التاريخ: 21.09.2024  التوقيت:03:12 غرينتش


تاريخ الإضافة : 18.01.2010 12:12:07

قانون الإرهاب...أم إرهاب القانون..؟؟؟

أحمد أبو المعالي كاتب وشاعر موريتاني مقيم بالإمارات
[email protected]
إن تعجب فعجب أمر بعض نوابنا الكرام ..ينتخبهم الشعب لتمثيله تحت قبة التشريع فيتحولون إلى أصداء حرفية لخطابات النظام ...يرضى النظام فيرضون ويتبادلون البسمات ..ويغضب النظام فيرسلون ما يدخرون من اللعنات.. هذا ما يستخلصه المتابع لجلسات الدورة البرلمانية الأخيرة التي انتهت منذ أيام
..فقد كشفت مجريات الجلسات أن نواب الأغلبية جاهزون لأن يبصموا ولو على قطع أعناق أو أرزاق الشعب .وهم يحاربون الفساد!ويدعمون برنامج رئيس الفقراء! ..همهم الوحيد إظهار كامل الولاء للباب العالي بالله .. و"معارضة "ما تقترحه "المعارضة "حتى ولو كان الصالح العام جليا فيه ...فمرحبا بزيادة الضرائب على المواد الأساسية وعلى البطاقات الرمادية للسيارات وعلى المكالمات ..أي على كل سلعة أساسية لدى المواطن المسكين..لكن حذار من زيادة الضرائب على السجائر لأن الباب العالي لم يأمر بذلك ....وبالتالي فالحذر الحذر من التأويل أو التحريف أو التعطيل ...
.وليس قانون الإرهاب بدعا في هذا السياق..ذلك القانون الذي دافع عنه نواب الأغلبية باستماتة رغم ما تضمنه من هنات جلية لا تقبل المزايدة أو التغابي .
إن موريتانيا بهذا القرار تنتعل حذاء أكبر من رجلها وبالتالي هي معرضة للانزلاق في أية لحظة ..فقد ظلت بلادنا بمنأى عن التطرف والغلو بالرغم من الهزات القوية التي عرفتها بعض الدول المجاورة و مجاورتها لجماعة الدعوة والقتال ..ولم يكن اسم موريتانيا مدرجا ضمن الدول المستهدفة لكن تصرفات نظام ولد الطائع غيرت تلك الرؤية عندما ارتمى في أحضان الكيان الصهيوني .وأعلن الحملة الشرسة على مظاهر التدين والزج بالعلماء والأئمة والدعاة في المعتقلات ..وتعرض بعضهم للتعذيب والتنكيل دون مبرر أو تهمة مقنعة ..فكانت لمغيطي بداية الاحتكاك المؤلم .وبالعودة إلى البيان الذي أصدره التنظيم حينها نجد السبب في اتهام النظام بما أسلفنا.مشفوعا بتهمة التحالف مع الصليبيين !.وكانت النهاية برحيل النظام .
وللأسف لم تكن الأنظمة المتعاقبة بعد ذلك مستعدة للعبرة من الدرس .بل وأكثر من ذلك استطاعت أمريكا زج النظام الحالي في حربها على عدو لم تستطع مخابراتها القوية وجيوشها الخضارم ..وأسلحتها المتطورة أن تتغلب عليه حتى استنجدت بالنظام في موريتانيا لتتبع القاعدة في المنطقة ..وبذلك أعلن النظام الحرب على نفسه ..ودخل في معمعة لا ناقة له فيها ولا جمل ..وبالتأكيد سيعض بنان الندم حينما يجد نفسه عاجزا عن مواجهة فكر متحرك ومتهور لا تحده جهة ولا سمة ...وحينما تتحول موريتانيا من ممر لهذا التوجه إلى مقر
- إن نواب "الإرهاب"وهم يرفعون أيديهم مصادقة على القانون يتجاهلون الكثير من الضبايبة المحيطة بهذا المفهوم ..فطبعا ليس هذا المفهوم ابنا شرعيا ل "الوطن" بل هو وصمة تبنتها أمريكا التي تصدر قائمة بالمنظمات الإرهابية التي تعنى بهذا القانون... وفي طليعتها حماس والجهاد وحزب الله وطالبان والمقاومة العراقية والشيشانية ..كما تشمل كل من يرفع شعار الإسلام ليقوم بأعمال عنف أو تقتيل .بحق أو بغير حق ..لكن بمجرد الخلو من الديانة الإسلامية يفقد المفهوم دلالته ..فالطالب غير المسلم الذي يقوم بمجزرة في جامعته ليس إرهابيا ...وقتل محجبة بدافع عنصري في محكمة أوروبية من غير مسلم ليست إرهابا ...أما "الرصاص المصبوب" وصب الفسفور الأبيض على النساء والأطفال والشيوخ العزل في غزة فهو دفاع عن النفس وحق طبيعي ..هذا هو مفهوم الإرهاب كما حدده المعنيون به مفهوما ومنطوقا..وليس من حق موريتانيا أن تباركه ثم تنوي الإيمان ببعضه والكفر بالبعض الآخر أو تأويله على هواها..
