسة تسير مالا عاما للدولة الموريتانية تدخل ضمن اختصاص تفتيشنا بما في ذلك البنك المركزي لكن البنك المركزي يسير بالأساس عمل البنوك واحتياطي الصرف وليس من أولوياتنا تفتيشه في المرحلة الراهنة.

الأخبار: والرئاسة رغم ميزانيتها الطائلة من يفتش الرئاسة ؟
ولد أحمد ديه: نفتش كل المؤسسات إلا تلك التي استثناها القانون.

الأخبار: وما هي تلك المؤسسات التي استثناها القانون ؟

ولد أحمد ديه: الجيش لان أعداده وعتاده وأماكن تواجده معلومات خطيرة لا يمكن أن تكون موضع تفتيش وكذلك البرلمان مستثنى أيضا وقوى الأمن كذلك لكن هذا لا يعني أن القانون وضع الحبل على الغارب لمسيري هذه المؤسسات بل هناك هيئات تفتيش لكنها ذات طبعة خاصة والقانون جعلها داخلية .

الأخبار: أحد تقارير المفتشية العامة سنة 2007 تحدث عن اختلاس ضريبي بأكثر من أربع مليارات من طرف تسعة بنوك هل أعادت تلك البنوك هذه المبالغ؟
ولد أحمد ديه: عليك أن تسأل إدارة الضرائب نحن ليس من صلاحياتنا استرداد تلك المبالغ كل ما يتعلق بالضرائب من صلا حيات إدارة الضرائب نحن قد نسجل تهربا ضريبيا ما لمؤسسة ما، من خلال تفتيشنا لها لكن استرداد تلك المبالغ ومعاقبة تلك المؤسسة من صلاحيات إدارة الضرائب وقانون الضرائب كما هو معروف هو المهيمن على جميع القوانين نظرا للصلاحيات الواسعة التي منحه إياها المشرع.

الأخبار: لا بد من ملف فساد في أي مؤسسة تفتيش هل الأمر دقيق أولا أم أن المفتشية سبق وان برأت ساحة مسؤولين أم أن الفساد في موريتانيا وصل إلى هذا الحد؟
ولد أحمد ديه: لا أتذكر أن هناك تفتيشا لم يرصد تجاوزات قد تكون متفاوتة الخطورة لكنها عامة أو مما عمت به البلوى كما يقال قد يكون من أسباب ذلك أننا في الغالب لا نذهب للتفتيش إلا بعد الاشتباه.

الأخبار: أخيرا من يفتش المفتشية ومن يراقب عملها؟
ولد أحمد ديه: ليست هناك ميزانية تسيرها المفتشية وعملها يخضع لنظام الرقابة السلمية.
الأخبار: شكرا جزيلا.
ولد أحمد ديه: شكرا لكم.


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!