وبالعودة إلى النسخة الوطنية لا نجد تعريفا جامعا مانعا...مما يعني أنه يتطابق بالضرورة مع المفهوم العالمي .وليس تعداد الجرائم وآلياتها في التعريف المحلي مزيحا للإشكال.وعليه فإن الفقرة التي تجرم "امتداح منظمة إرهابية أو أحد قادتها وأنشطتها" تشمل تمجيد السيد حسن نصر الله والشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وخالد البطش وغيرهم .من الشخصيات التي يكن لها الموريتانيون جميعا –حتى بعض نواب الإرهاب- التقدير والاحترام.وكذلك للمنظمات المقاومة التي يمثلونها وفي حالة تجاهل العقوبة فمعنى ذلك أن موريتانيا شرعت نظريا ولم تلتزم تطبيقا.. وقد غالطت العالم مغالطة مكشوفة .وأما إن أرادت ذلك فإنما ترقم في الهواء وتضرب في حديد بارد..وكذلك يجب عليها وفق هذا القانون أن تضرب بيد من "قانون الإرهاب " على من يتظاهرون تأييدا للمقاومة في فلسطين ورفضا لمجازر الكيان وأن تصادر الأموال التي يتبرع بها الخيرون وأن تسجنهم كما يقتضي القانون معاقبة من يحصل "أموالا يعلم أنها مرصودة لتمويل تجمعات أو تفاهم أو أنشطة لها علاقة بجرائم إرهابية" وأي تهاون في هذا هو تهاون في تطبيق القانون ..وإذا أردت أن تطاع فمر بما يستطاع .
- وبالعودة إلى ما يخوله النظام للسلطات المعنية من إجراءات تعسفية ..من "اعتراض المكالمات الهاتفية والبرقيات لالكترونية أو أي بريد آخر للمشتبه "وتفتيش المنازل في كل وقت ..والحبس الاحتياطي أربع سنوات- نكبر أربعا على الحريات ...وهو ما يتناقض مع نصوص صريحة في دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية ..ويصادم المنظمومة الديمقراطية التي يطعنها النظام ثم يتحجج بذرائع كما تحجج بعض البرلمانين "الإرهابيين" لقانونهم بأن الوضعية الاستثنائية التي يعيشها البلد تحت تهديد الإرهاب تفرض هذا التشدد في القانون ..وتجاهل هؤلاء أن الأنظمة الاستبدادية التي تحكم بالطوارئ تردد ذات المعاذير وتقطع الرقاب بذات المعاذير ..وتصادر الحريات بذات المعايير ..وتهين كرامة الإنسان بذات المعاذير لأن هذه الأحكام الاستثنائية تشكل فرصة "لموت النعام كامل" كما يقول مأثورنا الشعبي ..فمن حق السلطات أن تتنصت على من تهوى وتفتش منازل من تهوى إزعاجه من " المغضوب " عليهم "الأشرار".وهذه شنشنة الأنظمة الدكتاتورية تتكئ على حالة الطوارئ والظروف الاستثنائية لتمرير تصرفاتها ونزقها وطيشها
وتبلغ صدمة القرار ذروتها باعتماد محاضر تحقيق الشرطة القضائية المتعلقة بقضايا الإرهاب وعدم الطعن فيها إلا في حالة تزوير المحررات...وأنا أدرك أن نواب"الإرهاب"يدركون أن أكبر تزوير قد يلحق بتلك المحاضر هو "الكرباج والسياط"..ولا تعليق!!!!!
ومن الطرافة المبكية التي عودتنا عليها التلفزة ما قامت به من تأييد لهذا القرار عن طريق مقابلات مع عامة في الشارع لا يعرفون عن الموضوع إلا ما يعرف محبر هذه الكلمات من أسرار النووي الإيراني ..لذلك شخصيا لم يفاجئني أن أحدهم أعلن في تنشج واضح عن تأييده المطلق لقانون"تجريم مكافحة الإرهاب"!! وشكك في وطنية المعارضين للإرهاب! ولم يفهم –كغيره- من المتحدثين مكمن الخطر والبلوى في القانون
أملنا كبير في أن يتمكن النواب الذين يسعون للطعن فيه أمام المجلس الدستوري أن يحققوا المأرب ..وأن يقفوا في وجه "إرهاب القانون"


Class SQL 1.1 | Database down. | Please contact [email protected] | Thank you!